احذروا المغضوب عليهم

المغضوب عليهم هم اليهود؛ إنَّهم بنو إسرائيل الذين بعث الله إليهم نبيَّهم موسى عليه السَّلام ومعه أخاه هارون عليه السَّلام؛ ليحرِّرهم مِن فرعون وقومه، وليقيموا بعد تحريرهم حكومة الله الحرَّة في أرضه، فيقيموا أمر الله وحكمه، ويحرِّروا المشركين مِن الخضوع والتَّبعيَّة لغير الله سبحانه، فلا سلطان إلَّا لله الواحد الأحد.

وكانوا لفترةٍ وجيزةٍ عندما أقاموا التَّوراة خير الأمم في ذلك الزَّمن؛ لأنَّهم خير أمَّة تحرَّرت مِن الخضوع لغير الله، وأقامت حكم الله الخالق المالك في أرضه، وأثنى عليهم الله وبين أنَّهم كانوا خير الأمم في تلك الفترة بفضل الله عليهم: ﴿يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 47]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [الجاثية: 16]. فالتَّفضيل كان بإيمانهم بالكتاب المنزل والحكم به لا بالفساد والإفساد.

إنَّهم لم يدوموا طويلًا على هذا الحال؛ إنَّما ظهر ما كان خافيًا في نفوسهم مِن بُعدِ كثيرٍ منهم عن الله خالقهم، وعبوديتهم لغير الله مِن عهد موسى عليه السلام: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 93]. وامتدَّ بهم الزَّمن وغلبتهم الأهواء، فكانوا عبيدًا لها وكذَّبوا الأنبياء؛ بل ربما قتلوهم ليتخلَّصوا ممن يدعوهم إلى الاستقامة على أمر الله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ [البقرة: 87].

وكانت القوَّة المفرطة هي التي تحملهم على الالتزام بالحقِّ في عهد موسى عليه السَّلام. قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ [البقرة: 93]، ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: 171]، قال لهم موسى: ألا ترون ما يقول ربي عزَّ وجلَّ؟! لئن لم تقبلوا التَّوراة بما فيها لأرمينكم مِن هذا الجبل، فلمَّا نظروا إلى الجبل خرَّ كلُّ رجلٍ منهم ساجدًا على حاجبه الأيسر، ونظر بعينيه اليمنى إلى الجبل فرقًا (خوفًا) مِن أن يَسقط عليه، وهي سجدة اليهود إلى اليوم، يقولون: هذه السَّجدة التي رُفعت بها العقوبة [تفسير ابن كثير (2/260)].

إنَّ الحرص على الحياة وكراهيَّة الموت يشير إلى أنَّ أكثر بني إسرائيل لم يكونوا يؤمنون باليوم الآخر إيمانًا صادقًا، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة: 6-7]. بما قدَّمت أيديهم مِن السَّيئات والإفساد بالأرض وقتل الذين يأمرون بالقسط مِن النَّاس وأكل الأموال بالباطل.

وقال تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 96].

إنَّ المؤمن إذا علم يقينًا أنَّ مصيره سيكون إلى جنَّة عرضها السَّماوات والأرض، ويكون فيها مع النَّبيِّين والشُّهداء والصَّالحين، إذا أيقن ذلك أحبَّ أن ينتقل إليها، بتحرُّره عن الذلة والخضوع لغير الله، لكن اليهود فضَّلوا الذلَّ والهوان على الحريَّة التي أرادها الله لهم؛ فقد جاء في سفر الخروج: "فلمَّا اقترب فرعون رفع بنو إسرائيل عيونهم وإذا المصريون راحلون وراءهم، ففزعوا جدًّا، وصرخ بنو إسرائيل إلى الرَّبِّ وقالوا لموسى: هل لأنَّه ليست قبور في مصر أخذتنا لنموت في البريّة، ماذا صنعتَ بنا حتَّى أخرجتنا مِن مصر؟ أليس هذا هو الكلام الذي كلمناك به في مصر قائلين: كفّ عنَّا، فنخدم المصريين؛ لأنَّه خير لنا أن نخدم المصريين من أن نموت في البريَّة. فقال موسى للشَّعب: قفوا وانظروا خلاص الرَّبِّ الذي يصنعه لكم اليوم، فإنَّه كما رأيتم المصريين اليوم لا تعودون تروهم إلى الأبد" [سفر الخروج الإصحاح 14 صـ 110].

إنَّهم كانوا حريصين على الحياة ولو كانت حياة ذلٍّ وقهرٍ، يسومهم فرعون وجنوده سوء العذاب، لقد أشار القرآن إلى خوفهم وجبنهم وعدم ثقتهم بربهم ونبيّه فقال تعالى: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: 61-62].

وبمثل ذلك وقع في أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم حين جهلوا دينهم وأعرض بعضهم عن ذكر ربِّه، فقد سمعت في بداية الثَّورة في حلب بعض النَّاس يقولون: "لماذا ثار النَّاس؟! نحن نعيش وما علينا من بأسٍ إنَّهم يتركوننا نصلِّي!!!"، وقال أحد مَن يظنُّ نفسه من أهل العلم: "على النَّاس أن يُسلِّموا أسلحتهم ويستغفروا الله ربهم"، ولم يعلم هذا العالم النَّحرير أنّ ربّه وربهم يوم ذاك هو الحاكم النُّصيري ومِن ورائه الباطنيون الشِّيعة، ومِن وراء الشِّيعة الشرق (روسيا) والغرب (أمريكا)، ومِن وراء ذلك كلِّه اليهود؛ لأنَّ المستفيد الوحيد مِن قتلنا هم اليهود، هؤلاء المسلمون الجاهلون مثل اليهود يظنُّون أنَّهم يؤمنون بالله، وهم يفضِّلون حياة الذُّلِّ والهوان والعبوديَّة في حكم النُّصيريَّة والباطنيَّة على حكم ربِّ العالمين، وهم يقرأون في صلاتهم في كلِّ ركعة: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 2-6]، ولا يفهمون معنى الرُّبوبيَّة، ولا يتحرَّرون مِن عبادة وطاعة غير الله، ربما لأنَّهم لا يعلمون معنى الألوهيَّة، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [محمد: 19]، ثمَّ تغرّهم النَّفس الأمَّارة بالسُّوء، فيظنُّون في أنفسهم العلم، ويأمرون النَّاس بالمنكر، وهو ترك جهاد الكفَّار المتسلِّطين مِن الفراعنة بعد أن رأوا منهم الكفر البواح، وينهونهم عن جهاد الباطل وأهله.

وانظر إلى المماطلة والتَّردد وسوء الأدب تظهر مِن أقوال بني إسرائيل وهم يخاطبون أعظم أنبيائهم الذي يعتقدون برسالته وبالوحي الذي يأتيه مِن الله سبحانه، يقولون له بعد أن بلغهم أمر الله بذبح بقرة:

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ [البقرة: 67]، وانظر إلى قولهم: ﴿الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾ [البقرة: 71]، وهل كان ما يقوله موسى عليه السَّلام قبل ذلك مِن تبليغهم أمر الله ومواصفات البقرة التي يذبحونها غير الحق؟!

إنَّها النَّفس اليهوديَّة المتعجرفة، والشَّخصيَّة الملتويَّة؛ إنَّهم استمروا على عنادهم واستكبارهم بعد موسى عليه السَّلام، فكانوا يكذِّبون الأنبياء الذين يرسلهم الله إليهم ليسوسوهم ويحكموهم بحكم التَّوراة، وربما قتلوا أنبياءهم ليتخلَّصوا منهم، واستمروا على ذلك فكفروا بآخر أنبياء بني إسرائيل سيِّدنا عيسى عليه السَّلام وحاولوا إغراء الرُّومان به ليقتلوه بعد أن رأوا المعجزات والدَّلائل فرفعه الله إليه، وزعموا أنَّهم تخلَّصوا منه، ثمَّ كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين بعد أن عرفوا صفاته ومهجره، أورد ابن هشام بسنده عن أم المؤمنين صفيَّة بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها أنَّها قالت: "كنتُ أحبَّ ولد أبي إليه، وإلى عمي أبي ياسر، لم ألقهما قط مع ولدٍ لهما إلَّا أخذاني دونه، قالت: فلمَّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ونزل قباء في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مُغْلِسين ["مأخوذ من الغلس: وهو ظلمه آخر الليل إذا اختلط بضوء الصُّبح". [انظر النهاية لابن الأثير (3/377)]، قالت: فلم يرجعا حتَّى كانا مع غروب الشَّمس، قالت: فأتيا كالين كسلانين ساقطان يمشيان الهوينا، قالت: فهششت إليهما كما كنتُ أصنع فوالله ما التفت إليّ واحد منهما، مع ما بهما من الغم، قالت: وسمعت عمي أبا ياسر، وهو يقول لأبي حيي بن أخطب: أهوَ هو؟ قال: نعم والله، قال: أتعرفه وتثبته؟ قال: نعم، قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت" [السيرة النبوية لابن هشام مع حاشيته الروض الأنف للسهيلي (2/258) دار المعرفة].

كان حيي بن أخطب يعبِّر عن دخيلة النَّفس اليهوديَّة التي صاغها التَّلمود والتَّوراة المحرفة فركز فيها الاستكبار والحقد والحسد، فقد عرف اليهود دعوة الرَّسول صلى الله عليه وسلم وعرفوا صدقه وصفاته، كما يعرفون أبناءهم وأنفسهم، ولكن نفوسهم المنطويَّة على البغي والحسد والحقد لا تقبل الحقَّ ولا ترضخ له: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 146].

أورد ابن القيم ما قاله الحارث بن عوف لعيينة بن حصن عندما أقسم له قائلاً: والله ليظهرن محمد على ما بين المشرق والمغرب، يهود كانوا يخبروننا بهذا، وأشهد لسمعت أبا رافع سلام بن أبي الحقيق يقول: إنا نحسد محمداً على النبوة حيث خرجت، وهو نبي مرسل، ويهود لا تطاوعني على هذا، ولنا منه ذبحان واحد بيثرب وآخر بخيبر، قال الحارث: قلت لسلام: يملك الأرض جميعاً؟ قال: نعم والتوراة التي أنزلت على موسى، وما أحب أن يعلم يهودي بقولي فيه [انظر زاد المعاد (4/139)].

وقليلٌ مِن اليهود الذين استطاعوا أن يتغلَّبوا على أهوائهم، وما سيطر على نفوسهم مِن الاستعلاء والحسد، فأعلنوا إسلامهم، منهم: يامين بن عمير، وأبو سعد بن وهب، وهما مِن بني النَّضير، عندما قال أحدهما لصاحب: والله إنَّك لتعلم أنَّه رسول الله، فما ننتظر أن نسلم فنأمن على دمائنا وأموالنا، فنزلا مِن الليل وأسلما فأحرزا أموالهما [انظر السيرة الحلبية (2/566)].

ولنتدبر بعض آيات سورة البقرة حيثُ يبين الله تعالى فيها وفي غيرها أسباب لعن الله لليهود وغضبه عليهم، حتَّى نحذرهم، ونحذر الوقوع في أعمالهم والسير في مسالكهم: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88) وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 87-90].

نلاحظ ما توضِّحه هذه الآيات مِن الأسباب التي أحلَّت بهم لعنة الله وغضبه عليهم:

1- استكبارهم عن الخضوع الثَّابت بالأدلَّة.

2- هذا الاستكبار دفعهم إلى تكذيب مَن جاءهم بالحق مِن عند الله أو قتله.

3- لعنهم الله بسبب كفرهم بالحق بعد معرفته.

4- غضب الله عليهم مرة أخرى لتحجّرهم وتمسكهم بالباطل وبغيهم: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [البقرة: 90].

وروى عدي بن حاتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "المغضوب عليهم اليهود، والضَّالون النَّصارى" [مسند الإمام أحمد برقم 19381]. ومن كان يعرف الحقَّ ويكفر به فهو مثل اليهود مِن المغضوب عليهم، ولهذا يتضرَّع المؤمن في كلِّ قراءة لسورة الفاتحة في الصَّلاة وخارجها أن يهديه الله إلى الصراط المستقيم، ويجنبه صراط المغضوب عليهم وهم اليهود، وصراط الضالين وهم النَّصارى.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين