أيتها الأم كيف تتعاملين مع دلع طفلك - دلع الأطفال ومسؤولية الأم
 
أيتها الأم كيف تتعاملين مع دلع طفلك؟
 
 دلع الأطفال مشكلة تؤرق كل أسرة وخاصة عندمايطلب الطفل شراء لعبة أو جهاز ما وبإلحاج شديد، فإذا رفضت الأسرة تنفيذ طلبه، يسرعإلى سلاحه الأول البكاء فتسرع الأسرة بدورها إلى تلبية طلبه. والحقيقة أنه من الخطأأن يتعوَّد الطفل على تلبية طلباته كلها، فمن المفروض أن يسمع كلمة (لا) كثيراً حتىيكف عن استخدام هذه الأساليب الملتوية مع أسرته، فاحتمال الإزعاج أبسر من احتمالطفل مدلل وكل طلباته مجابة.
 من أهم الوسائل التي تعود الطفل أن يكون مثالياً، ويطلبما يحتاج إليه فقط هي تجنب تعريضه إلى التلفاز والألعاب الالكترونية وعلى الوالدينأن يتداركا هذا الأمر، ويقللا جلوس أبنائهما أمام شاشتي التلفزيون والكمبيوتر.
لاتستغربي أن يصر ابنك على شراء حذاء مرسوم عليه (نينجا السلاحف) أو الكابتن (ماجد) أو غيره من أبطال أفلام الكارتون حتى لو كان ذلك الحذاء سيئاً لأن الأطفال صيد ثمينللإعلانات التجارية، وهم أكثر تأثراً بها وأكثر تأثيراً على آبائهم لشراء منتجاتها.
علينا أن ندرك أن أطفالنا قادرون على أن يكونوا سعداء بدون تلفزيون وألعابالكمبيوتر وألعاب أخرى، وعلى أطفالنا ألا يتوقعوا هدية صغيرة أو كبيرة في كل خروجإلى السوق.
 يعمد كثير من الآباء والأمهات الذين يمضون ساعات عديدة بعيدا عن البيتسواء في العمل أو غيره إلى تعويض أبنائهم عن هذا الغياب بهدايا متكررة.
إن سلوك مثلذلك لا يجلب الحب للأبناء بقدر ما يربط رضا الطفل عن أحد والديه بمقدار ما يقدم لهمن الهدايا.
ويطرح كثير من آباء اليوم، أبناء الأمس، عدداً من الأسئلة من قبيل: لماذا قل مستوى هيبة الآباء بين أبنائهم؟ ولماذا انحسر تقدير الأبناء واحترامهملهم؟ في الماضي كانت الدماء تكاد تتجمد في عروق الأبناء بمجرد تقطيب حاجبين أو نظرةحادة، أو عض شفة من أحد الوالدين دون أن ينطق بكلمة، أو يمد يده للضرب، ورغم التقدمالحضاري والوعي الثقافي لكلا الوالدين، ورغم آلاف الأطنان من الدراسات التربوية فإنمستوى الإطناب التربوي يتراجع نوعاً ما أمام تربية ابن البادية أو الريف الذي لايتمتَّع والده بنفس المستوى الثقافي.
 
 يكاد يمضي أبناء الريف والبادية معظم أوقاتهم فيرعاية الإبل والبقر وحلبها ورعي الغنم والاستمتاع بمواليدها الصغيرة، وجمع البيضوغيرها من الواجبات التي لا مناص منها. بل ان الطفل هناك يسعى إلى تعلمها منذ سنينهالأولى، ويكاد الصغير في الصحراء أو الريف لا يجد وقتاً يرتاح فيه، وعلى هذا فإنهيخلط بين عمله والاستمتاع بوقته، ويعود إلى بيته وقد أنهك جسمه النحيل وصفا عقلهوفكره. أما أبناء المدن فكثيراً ما يستيقظون متأخرين في النوم، خصوصاً في الإجازات،ويبدأ برنامجهم الترفيهي أمام شاشات القنوات الفضائية فمن فيلم كرتون إلى برنامجالأطفال، إلى فيلم كرتون آخر، وإذا أحس الطفل بالضجر أدار جهاز الكمبيوتر لمزيد منالألعاب الالكترونية لتستهلك فكره وبصره دون أن يستنفد طاقات جسمه الكامنة. علىالوالدين أن يُحددا أوقاتاً لمشاهدة أبنائهما لهذه الأجهزة وإذا تم إغلاق التلفازفسيبحث الابن والابنة عما يشغلهما.
ساعدي أبناءك في البحث عن وسائل مفيدة تشغلأوقاتهم، كما أنه من المناسب جداً أن يفهم الأبناء أداء بعض الواجبات المنزلية بعدتناول وجبة الإفطار بإمكان طفل الأربع سنوات أن ينظف المائدة وينقل صحون الإفطارإلى حوض الغسيل، وبإمكانه أيضاً أن يسهم في غسل الصحون مع بعض كلمات الإطراء. وبإمكان طفل الخمس والست سنوات أن يرتب سريره ويجمع ألعابه وكتبه ويشرع في ترتيبها،من الضروري أن يتحمل الأبناء الصغار بعضا من الأعباء حتى يتعودوا المسؤولية مهماكان العمل تافهاً، وجِّهي ابنك وابنتك إلى القيام به وتشجيعهما على أدائه.
 لاحظي أنتوفير هذه الألعاب يستهلك ميزانية ليست بالقليلة قياساً بالمنافع التي تجلبها، ومتىما تولد لدى الأبناء شعور بأنهم مميزون وأن تفكيرهم يسبق سنهم فإنهم تلقائياًسيتحولون إلى مستهلكين انتقاليين وأذكياء. وسيعزز ذلك جانب الضبط والحفاظ علىالأموال، احذري أن تعطي ابنك أو ابنتك شعوراً بأن الأسرة فقيرة وغير قادرة علىتأمين ما يلح عليه الأبناء لأنهم سيراقبون تصرف والديهم وسيحاسبونهم في كل مرةيشتريان شيئاً لهما.
 وربما يسرف كثير من الآباء في شرح أسباب امتناعهم عن تلبيةرغبات أبنائهم، ولذا فإن الابن سيتعود في كل مرة يرفض فيها طلبه على تفسير منطقيسواء أكانوا يستوعبون ما يقال لهم أم لا. إذا رفضت طلبك ابنك شراء رقائق البطاطافإنه من غير المناسب أن تشرحي له أضرارها الصحية، وأنها تزيد نسبة الكولسترول، وترفعضغط الدم، وتسهم في تكسير كريات الدم وغيرها من الايضاحات فقط قولي له: إنها غيرجيدة لك. لا تنسي أن وظيفتك هي تنشئة أطفالك حتى يسلكوا طريقهم بيسر في الحياة،علميهم أن الحصول على شيء يتطلب جهداً حقيقياً وأن التحايل والإلحاح لا يأتيانبنتيجة.
الدكتور يحيى الغوثائي
*       *       *

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين