وَنَبۡلُوَ أَخۡبَارَكُمۡ

في السلامة والسَّعة يتساوى الناس، فإذا جاءت الفتن والمصائب غربلتهم غربالًا، واستنبطت من كوامن قلوبهم أخبارًا.

قال ابن مسعود:

ما كنت أرى أحدًا من أصحاب رسول الله ﷺ يريد الدنيا حتى نزل فينا يوم أُحُد (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة).

والمنعوت بإرادة الدنيا نفر كانوا في جهاد مع نبيهم، خالفوا أمره مجتهدين ظانين أن المعركة قد حُسمت، وعدوهم في انكسار، والمسلمون إلى علو وظهور وانتصار.

هم ما تعمَّدوا أذًى وخذلانًا أو غدرًا وخيانةً.

أغراهم ما رأَوا من غنيمة، فأذهلهم عما سمعوا من أمر وعزيمة: (اثبتوا ولا تبرحوا) فبرحوا؛ وأضاعوا إخوانهم، وفاتتهم الغنائم.

أُحُدٌ كانت كاشفة لأخطر ما يعتري الجماعة المسلمة من داخل الصف، من القريب الموافق، ممن لا يريد لنفسه إلا الخير فيرمي إخوانه بالشر، ممن تشغله الأحداث الواقعة عن الالتزام بالنصوص البينة الناصعة، ممن يقدِّم اجتهاده الخاطئ على نصح إخوانه الصادق.

ويبقى قوله عز وجل: (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة). موعظة للمؤمنين أن محِّصوا نياتكم، ولا تؤثِروا ما في الفانية مهما زيَّنته عقولكم وأهواؤكم على ما في الآخرة، ولا سبيل إلى السلامة في الآخرة إلا بالتزام هدي المعصوم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين