أنت يا زوجتي....كنز

محمد رشيد العويد

 

• عن أبي مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة )) رواه البخاري .

• عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها ، حتى ما تجعل في فم امرأتك )) رواه البخاري .

• عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ... وفي بُضع أحدكم صدقة . قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر . قال : نعم ، أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ ... فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر )) . رواه مسلم .
 
هذه الأحاديث الثلاثة ، الصحيحة ، فيها تكريم عظيم للمرأة ، وأسباب مفضية إلى سعادة الزوجين ، عمودي الأسرة ، ووقاية فعالة من الخلافات الزوجية الكثيرة المعقدة ، التي ينتهي كثير منها إلى الطلاق وما ينتج عنه من تهدم بيوت ، وتفكك أسر ، وضياع أطفال .

أما التكريم العظيم للمرأة ، في هذه الأحاديث النبوية الشريفة ، وهو تكريم لم تحصل عليه حتى الآن جميع حركات تحرير المرأة ، فيمكن بيانه فيما يلي :

1- على الرغم من أن إنفاق الرجل على زوجته واجب ، فإن له في هذه النفقة أجراً إذا احتسبها خالصة لوجه الله سبحانه ، وهذا يدفع الرجل إلى عدم المن على زوجته بالإنفاق ، لأن المن مع الصدقة يبطلها ، قال تعالى : (( ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى )) فحتى يحصل الزوج على الأجر بإنفاقه على زوجته ، عليه ألا يمن عليها ، وهذا واضح في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول (( يحتسبها )) وفي الحديث الثاني (( تبتغي بها وجه الله )) . فإذا كان واجب الإنفاق على الزوجة يسقط عن الزوج بإنفاقه المجرد عليها فإن الأجر الذي وعد به الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأتي إلا بابتغاء وجه الله تعالى ، واحتساب النفقة لله ، وعدم المن على الزوجة .

فإذا أدركنا هذا ، أدركنا كم أكرم الإسلام المرأة حين لم يوجب لها النفقة فحسب ، إنما دعا إلى إكرامها من خلال هذه النفقة ، وجعل هذا الإكرام من الزوج سبباً في حصوله على الأجر من الله تعالى .
 
2- قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني (( حتى ما تجعل في فم امرأتك )) وفي رواية (( في فيّ امرأتك )) تأكيد آخر لهذا المعنى ، وحث واضح على المودة ، مودة الزوج لزوجته . فما يضعه الزوج في فم زوجته من طعام تم دفع ثمنه مسبقاً ، وتحصل فيه أداء واجب الإنفاق ، فهو هنا – إذا – للتشجيع على كسب المودة ، وإشاعة الحب ، واستمالة القلب . وإذا تـحقق هذا بين الزوجين ، تحقق وفاق عظيم ، وألفة قوية بينهما ، ومن ثم زادت رابطتهما الزوجية وثوقاً ، وحسنت العشرة بينهما ، وقلَّ الخلاف والشجار .

3- ماذا فعلت حركات تحرير المرأة للمرأة ؟ لقد نجحت بعض النجاح في جعلها تعمل مع الرجل في بعض أعماله ، لكنها لم تنجح في معظم أنحاء العالم ، في جعل أرباب العمل ، يعطونها أجر الرجل نفسه .

ولا نحسب أنه دار في ذهن رب من أرباب العمل ، أنه له أجراً من الله تعالى لأنه يُشغّل المرأة في شركته أو مصنعه أو متجره ، فهو ينظر نظرة مادية صرفاً إلى عمل المرأة عنده ، مثل أي عامل أو أجير آخر .

فأيهما أكرم للمرأة ؟ أن تعمل خارج البيت ، لتتقاضى أجراً آخر الشهر ، فيه كل المن من رب العمل الذي ليس أسهل عليه من أن يستبدل بها أخرى ، ثم تعود إلى بيتها مرهقة من العمل ، لتجد عملا آخر ينتظرها في بيتها ... ؟!! أم أن تستقر في بيتها ويلزم بنفقتها زوجها ، وإن لم يكن فأبوها أو أخوها أو ابنها ، معززة مكرمة ، لا منَّ لأحد عليها ، فهو إنما يعطيها حقها الذي أوجبه لها الشرع الحنيف ؟!!

4- وفي الحديث الثالث يتأكد المعنى ذاته : الزوجة مصدر أجر لا ينضب لزوجها فإذا أنفق عليها النفقة الواجبة حصل على الأجر ، وإذا أطعمها بيده حصل على الأجر ، وإذا أتاها يروي منها شهوته حصل على الأجر ... كيف لا يحرص الزوج بعد هذا على زوجته ، كيف لا يـكرمها ويـحسن إليها ، ويتـرفق بـها ، وهي التي ينبع منها هذا الأجر العظيم له ... ؟!

وأي إكرام لها أعظم من هذا الإكرام : الإسلام يجعلها مصدر الخير ، وينبوع الأجر ، وغير الإسلام يجعلها السبب الأصلي في آلام العالم وأحزانه ( كما في الأسطورة الإغريقية القديمة ) ، وهي (( بلية العالم )) كما يسميها اليونانيون ، وهي الشيطان الجميل وينبوع المسرات السامة كما يـدعوها اللاتينيون ، وفي شرائع الهند أن الوبـاء والموت والجحيم والسم والأفاعي والنار .. خير من المرأة )) وفي التوراة التي حرفها يهود (( وجدت أمرّ من الموت : المرأة التي هي شباك ، وقلبها أشراك ، ويداها قيود )) .
هكذا يكرمك الإسلام أختي المؤمنة ، ويجعلك سبباً في الأجر الكثير والثواب الجزيل ، إذا أنفق عليك زوجك محتسباً ، وأطعمك بيده يبتغي وجه الله ، ولبّى فيك حاجته .. فتأملي ...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين