شريعة الرحمة ونبيّ الرحمة صلى الله عليه وسلم

يقول الله سبحانَه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين}[الأنبياء:107]، ما أوسع هذا الإعلان العظيم، وما أرحبه ! "

إنّ سعة هذا الإعلان، وإطاره الكبير، ومساحته بحساب الزمان والمكان، تجعلان هذا الإعلان خارقاً للعادة، لا يمكن أن يمرّ به الإنسان الواعي مرّاً عابراً سريعاً، فإّن مساحته الزمنيّة تحوي جميع الأجيال، والأدوار التاريخيّة التي تتلو البعثة المحمديّة، ومساحته المكانيّة تسع العالم كلّه، بما فيه من مخلوقات أحياء وجمادات، فإنّ الله سبحانه وتعالى لم يقل: إنّنا أرسلناك رحمة للمؤمنين، أو لجزيرة العرب، أو للشرق أو الغرب، أو لقارّة من القارّات مثلاً، بل إنّه قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين}[الأنبياء:107].

والحقّ أنّ سعة هذا الإعلان وشموله، وعظمته وسموّه، واستمراره وخلوده، كلّ ذلك يقتضي أن يقف عنده مؤرخو العالم وفلاسفته، ونوابغه وأذكياؤه حيارى مشدوهين، بل يقف أمامه الفكر الإنسانيّ كلّه حائراً مشدوهاً، وينقطع إليه كليّاً، ردحة من الزمن، يبحث في مدى صدق هذا الإعلان، أو صحّة هذا الواقع، لأنّنا لم نجد في تاريخ الأديان والنحل، وفي تاريخ الحضارات والفلسفات، وتاريخ الحركات الإصلاحيّة، والمحاولات الثوريّة، بل في تاريخ العالم كلّه، وفي المكتبة الإنسانيّة بأسرها، مثل هذا الإعلان المحيط بالكون كلّه، والأجيال البشريّة كلّها، والأدوار التاريخيّة بأجمعها، حول أيّ شخصيّة من شخصيّات العالم، حتّى إنّ خلاصة تعاليم الأنبياء السابقين، وما وصل إلينا من أحوالهم وسيرهم.. كلّ ذلك أيضاً مجرّد عن مثل هذا الإعلان الواسع الشامل.

وإنّ لتقدير شيء ووضعه في محلّه المناسب، ومكانه اللائق مقياسين بصورة عامّة: الأول: مقداره وحجمه، الذي يعبّر عنه في المصطلح الحديث: الكمّيّة. والثاني: جوهره ووصفه، الذي يقال له: الكيفيّة.

وهذا الإعلان الذي نادى به القرآن يشمل هذين النوعين، ويجمع بين الناحيتين، فإنّ بعثته صلى الله عليه وسلم، وشخصه العظيم، وتعاليمه السامية الخالدة، أفاضت على الإنسانيّة مسحة جديدة من الحياة والنشاط، وكان السبب المباشر في شفائها من أسقامها وعلاّتها، وفي حلّ معضلاتها، ونهاية آلامها وأحزانها، وهطول أمطار الرحمة والبركة، واليمن والسعادة، والخير والفلاح على أرضها المجدبة القاحلة، وكانت هذه المعطيات المحمديّة الغالية، منقطعة النظير بحساب السعة والوفرة، والحجم والكمية، وبحساب النفع والإفادة، والجوهر والكيفيّة أيضاً.

ولفظ " الرحمة " شاع استعماله في حياتنا اليوميّة، وهو يطلق على كلّ شيء ينال به الإنسان نفعاً وراحة، أمّا أنواع الرحمة وأقسامها، ودرجاتها ومدارجها، فلا حصر لها ؛ يقدّم أحدنا الماء البارد إلى أخيه العطشان، ويدلّ المسافر والغريب على الطريق، ويحرّك له المروحة في يوم صائف، شديد الحرّ، والأم تحنو على طفلها، والأب يربّي ولده ويعلمه، ويزوّده بحاجيات الحياة، والمدرس يدرّس تلاميذه ويؤدّبهم، ويمنحهم ما عنده من نعمة العلم، وهكذا إطعام الجائع المسكين، وإكرام الضيف، وكساء العريان، كلّ ذلك من مظاهر الرحمة العامّة، وألوانها المختلفة الزاهية، وهي تستحقّ منا كلّ تقدير، واعتراف، وشكر.

ولكنّ أكبر مظهر من مظاهر الرحمة، وأروع صورة من صورها الجميلة: أن ينقذ أحدنا أخاه من مخالب الموت ؛ هناك طفل صغير بريء، نراه في حالة الاحتضار، كاد يلفظ نفسه الأخير، الأم تقف إلى جواره تبكي، قد أظلمت الدنيا في ناظريها، وانقطع أملها في فلذة كبدها، ومأوى حنانها وحبّها، والأب يسعى هنا وهناك، هائماً على وجهه، فلا يجد راقياً وأنيساً، هنالك يأتي طبيب حاذق، كما ينزل الملك من السماء، ويقول: مهلاً ! لا داعي للقلق، ولا موجب لليأس، ويلقي في فم الطفل قطرات قليلة من الدواء، فيزول عنه المرض ويتلاشى، ويفتح عينيه، وينشط من مرضه.. لنتصوّر ماذا يقال لهذا الطبيب ؟ ألا يقال له: إنّه ملك الرحمة، أرسله الله لإنقاذ هذا الطفل، وإعادة الحياة إليه، هنالك تتلاشى كلّ هذه الأنواع من الرحمة التي قدمناها أولاً، وتذوب أمام هذا المظهر الرائع الأخّاذ من الرحمة، إنّها ليست منّة على الطفل فقط، بل على أسرته كلّها.

نرى أعمى يمشي متوكّئاً على عصاه، قد شارف هوّة عميقة أو بئراً، قد تكون خطوته التالية خطوة الموت، فيهرول إليه عبد من عباد الله، ويأخذ بحجزته، ويمنعه عن الوقوع في هذه الهوّة، أفلا نسمّيه ملك الرحمة.

وهذا شاب يافع، قرّة عين أبويه، وكفيل عائلته الفقيرة، قد أشرف على الغرق في نهر فائض، يحاول أن يطفو على الماء، ولكن دون جدوى، فيقفز إليه رجل مجازفاً بحياته، ويأخذ به إلى ساحل النجاة، فيحمله ربّ الأسرة، أو إخوة هذا الشابّ، على أعناقهم، ويضمّونه إلى صدورهم، بحرارة وحبّ، ولا ينسون فضله على أسرتهم الصغيرة مدى الدهر، ترى هل تساوي مظاهر الرحمة الأولى، هذه الرحمة العظيمة الغالية.

وهناك ما هو أكبر من هذه الرحمة وأعظم، عندما يكون الإنقاذ لا يختصّ بفرد أو أفراد، وليس متعلّقاً بحياة الإنسان الدنيويّة، وإنّما يتّصل بحياته الأخرويّة السرمديّة، وبنجاته من الخلود في نار جهنّم، فعندئذ لا تقاس بها أيّة رحمة في هذا العالم مهما كان شأنها، ففرق كبير بين هلاك وهلاك: هلاك قصاراه هلاك الجسد، وهلاك فيه هلاك الأبد..

وتلك هي رحمة الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام، وتلك هي المهمّة التي حمل عبأها ومسئوليّتها، ونهض بها على أحسن حال وأتمّه سيّدهم وخاتمهم، نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، وقد خصّه الله تعالى بشريعةٍ جامعةٍ لكلّ خير، وهي رحمة للعالمين، كما أنّ الله تعالى جعله رحمة للعالمين بما خصّه من خصائص، وحباه من فضائل، لا يستطيع أيّ باحث ذكيّ، أو كاتب عبقريّ أن يحيط بها. [انظر: "السيرة النبويّة" للشيخ أبي الحسن الندويّ رحمه الله ص/454/ بتصرّف يسير].

ونضرب لهذه الرحمة مثلاً مستوحىً من مثل نبويّ ثبت في السنّة.. لقد كانت الأرض جرداء مجدبةً، لا يوحي منظرها أنّ فيها شيئاً من الحياة، فمنّت عليها السماء بالغيث الغدق، فما هي إلاّ أيّام حتّى استحالت مروجاً خضراء، وجنّة غنّاء، فنبت الزرع، وامتلأ الضرع، وعمّ الخير، وانتقلت الأرض من موات الشتاء ووحشته، إلى بهجة الربيع وأنسه، وأشرقت الأرض بنور ربّها، وغدت الأرض جنّات تفيض أنهاراً، ورياضاً تحتضن أبكاراً.. وكذلك كان الهدى للأرواح والقلوب، لقد انتعشت به القلوب الضامرة الظامئة، التائهة الشاردة، واستنارت أرجاؤها بحرارة الإيمان، ودفق الحبّ والحنان، وصَحَتِ العقول من سكرة الضلال، ورقدة الخبال، وأعلن في الكون ميلاد الإنسان من جديد، وانحسرت الجاهليّة، وتزلزلت أركانها، وتصدّع بنيانها، واندحرت في شتّى بقاع الأرض..

جاء في الحديث عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعريّ رضي الله عنه: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

( إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضاً، فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ، قَبِلَتْ المَاءَ، فَأَنْبَتَتْ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ، أَمْسَكَتْ المَاءَ، فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا، وَسَقَوْا وَرَعَوْا، وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ، لا تُمْسِكُ مَاءً، وَلا تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ، وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْساً، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ) [رواه البخاريّ في كتاب العلم برقم /77/ ومسلم في كتاب الفضائل برقم /4232/].

فما أشبه غيث الأجساد الظامئة، والبطون الخاوية، بغيث العقول والقلوب، إلاّ أنّ غيث الأجساد والبطون قصاراه سدّ الجوع، وتحسين صورة الحياة الفانية إلى حين مع شقاء العقول والأرواح.. وغيث العقول والقلوب غايته سعادة الإنسان العاجلة والآجلة، وصلة المخلوق الفاني، بخالقه الواحد الأحد، الحيّ القيّوم، وإعماره للأرض وفق منهج الله وهداه..

بشرى الإنسانيّة بالرحمة العامّة: ولقد بشّر الله تعالى موسى وأمّته بالرحمة العامّة، التي تنتظرها الإنسانيّة على يد خاتم الأنبياء والرسل، محمّد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، يقول الله تعالى على لسان موسى عليه الصلاة والسلام: {... أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِين * وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُون * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون}[الأعراف:155 ــ157].

ففي هذه الآيات الكريمة عندما سأل موسى عليه السلام ربّه المغفرة الرحمة، بيّن الله تعالى له ولقومه حقائق كتبها على نفسه رحمة بعباده، وهي أنّ العذاب يخصّ من ظلم وانحرف، وبدّل نعمة الله كفراً، وأنّ رحمته سبحانه وسعت كلّ شيء، ومن عموم رحمته بخلقه ما خصّ به عباده المتّقين المستجيبين لأمره، الذين يسارعون إلى الإيمان بنبيّ الرحمة، الذي يجدون صفته عندهم فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ، ومن أهمّها: أنّه يَأْمُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ المُنكَرِ، وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ، وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الخَبَائِثَ، ويخفّف عنهم الأحكام الشديدة، التي كتبها الله على آبائهم بسبب عصيانهم وتعنّتهم، وتمرّدهم على أنبيائهم، فمن آمن بهذا النبيّ الخاتم، وعظّم حقّه، واستجاب لدعوته، ونصر دينه، واتّبع القرآن الذي أنزل عليه، وهو النور المبِين فهو عند الله من الفائزين المفلحين.

والإسلام دين الرحمة العظمى: ومن حقائق عقيدتنا التي يدركها كلّ ذي بصيرة، ويلمحها كلّ ذي عقلٍ ولبّ: أنّ الإسلام دين الرحمة الشاملة العامّة ؛ فربّنا سبحانه هو الرحمن الرحيم، العفوّ الغفور، الذي وسعت رحمته كلّ شيء، وسبقت رحمته غضبه، وجعل الرحمة فطرة راسخة في كلّ ذي روح، بها يتعامل الخلق ويتعاطفون، فتعمر الحياة، وتستقيم العلاقات، وقد قسمها الله سبحانه إلى مئة جزء: جزء جعلهُ في هذه الحياة، به يتراحم الخلق ويتعاطفون، وتسعة وتسعون جزءاً قد ادّخرها عنده، لينشُرها على عباده في الآخرة..

جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( إِنَّ للهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ، أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً، بَيْنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) [رواه مسلم في كتاب التوبة برقم/4944/].

ونبيّنا صلى الله عليه وسلم أرسله الله رحمةً للعالمين، وجعله رءوفاً رحيماً بالمؤمنين، فحياته كلّها رحمة، وأخلاقه كلّها رحمة، وهو نبيّ الهدى والرحمة.. وشريعة الله كلّها رحمة: في عقيدتها، وعباداتها، وأحكامها، وأخلاقها..

فلن يعرض عن ربّه، ويأبى الإيمان بنبيّه صلى الله عليه وسلم، والالتزام بشريعته إلاّ من اختار لنفسه العذاب على الرحمة، والشقاء على السعادة، ولا يهلك على الله إلاّ هالك..

والرحمة عاطفةٌ روحيّة سامية، تسري في أخلاق الناس وعلاقاتهم، فتجعل حياتهم هانئة كريمة، آمنة مطمئنّة، لا تدخل أنواعها ومظاهرها تحت حصر.. والرحمة النبويّة أعلى أنواع الرحمة وأرقاها، وأتمّها وأكملها، وهي مفتاح شخصيّة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وسرّ عظمة أخلاقه..

وليس في تعاليم الأنبياء والمصلحين على مدار التاريخ الإنسانيّ كلّه دعوة إلى مكارم الأخلاق، وإشادة بها، وحثّ عليها، وبيان لفضلها ومكانتها في الدنيا والآخرة، وربطهَا بكلّ حقائق الإسلام والإيمان، مثل دعوة النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى ذلك.. وكلّ ذلك ينبع من معين رحمته صلى الله عليه وسلم للعالمين..

ثمّ لم يقف أمره عند هذا الحدّ، بل إنّ كلّ ما دعا إليه صلى الله عليه وسلم نجد حياته وشخصيّته المرآة الصادقة له، أفلا يكون ذلك دليلاً من أظهر الأدلّة وأجلاها على صدقه في دعوى النبوّة والرسالة.؟!

هذا، ومن أهمّ مظاهر الرحمَة الإلهيّة في شرِيعةِ الله تعالى وهدي نبيّه صلى الله عليه وسلم: إيثار الأيسر واختياره، وإيثار الرفق على العنف، وإيثار العَفو على العُقوبة والمؤاخذة، والحثّ على العفو والصفح الجميل، والرحمَة بالنساء، والرحمَة بالأطفال، والرحمَة بالأمّة عامّة، والرحمَة بالأعداء، والرفق في التعليم، والرفق بالجاهل، وبناء الشريعَة على اليسر والرحمَة، والتيسير ورفع الحرج، وتشريع الرخص، والحثّ على الأخذ بها، ومراعاة الأحوال الاستثنائيّة، والضرورات والأعذار، وكتابة الأجر بالنيّة، واعتبار المصلحة في التشريع، وأنّ الأصل براءة الذمّة والإباحة، وبناء الأحكام على اليقين أو غلبة الظنّ، وإهدار الشكّ، ودرء الحدود بالشبهات، والحثّ على الصلح والترغيب به، ورفعُ الحكم عن المخطئ والناسي والمكره، وقواعد الشريعة الكلّيّة العامّة كلّها مبنيّة على الرحمة والتيسير.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين