مهزلة الانتخابات الفاسدة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى أله وأصحابه أجمعين وبعد:

لقد طالعتنا شاشات الجوالات على المهزلة التي تسمَّى زورا وبهتانا بالانتخابات، وأي انتخابات ودماء الشهداء لم تجف بعد، وأنّات المعتقلين لم تنتهِ، ومعاناة المهجَّرين لازال صداها يملأ الأفاق، وما من أحد يشعر بهم أو يفكر بأحوالهم، ضمن هذه المسرحية التي تعوَّدنا على تكرارها منذ خمسين سنة، يخرج علينا أبناء الطائفة الباطنية النصيرية، الذين يحملون في صدورهم حقداً دفيناً علينا خاصَّة، عبروا عنه خلال حكم هذه البلاد بشتى ألوان وأنواع الإجرام.

ففي حقبة الأب المجرم الذي ما ترك لوناً من ألوان العذاب إلا وسام به أهل هذه البلاد، من قتل، ومجازر، واغتيالات، وإعدامات في المعتقلات، وتهجير لكل من يشعر أنه مخالف له، أو له نفس إسلامي، خشية أن يطالبوا بحاكميَّة الإسلام للبلاد والعباد. لقد سام البلاد والعباد بألوان وأصناف من الاضطهاد السري والعلني الذي لا يعلم به إلا الله.

ثم جاء ابن هذا السفاح يسير على خطى والده، اجراما وقتلا وتهجيرا، ولكن ما يميز حقبة إجرامه هذه عن حقبة أبيه، أنها كانت على مشهد عيون الناس جميعا، أي أنَّ الكل يرى ويسمع ويعاني، واستمرت المعاناة لسنوات لا سيما في العشر الأخيرة هذه، ولا زال المجرم يتربع على كرسي الحكم للبلاد، رضي أن يقتِّل ويهجِّر نصف أهلها، ويستعبد النصف الثاني، ويهدم بنيتها التحتية كلها، وأن يبيع كل ما فيها من خيرات لأحفاد القردة والخنازير، ولعباد الصليب، وللمجوس من عباد النار، من أحفاد كسرى.

والعجيب بعد هذا الإجرام كله أن نشاهد عمامات الزور والنفاق، تجوب البلاد من مهرجان إلى آخر، يصرخون ويصيحون نفاقا لذلك المجرم السفاح الطاغية، يريدون شرعنة الحكم له مجددًا، ينطبق عليهم قول الله تعالى في بني إسرائيل ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾،[ البقرة: 85] وسار على طريقهم كل من تجرعوا الذل والعبودية ممن لم يتذوقوا طعم الحرية، فخرجوا مطبلين مزمرين رغم عدم شبع بطونهم للقمة الخبز التي يقف أحدهم الساعات الطوال حتى يحصل عليها، ولكنه الذل الذي رضعوه.

والسؤال يا سادة: لماذا سائر الدول بل أعظمها اليوم على وجه الكرة الأرضية، دون النظر لدياناتها، نجد الرئيس فيها يحكم البلاد لسنوات أربع وإذا انتخبه الشعب مرة ثانية يحكم مثلها أربع سنوات أيضا، ثم يغادر كرسي الحكم دون أي امتعاض أو انزعاج، يحمل حقيبته التي دخل بها قصر الرئاسة، ويخرج بها، لم يأكل خيرات البلاد ولم يجعلها مزرعة له ولطائفته، كما الحال عندنا!

هل سألتم أنفسكم: كم رئيسا غيرت أمريكا!! وبلادنا لا زالت تحت حكم هذه الثلة المجرمة، أيا ترى ألا يوجد شخص يستطع أن يدير شؤون البلاد، ويحكمها غير ابناء هذه السلالة النتنة، أم أنّ الرضا الدولي، والإسرائيلي على وجه الخصوص هو من يثبت حكمهم؟؟

فيا عمائم الزور والنفاق، عن أي مسخٍ تدافعون؟ ولمن تشرّعون؟ {عن كعب بن عجرة قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن تسعة، خمسةٌ وأربعةٌ أحدُ العددين من العرب والآخر من العجم، فقال: اسمعوا، هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم، ولم يعنهم، على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم، فهو مني وأنا منه وهو وارد علي الحوض}، رواه الترمذي في سننه.

هل سألتم أنفسكم أين ستكونون يوم القيامة؟؟ وكم من الدماء ستُسألون عنها بسبب نفاقكم هذا؟ ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾[البقرة: 10].

واعلموا أن الله يمهل ولا يهمل، وكل شيء عنده بمقدار، ولكل أجل كتاب، وهذا هو حلم الحليم سبحانه وتعالى، ولكن لابد بعد ظلام الليل من طلوع الفجر، وبعد المحنة منحة من الله للصابرين، أما من نافق وباع الدين بالدنيا ووقف على أبواب السلاطين يَضِلُ ويُضِل، فله الخزي والعار في الدنيا وأسفل جهنم يوم القيامة، لقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً﴾، [النساء: 145].

هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم.

(اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنا وإلى غيرك لا تكلنا، من شرور خلقك الظالمين احفظنا وسلمنا، اللهم على بطاغية الشام ومن والاه ومن أعانه وسانده، إنهم لا يعجزونك، خذهم أخذ عزيز مقتدر، وانتقم للأبرياء والشهداء ولمن سالت منهم الدماء يا رب الأرض والسماء، آميـن).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين