أحاديث الصيام شرحها، وفقهها (4)

12-مُؤذنو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأذان

أ-مُؤذِّنا الفجر

ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مؤذّنان: بلال، وابن أمّ مكتوم الأعمى فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ بِلالاً يُؤَذِّنُ بليلٍ، فَكُلُوا واشربوا حتّى يُؤَذِّنَ ابنُ أُمِّ مكتومٍ». قال: ولم يكن بينهما إلّا أن ينزلَ هذا ويرقى هذا (1).

قال العلماء: معناه أنّ بلالاً كان يُؤذّنُ قبل الفجر، ويتربّص بعد أذانه للدُّعاء ونحوه، ثمّ يَرْقُب الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أمّ مكتوم فيتأهّبُ ابن أمّ مكتومٍ بالطّهارة وغيرها، ثمّ يرقى، ويشرع في الأذان مع أوّل طُلُوع الفجر.

ـ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يَمْنَعَنَّ أحداً منكم أذانُ بلالٍ ـ أو قال نداءُ بلالٍ ـ مِنْ سُحُورِهِ فإنّه يُؤَذِّنُ ـ أو قال يُنادِي ـ بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قائِمَكُمْ ويُوقِظَ نائِمَكُمْ». وقال: «ليس أنْ يقولَ هكذا وهكذا (وصَوّبَ يَدَهُ ورَفَعَها) حتّى يقولَ هكذا (وفَرّجَ بين إصْبُعَيه)» (2).

معناه أنّه إنّما يُؤذّن بليل ليعلمكم بأنّ الفجر ليس ببعيد، فيردّ القائم المتهجِّد إلى راحته لينام غفوةً ليصبح نشيطاً، أو يُوترَ إن لم يكن أَوْتَرَ، أو يتأهّب للصّبح إن احتاج إلى طهارةٍ أخرى، أو نحو ذلك من مصالحه المترَتّبة على علمه بقربِ الصُّبح.

في هذه الأحاديث بيان الفجر الذي يتعلّق به الأحكام، وهو الفجر الثّاني الصّادق، (والمستطير) بالرّاء.

ـ عن عبدِ الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إنّ بلالاً يُؤَذِّنُ بليلٍ فَكُلُوا واشربوا حتّى تَسْمَعُوا أذانَ ابن أُمِّ مَكْتُوم» (3).

وعن عطاء: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: هما فجران فأما الذي يسطع في السماء فليس يُحِلُّ ولا يُحرِّم شيئاً، ولكن الفجر الذي يستنير على رؤوس الجبال هو الذي يحرم الشراب. وهكذا روي عن غير واحد من السلف رحمهم الله.

ب-مسألة: أصبح جنباً؟

قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر}. جَعْلهُ تعالى الفجرَ غايةً لإباحةِ الجماع والطعام والشراب لمن أراد الصيام، يستدل على أنه من أصبح جنباً فليغتسل وليتمّ صومه ولا حرج عليه، وهذا مذهب الأئمة الأربعة وجمهور العلماء سلفاً وخلفاً، لما رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة وأًم سلمة رضي الله عنهما أنهما قالتا: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، لَا مِنْ حُلُمٍ، ثُمَّ لَا يُفْطِرُ وَلَا يَقْضِي» (4).

ج-فقه وفوائد الحديث: 1- جواز الأذان للصّبح قبل طُلُوع الفجر.

2- جواز الأكل والشرب والجماع وسائر الأشياء إلى طُلُوع الفجر.

3- جواز أذان الأعمى، قال أصحابنا: هو جائز، فإن كان معه بصيرٌ كابن أُمِّ مكتومٍ مع بلال فلا كراهة فيه، وإن لم يكن معه بصير كُرِهَ للخوف من غَلَطِهِ.

4-استحباب أذانين للصُّبْحِ أحدهما قبل الفجر، والآخر بعد طُلُوعه أوّل الطُّلُوع.

5- اعتماد صوت المؤذّن، واستدلّ به مالك والمزنيّ وسائر مَنْ يقبل شهادة الأعمى، وأجاب الجمهور عن هذا بأنّ الشّهادة يُشترط فيها العلم ولا يحصل علم بالصّوت لأنّ الأصوات تشتبه، وأمّا الأذان ووقت الصّلاة فيكفي فيها الظنّ.

6-جواز الأكل بعد النيّة، ولا تفسُد نيّة الصّوم بالأكل بعدها؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أباحَ الأكل إلى طُلُوع الفجر، ومعلوم أنّ النيّة لا تجوز بعد طُلُوع الفجر، فدلّ على أنّها سابقة، وأنّ الأكل بعدها لا يَضُرّ، وهذا هو الصّواب المشهور.

7-استحبابُ السّحور وتأخيرُه.

8- اتّخاذ مُؤذِّنَينِ للمسجد الكبير، قال أصْحابنا: وإنْ دَعَتِ الحاجة جاز اتّخاذ أكثر منهما، كما اتّخذ عثمان أربعة، وإن احتاج إلى زيادة على أربعة فالأصحّ اتّخاذُهُم بحسب الحاجة والمصلحة (5)

13-تعجيل الإفطار:

أ-قال الإمام البخاري (6): باب متى يَحِلُّ فِطْرُ الصّائمِ.؟

وأفطر أبو سعيد الخُدْرِيُّ رضي الله عنه حين غاب قُرصُ الشّمس.

هل يجبُ إمساكُ جزءٍ مِنَ اللّيل لِتَحَقُّقِ مُضِيِّ النّهار أمْ لا...؟

الجواب:(لا يجبُ).

وذلك: أنّ أبا سعيد لمّا تحقّق غروب الشّمس لم يطلب مَزيداً على ذلك ولا التفتَ إلى موافقة من عندهُ على ذلك، فلوْ كان يجب عنده إمساك جزء من اللّيل لاشتراك الجميع في معرفة ذلك والله أعلم.

ب-ثمّ ذكر البخاري في الباب حديثين.

الحديثُ الأول: عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا أَقَبَلَ اللّيلُ من ها هُنا، وأَدْبَرَ النّهارُ مِن هَا هُنا، وغَرَبَتِ الشَّمسُ، فقد أفطرَ الصّائِمُ» (7).

«إذا أقبل اللّيل من هاهنا» أيّ: من جهة المشرق كما في الحديث الذي يليه، والمراد به وُجُود الظّلمة حسّاً، وذكر في هذا الحديث ثلاثة أمور، لأنّها وإن كانت متلازمةً في الأصل لكنّها قد تكون في الظّاهر غير مُتلازمة، فقد يُظَنُّ إقبالُ اللّيل من جهة المشرق،ولا يكون إقبالهُ حقيقةً بل لوجود أمرٍ يُغَطِّي ضوء الشّمس وكذلك إدبارُ النّهار فَمِنْ ثَمّ قيَّد بقوله: «وغَرَبَتِ الشّمسُ» إشارة إلى اشتراط تحقُّق الإقبال والإدبار، وأنّهما بواسطة غروب الشّمس لا بسببٍ آخرَ، ولم يذكُر ذلك في الحديث الثّاني فيحتملُ أن يُنزّل على حالين: أمّا حيث ذكرها ففي حال الغيم مثلاً. وأمّا حيثُ لم يذكرها ففِي حَال الصّحو، ويحتمل أن يكونا في حالة واحدة وحَفِظَ أحد الرّاوِيَين ما لم يحفظْ الآخرُ، وإنّما ذُكِرَ الإقبال والإدبار معاً لإمكان وُجُود أحدهما مع عدم تحقُّقِ الغروب قاله القاضي عِيَاض.

وفي «شرحِ التِّرمذيِّ»: الظّاهرُ الاكتفاءُ بأحَدِ الثّلاثة لأنّه يُعْرَفُ انقضاء النّهار بأحدهما، ويُؤَيِّدهُ الاقتصار في رواية ابن أبي أَوْفَى على إقبال اللّيل.

قال ابن خزيمة في قوله: «فقد أَفْطَرَ الصَّائمُ»: لَفْظُ خَبَرٍ ومعناه الأمر، أي: فليُفْطِرِ الصّائِمُ.

الحديث الثاني: عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: كُنّا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر وهو صائمٌ فلمَا غَرَبَتِ الشّمس قال لبعض القوم: «يا فلان قُمْ فاجْدَحْ لنا»، فقال: يا رسول الله، لو أمسيت؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «انزل فاجْدَحْ لنا»، قال: يا رسول الله، فلو أمْسَيْتَ. قال صلى الله عليه وآله وسلم: «انزل فاجْدَحْ لنا» قال: إنّ عليك نهاراً. قال صلى الله عليه وآله وسلم: «انزل فاجْدَحْ لنا». فنزل فجَدَحَ لهم، فشرب النّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ قال: «إذا رَأيتُمُ اللّيلَ قد أَقْبَلَ مِنْ هاهنا فقد أفطَرَ الصَّائمُ» (8).

هذا السّفر يُشبه أن يكون سَفَرَ غزوة الفتح، ويُؤَيِّدهُ عند مسلم بلفظ: «كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سَفَرٍ في شهرِ رمضان». وأنّ سَفَره في رمضان مُنْحَصِرٌ في غزوة بدرٍ وغزوة الفتح، لم يشهد ابنُ أبي أَوفى بدراً فتعَيَّنَتْ غزوة الفتح.

(يا فلان قُمْ فاجْدَحْ): بالجيم ثمّ الحاء المهملة، والجَدْح: تحريك السَّويق ونحوه بالماء بعودٍ يقال له: المِجْدَحُ مُجَنَّح الرّأس.

يحتمل كان يرى كثرَةَ الضّوء مِنْ شدّة الصّحو فَيَظُنُّ أنّ الشّمس لم تَغْرُبْ ويقول لعلّها غطّاها شيءٌ مِنْ جَبَلٍ ونحوه، أو كان هناك غيمٌ فلم يتحقّق غروب الشّمس.

فقه وفوائد الحديث

1- استحبابُ تعجيل الفطر، وأنّه لا يجب إمساك جزءٍ مِنَ اللّيل مُطلقاً، بل متى تحقّق غروب الشّمس حَلَّ الفِطْرُ.

2ـ وفيه تَذَكُّر العَالِم بما يُخْشَى أن يكون نَسِيَهُ، وتَرْكِ المراجعة له بعد ثلاث.

3ـ بيانُ وقت الصّوم، -من طلوع الفجر الى الغروب- وأنّ الغروب متى تحقّق كفى.

4ـ وفيه إيماء إلى الزّجر عن مُتابعة أهل الكتاب فإنّهم يُؤَخِّرُون الفطر عن الغُرُوب.

5-أحاديث التعجيل متواترة

-قال تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] يقتض: الإفطار عند غروب الشمس.

قال ابن عبد البرّ: أحاديثُ تعجيل الإفطار وتأخير السُّحُور صِحاحٌ مُتواترةٌ:

1- جاء في الصحيحين: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». (9)

2-عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ، مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ». (10)

3-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا. »(11).

4- وعند عبد الرزّاق وغيره بإسنادٍ صحيحٍ عن عَمْرو بن ميمون الأوديِّ قال: «كان أصحابُ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أسْرَعَ النّاسِ، إفطاراً وأبطأهُم سحوراً» (12).

زاد أبو ذَرٍّ في حديثه: «وأخَّرُوا السُّحُورَ» أخرجَهُ أحمد، امتثالاً للسّنّةِ واقفين عند حَدّها غير مُتَنَطِّعِينَ بِعُقُولهم ما يُغَيِّرُ قواعِدها.

5-زاد أبو هريرة في حديثه: «لأنّ اليهودَ والنَّصارى يُؤَخِّرُون» أخرجه أبو داود وابن خزيمة وغيرهما.

وتأخير أهل الكتاب له أمَدٌ وهو ظُهُور النَّجْمِ، وقد روى ابن حبّانَ والحاكم من حديث سهل أيضاً بلفظ:

6- «لا تَزَالُ أُمّتي على سُنَّتِي ما لم تَنتَظِرْ بِفِطرها النُّجُومَ» (13) وفيه بيان العِلّة في ذلك.

ب-الحكمة من تعجيل الإفطار

أ-قال المُهَلَّبُ: والحكمة في ذلك أن لا يُزادَ في النّهار من اللّيل، ولأنّه أرفق بالصّائم وأقوى له على العبادة، واتّفقَ العلماءُ على أنّ محلّ ذلك إذا تحقّق غروب الشّمس بالرّؤية أو بإخبار عدلَين، وكذا عدلٍ واحد في الأرجح.

ب-قال ابن دقيق العيد: في هذا الحديث ردٌّ على الشّيعة في تأخيرهم الفطر إلى ظهور النّجوم، ولعلّ هذا هو السّبب في وجود الخير بتعجيل الفطر لأنّ الذي يُؤَخِّرُهُ يدخُلُ في فعل خلاف السّنّة ا هـ.

ج- (تنبيه): من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزّمان أن صاروا لا يؤذّنون إلّا بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت زعموا فأخّروا الفطر وعجّلوا السّحور وخالفوا السنّة، والله المستعان (14).

ج-النهي عن الوصال:

أ- الوِصَالِ: وهو أن يصل يوماً بيوم آخر ولا يأكل بينهما شيئاً.

ورد في الأحاديث الصحيحة النهي عن الوصال،

- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ تُوَاصِلُوا»، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي»، فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الوِصَالِ، قَالَ: فَوَاصَلَ بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَوْمَيْنِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ تَأَخَّرَ الهِلاَلُ لَزِدْتُكُمْ» كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ (15).

ب- الوِصَالِ: من خصائص النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه كان يقوى على ذلك ويُعان.

والأظهر أنَّ ذلك الطعام والشراب في حقِّه إنما كان (معنويَّاً) لا (حسيَّاً) وإلا فلا يكون مُواصلاً مع الحسِّي ولكن كما قال الشاعر:

لها أحاديثُ مِنْ ذكراكَ تشغِلُها = عنْ الشَّراب وتُلهِيهَا عَن الزَّادِ

ج-وأمَّا مَنْ أحبَّ أنْ يُمسكَ بعد غروب الشَّمس إلى وقت السَّحر فلهُ ذلك، كما في حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ يُرِيدُ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ إِلَى السَّحَرِ».

قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.؟

قَالَ: «إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» (16).

د- تعجيل الفطر مُسْتَحَبٌّ: قال الشّافعيّ في «الأُمّ»: تعجيل الفطر مُسْتَحَبٌّ، ولا يكره تأخيره إلّا لمن تعمّدَهُ ورأى الفضل فيه، ومقتضاهُ أنّ التّأخير لا يكرهُ مطلقاً، وهو كذلك إذ لا يلزم من كون الشّيء مُستحبّاً أن يكون نقيضهُ مكروهاً مُطلقاً.

هـ-مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ عَلَيْهِ

- عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» (17)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: مَنْ وَجَدَ تَمْرًا فَلْيُفْطِرْ عَلَيْهِ، وَمَنْ لاَ، فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ، فَإِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ. (18) [فَلْيُفْطِرْ عَلَيْه]ِ الأمرُ هنا: ليس على الوجوب بل على الاستحباب، وقد شذّ ابن حزم فأوجب الفطر على التّمر وإلّا فعلى الماء.

14-الدعاء عند الإفطار

عن معاذ بن زُهْرة، بلغه أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أفطر، قال: اللَهُمَّ لك صُمْتُ، وعلى رِزْقِكَ أفْطَرْتُ (19). كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أفطر قال: "ذهب الظَّمأ وابتلَّت العُرُوقُ وثبتَ الأجر إن شاء اللهُ" (20).

قَال ابْنِ حَجَرٍ: أَيْ زَالَ التَّعَبُ وَحَصَلَ الثَّوَابُ، وَهَذَا حَثٌّ عَلَى الْعِبَادَاتِ، فَإِنَّ التَّعَبَ يَسِيرٌ لِذَهَابِهِ وَزَوَالِهِ، وَالْأَجْرُ كَثِيرٌ لِثَبَاتِهِ وَبَقَائِهِ،

نَظِيرُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - حِكَايَةً عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ:

{الْحَمْدُ لِله الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 34] "(21)

الحلقة السابقة هـــنا

 

(1) سنن البيهقي (1864).

(2) أخرجه مسلم (2593).

(3) أخرجه مسلم (2588).

(4)- صحيح البخاري (3/ 29)1926 أخرجه مسلم (2647).

(5) شرح النووي على صحيح مسلم ج7 ص202

(6) فتح الباري شرح صحيح البخاري (ج6 ص214)

(7) أخرجه البخاري (1954).

(8) أخرجه البخاري (1955).

(9) صحيح البخاري (3/ 36) صحيح مسلم (2/ 772)51 - (1100) 1954

(10) موطأ مالك ت الأعظمي (3/ 411)1011/ 300

(11) سنن الترمذي ت بشار (2/ 74)700

(12) مصنف عبد الرزاق ج4 (7591).

(13) صحيح ابن حبان، باب الإفطار وتعجيله (3579).

(14) فتح الباري (ج6/220)

(15) صحيح البخاري (9/ 97)7299

(16)- سنن الدارمي (2/ 1063)1747

(17) صحيح ابن حبان - محققا (8/ 282)

أخرجه أحمد سنن أبي داود (2/ 306)2356 والترمذي "696"، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقال الدارقطني: إسناده صحيح، قال الترمذي: حسن غريب.

(18) سنن الترمذي ت بشار (2/ 70)694

(19) سنن أبي داود ت الأرنؤوط (4/ 40)2358

(20) -سنن أبي داود ت الأرنؤوط (4/ 39)2357

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين