حدث (الهجرة).. و (مشروع النهضة)

بقلم: حسن قاطرجي

 

ها نحن على أبواب انقضاء عامٍ هجريّ كان مليئاً بالأحداث الجسام تذكِّرنا مناسبته وهي حدث الهجرة النبوية المباركة بنجاح أعظم نهضة نَعِمت البشرية بهدايتها وآثارها الحضارية لقرون طويلة، في الوقت الذي لايزال (مشروع النهضة) ـ اليوم بعد تراجع المسلمين المُزري ـ ملقياً بثِقله على هموم واهتمامات المؤمنين بحتمية هذا المشروع ومنطلقاته وواجب حشد الجهود والطاقات لإنجاحه. ونبدأ بمعالجة القضية من الحجر الأساس: لا يوجد دين أو فلسفة أو أيدولوجيا تُداني الإسلام ـ دينِ الله الحق ـ في اعتنائه بالإنسان وتحقيق التوازن بين مكوِّناته وأبعاده، ولا في تفجير طاقاته وإشعاره بدوره في الحياة.

ولقد كانت البعثة المحمدية المباركة نُقلة هائلة في التعاطي مع الإنسان واستثمار طاقاته إلى أقصى مدى في كل مجالات الحياة مع مراعاة التنوّع بين الطاقات البشرية والتخصُّص الذي يمكن أن يتفوّق به كل واحد بحَسَبِ مواهبه وقُدُراته... وهذا سرّ آخر من أسرار عظمة (الإسلام)! وهو أحد أبعاد دلالات حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدُّهم في دين الله عمر، وأكثرهم حياءً عثمان، وأقضاهم عليّ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ..." وهكذا إلى آخر من ذَكَرهُم  صلى الله عليه وسلم  من أصحابه الأبرار، هو حديث صحيح رواه الترمذيّ وغيره.
وجهود كل الغيارى من النُّخَب المثقفة التي تنطلق من الإسلام عقيدةً وفكراً، ومن شريعته التزاماً وانضباطاً، ومن غاياته توجُّهاً وأهدافاً، تستنهض طاقات قطاعات الأمة في سياق برامجها النهضوية لإعادة دورها في عالم اليوم وتجديد رسالتها وذلك لتحقيق ما يلي:

1. فهم الإسلام ـ عقيدة وأخلاقاً ومنهجَ حياة ـ فهماً واضحاً شاملاً للحياة كلها، وبالتالي الانتقال في الصلة به من الانتساب الطائفي أو التقليدي الباهت إلى الانتماء الحقيقي الحيّ الفاعل.

2. الإقبال عليه دراسةً وتعلُّماً على أيدي علماء عاملين موثوقين من منابعه الصافية: القرآن العظيم وصحيح الأحاديث النبوية والسيرة المحمدية.

3. الاعتزازُ به وطرحُه خياراً وحيداً لسعادة الإنسان في الدنيا وفَوْزِه في الآخرة، وأيضاً لخَلاص البشرية المعذَّبة من أزمتها الحضارية في عالَم الصراعات، والإفلاس والأزمات، وانحطاطها الأخلاقي وجُمُوح مادّيتها القاسية.

4. الارتباط العضويّ بين الموقنين بدور الإسلام القادم ـ الإنقاذي والحضاري ـ وذلك لتجميع الطاقات وتوزيعها على جبهات (الصراع الثقافي والحضاري مع الشرّ العالمي) وَفْق مخطط مدروس ووراء قيادة راشدة.

5. استعادة الوظيفة الكبرى للأمة التي شرَّفَتْها طيلة تاريخها وأعلَتْ مكانتها وميّزتها عن سائر الأمم والشعوب: الوظيفة التي ذكرها الله عز وجل: كنتم خيرَ أمةٍ أُخرجتْ للناس تأمرون بالمعروف وتنهَوْن عن المنكر وتؤمنون بالله.

لذا، فالأمة بكل قطاعاتها وخاصة الشباب ـ لأنهم روحُها الوثّابة وحَيَويّتها المتدفقة وعزيمتها الفتية ـ مدعوّة لمضاعفة جهودها، وللمشاركة الفعلية في ساحات (العمل الإسلامي الجادّ والأصيل)، والله المستعان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين