ذاك اليوم

ستُدرك أن رصيدك من الأيام قد نفد، والفُرص لم تَعُد متاحة، والمسوَّفات لا يدَ لإنجازها، والفائت لا قدرةَ على قضائه، والناقص لا يمكن تكميله، إنه خطُّ النهاية، يجتازه الخلق على مراتبهم في الشدِّ، وليس من قوانين ذاك السِّباق أن تُعطى وقتًا بدل الضائع.

ستكتشف حينئذٍ قيمة خسارتك، بابتسامةٍ ضننت بها، أو كلمةِ اعتذار حبستها، أو شقِّ تمرة بخلت بإخراجها، أو لفظةٍ جرحت قلب سامعها، أو نيةِ سوءٍ أضمرتها، أو خطوة لقضاء حاجة كسِلت عنها، أو حومةِ مِراءٍ جادلت فيها، أو نصيحةِ حقٍّ كتمتها، أو لمزةٍ أطلقتها، أو همسةِ بهتانٍ لبريء رميتها.

سيهولك ميزان ذاك اليوم، فإنه يزِنُ بمثقال الذَّرِّ، وفمُك مختوم عليه، وجوارحك شهودٌ عليك، وما في الصَّدر مُحصَّل، ستتذكر جميع غدراتك من خائنة الأعين إلى أكبر بطشة بطشتها، ستقول مع كل واحدة منها هذه مهلكتي، وكفةٌ ترجح، وأخرى تطيش، والوزن يومئذٍ القسط، ولا يخفى من أمرك شيءٌ أبدًا.

ما زال بينك وبين خط النهاية متَّسع، وفي الأيام بقيَّة، وما قصُر عنه بصرك من الحقائق، تجلِّيه لك الآيات بقوة البصيرة، فاقرأ إن شئت (إذا الشمس كوِّرت) و (إذا السماء انفطرت)، فإنك بهما كراءٍ ذاك اليوم رأي العين.

ما زال في الوقت متَّسع، أصلح ما أفسدت، واجبر ما كسرت، وأكمل ما أنقصت، واستدرك ما فوَّتت، كن شجاعًا وأقر، وتوابًا ولا تُصر، وأوابًا فإلى الله المفر، من قبل أن يأتيَك ذاتَ فجأةٍ المحتوم، فتبلغَ الحلقوم.

"أحسِن فيما بقي، يُغفر لك ما سلف".

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين