نبي الرحمة (39)

غزوة فتح مكة 2

أبو سفيان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

ركب العباس- بعد نزول المسلمين بمر الظهران- بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البيضاء، وخرج يلتمس لعله يجد بعض الحطَّابةِ أو أحداً يخبر قريشاً، ليخرجوا يستأمنون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يدخلها.

وكان الله قد عمَّى الأخبار عن قريش، فهم على وجل وترقب، وخرج أبو سفيان وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء يتجسسون الأخبار. قال العباس: والله إني لأسير عليها- أي على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء، وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكراً. قال: يقول بديل: هذه والله خزاعة، خمشتها الحرب، فيقول أبو سفيان: خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها. قال العباس: فعرفت صوته، فقلت: أبا حنظلة؟ فعرف صوتي، فقال: أبا الفضل؟ قلت: نعم. قال: ما لك؟ فداك أبي وأمي. قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الناس، واصباح قريش والله.

قال: فما الحيلة؟ فداك أبي وأمي، قلت: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب في عجز هذه البغلة، حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأستأمنه لك، فركب خلفي، ورجع صاحباه. قال: فجئت به، فكلما مررت به على نار من نيران المسلمين، قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا عليها قالوا: عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بغلته. حتى مررت بنار عمر بن الخطاب، فقال: من هذا؟ وقام إلي، فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال: أبو سفيان، عدو الله؟ الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد، ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وركضت البغلة فسبقت، فاقتحمت عن البغلة، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودخل عليه عمر، فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان فدعني أضرب عنقه، قال: قلت: يا رسول الله، إني قد أجرته، ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذت برأسه، فقلت: والله لا يناجيه الليلة أحد دوني، فلما أكثر عمر في شأنه قلت: مهلا يا عمر، فو الله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت مثل هذا، قال: مهلا يا عباس، فو الله لإسلامك كان أحب إلي من إسلام الخطاب، لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من إسلام الخطاب. فقال صلى الله عليه وآله وسلم:(اذهب به يا عباس إلى رحلك، فإذا أصبحت فأتني به)فذهبت، فلما أصبحت غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رآه قال:(ويحك يا أبا سفيان، ألم يأنِ لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟)قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك؟ لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئاً بعد. قال:(ويحك يا أبا سفيان، ألم يأنِ لك أن تعلم أني رسول الله؟) قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما هذه فإن في النفس حتى الآن منها شيئاً. فقال له العباس: ويحك أسلم، وأشهد أن لاإله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، قبل أن تضرب عنقك، فأسلم وشهد شهادة الحق. قال العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فاجعل له شيئاً. قال:(نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن).

الجيش الإسلامي يغادر مر الظهران إلى مكة:

في ١٧ رمضان ٨هـ غادر صلى الله عليه وآله وسلم مر الظهران إلى مكة، وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها، ففعل، فمرت القبائل على راياتها، كلما مرت به قبيلة قال: يا عباس من هذه؟ فيقول: - مثلا- سُلَيمٍ، فيقول: ما لي ولسُلَيمٍ؟ ثم تمر به القبيلة فيقول: يا عباس من هؤلاء؟ فيقول: مُزَينةُ، فيقول: ما لي ولمُزَينةُ؟ حتى نفدت القبائل، ما تمر به قبيلة إلا سأل العباس عنها، فإذا أخبره قال: ما لي ولبني فلان؟ حتى مر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كتيبته الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلا الحَدَقُ من الحديد، قال: سبحان الله يا عباس من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المهاجرين والأنصار. قال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة. ثم قال: والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيماً. قال العباس: يا أبا سفيان، إنها النبوة، قال: فنعم إذن. وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة، فلما مر بأبي سفيان قال له اليوم يوم الملحمة، اليوم تُسْتَحَلُّ الحرمة، اليوم أذل الله قريشاً. فلما حاذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا سفيان قال: يا رسول الله ألم تسمع ما قال سعد؟ قال: وما قال؟ فقال: كذا كذا. فقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله ما نأمن أن يكون له في قريش صولة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم (بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز الله فيه قريشاً)ثم أرسل إلى سعد فنزع منه اللواء، ودفعه إلى ابنه قيس، ورأى أن اللواء لم يخرج عن سعد.

قريش تباغت زحف الجيش الإسلامي:

لما مر صلى الله عليه وآله وسلم بأبي سفيان قال له العباس: النجاء إلى قومك. فأسرع أبو سفيان حتى دخل مكة، وصرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد، قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة، فأخذت بشاربه فقالت: اقتلوا الحميت الدسم الأخمش الساقين، قبح من طليعة قوم. قال أبو سفيان: ويلكم، لا تغرنّكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاءكم بما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. قالوا: قاتلك الله، وما تغني عنك دارك؟ قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد. فتجمع سفهاء قريش وأخفاؤها مع عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو بالخندمة ليقاتلوا المسلمين.

الجيش الإسلامي بذي طوى:

مضى صلى الله عليه وآله وسلم حتى انتهى إلى ذي طوى- وكان يضع رأسه تواضعاً لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى أن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل- وهناك وزع جيشه وكان خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى- وفيها أَسْلَمُ وَسُلَيْمٌ وَغِفَارٌ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ وقبائل من العرب- فأمره أن يدخل مكة من أسفلها، وقال: إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصداً، حتى توافوني على الصفا.

وكان الزبير بن العوام على المجنبة اليسرى، وكان معه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمره أن يدخل مكة من أعلاها- من كَدَاء- وأن يغرز رايته بالحَجُون، ولا يبرح حتى يأتيه.

وكان أبو عبيدة على الرجالة والحُسَّر- وهم الذين لا سلاح معهم- فأمره أن يأخذ بطن الوادي، حتى ينصب لمكة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

الجيش الإسلامي يدخل مكة:

تحركت كل كتيبة على الطريق التي كلفت الدخول منها فأما خالد وأصحابه فلم يلقهم أحد من المشركين إلا أناموه- قتلوه-، وسفهاء قريش لقيهم خالد وأصحابه بالخندمة فناوشوهم شيئاً من قتال، فأصابوا من المشركين اثني عشر رجلاً فانهزم المشركون، وأقبل خالد يجوس مكة حتى وافى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الصفا. وأما الزبير فتقدم حتى نصب راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحجون عند مسجد الفتح، وضرب له هناك قبة، فلم يبرح حتى جاءه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يدخل المسجد الحرام ويطهره من الأصنام:

نهض صلى الله عليه وآله وسلم، والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله، حتى دخل المسجد، فأقبل إلى الحجر الأسود، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحول البيت وعليه ثلاثمائة وستون صنماً، فجعل يطعنها بالقوس، ويقول:{جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ، إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً}[الإسراء:٨١] {جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ}[سبأ: ٤٩] والأصنام تتساقط على وجوهها. وكان طوافه على راحلته، ولم يكن محرماً يومئذ، فاقتصر على الطواف، فلما أكمله دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها ففتحت، فدخلها، فرأى فيها الصور، وصورة إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- يستقسمان بالأزلام، فقال:(قاتلهم الله، والله ما استقسما بها قط). ورأى في الكعبة حمامة من عيدان، فكسرها بيده، وأمر بالصور فمحيت.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في الكعبة ثم يخطب أمام قريش:

أغلق عليه الباب، وعلى أسامة وبلال، فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب، حتى إذاكان بينه وبينه ثلاثة أذرع وقف، وجعل عموداً عن يساره، وعموداً عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه- وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة- ثم صلى هناك، ثم دار في البيت، وكبر في نواحيه، ووحّد الله، ثم فتح الباب، وقريش قد ملأت المسجد صفوفاً ينتظرون ماذا يصنع؟ فأخذ بعضادتي الباب، وهم تحته، فقال:(لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو مال أو دم فهو تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد- السوط والعصا- ففيه الدية مغلظة، مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها. يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب)ثم تلا:{يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }[الحجرات:١٣].

لا تثريب عليكم اليوم:

ثم قال:(يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟) قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، قال:(فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ اذهبوا فأنتم الطلقاء).

مفتاح البيت إلى أهله:

جلس صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد، فقام إليه عليّ ومفتاح الكعبة في يده، فقال: يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية، صلى الله عليك، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:(أين عثمان بن طلحة؟) فدعي له، فقال له:(هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء)

بلال يؤذن على الكعبة:

حانت الصلاة، فأمر صلى الله عليه وآله وسلم بلالاً أن يصعد فيؤذن على الكعبة، وأبو سفيان بن حرب، وعتاب بن أسيد، والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة، فقال عتاب: لقد أكرم الله أسيداً ألايكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه، فقال الحارث: أما والله لو أعلم أنه حق لاتبعته، فقال أبو سفيان: أما والله لا أقول شيئاً، لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصباء، فخرج عليهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهم:(قد علمت الذي قلتم)، ثم ذكر ذلك لهم، فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله، والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول: أخبرك.

صلاة الفتح أو صلاة الشكر:

دخل صلى الله عليه وآله وسلم دار أم هانئ بنت أبي طالب، فاغتسل وصلى ثماني ركعات في بيتها، وكان ضحى، فظنها من ظنها صلاة الضحى وإنما هذه صلاة الفتح، وأجارت أم هانئ حموين لها، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:(قد أجرنا من أجَرْتِ يا أم هانئ). وقد كان أخوها علي بن أبي طالب أراد أن يقتلهما، فأغلقت عليهما باب بيتها، وسألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها ذلك.

إهدار دماء رجال من أكابر المجرمين:

أهدر صلى الله عليه وآله وسلم دماء تسعة من أكابر المجرمين، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، وهم عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن أبي سرح، وعكرمة بن أبي جهل، والحارث بن نفيل بن وهب ومقيس بن صبابة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن خطل، كانتا تغنيان بهجو النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب، وهي التي وجد معها كتاب حاطب. فأما ابن أبي سرح، فجاء به عثمان إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وشفع فيه فحقن دمه، وقبل إسلامه بعد أن أمسك عنه، رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله، وكان قد أسلم قبل ذلك وهاجر، ثم ارتد ورجع إلى مكة. وأما عكرمة بن أبي جهل ففر إلى اليمن، فاستأمنت له امرأته، فأمنه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فتبعته فرجع معها وأسلم، وحسن إسلامه. وأما ابن خطل فكان متعلقا بأستار الكعبة، فجاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره فقال: (اقتله)فقتله. وأما مقيس بن صبابة فقتله نميلة بن عبد الله، وكان مقيس قد أسلم قبل ذلك، ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله، ثم ارتد ولحق بالمشركين. وأما الحارث فكان شديد الأذى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة، فقتله علي. وأما هبار بن الأسود فهو الذي كان قد عرض لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين هاجرت، فنخس بها حتى سقطت على صخرة وأسقطت جنينها، ففر هبار يوم مكة، ثم أسلم وحسن إسلامه. وأما القينتان فقتلت إحداهما، واستؤمن للآخرى، فأسلمت، كما استؤمن لسارة وأسلمت.

إسلام صفوان بن أمية، وفضالة بن عمير:

صفوان بصفته من زعماء قريش خاف على نفسه وفر، فاستأمن له عمير بن وهب الجمحي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمنه، وأعطاه عمامته التي دخل بها مكة، فلحقه عمير وهو يريد أن يركب البحر من جدة إلى اليمن فرده، فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجعلني بالخيار شهرين. قال: أنت بالخيار أربعة أشهر. ثم أسلم صفوان، وقد كانت امرأته أسلمت قبله، فأقرهما على النكاح الأول.

وفضالة كان رجلاً جريئاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو في الطواف، ليقتله فأخبره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بما في نفسه فأسلم.

خطبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في اليوم الثاني من الفتح:

لما كان الغد من يوم الفتح قام صلى الله عليه وآله وسلم في الناس خطيباً، فحمد الله، وأثنى عليه، ومجده بما هو أهله، ثم قال:(أيها الناس، إن الله حرم مكة يوم خلق السموات الأرض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دماً، أو يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما حلت لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب).

وكانت خزاعة قتلت يومئذ رجلاً من بني ليث بقتيل لهم في الجاهلية، فقال صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الصدد:(يا معشر خزاعة، ارفعو أيديكم عن القتل فلقد كثر القتل إن نفع، لقد قتلتم قتيلاً لآدِينَّه-أدفَعُ الدِّيةَ لِأوليائِه- فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين، إن شاؤوا فدم قاتله، وإن شاؤوا فعقله).

يتبع.......

منقول بتصرف يسير من كتاب السيرة (الرحيق المختوم)

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين