الفتوى المعاصرة بين الجمود الظاهري والجموح المقاصدي

بمناسبة أو غير مناسبة يخرج علينا بعض الغلاة ممن عندهم اهتمام بنصوص التشريع الإسلامي وثمراتها بأقوال أو تأكيدات لأقوال مجافية لمراد الشارع ، وبعيدة عن منطق الواقع الذي جاء التشريع الحنيف موائما له ، متصالحا معه .

فهذا منتسب إلى مدرسة الغلو الظاهري لا يكتفي بأن ينتقي من أقوال الأئمة _ في صدقة الفطر _ ما هو منسجم مع تطرفه وجموده ، ويفتي به في عصر أثبت الواقع أنه صار بعيدا عن مقصد الشارع ومراده ، بل يريد أن يلزم الآخرين بما جنح إليه من غلو ، ويفتي بعدم إجزائها لمن أخرجها نقدا !!

وغاب عن هذا الجهول أن ما ارتكز عليه من أقوال الأئمة رضي الله عنهم إنما كان متناغما مع واقعهم ، منسجما مع أحوالهم في ذلك العصر ؛ وعندما تحول الحال صار الأنسب أن تتحول الفتوى إلى ما هو الأقرب من أقوالهم مما يخدم الحال الجديد .

ومن القواعد الفقهية المقررة في تشريعنا ، والحاضرة في أذهان صغار طلبة العلم فضلا عن كبار الأئمة قولهم " لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأحوال " !!

وهذا منتسب إلى غلاة التحكيم المقاصدي ، أقام نفسه _ المنهزمة أصلا _ مقام هيئة الدفاع عن الإسلام وتشريعه في وجه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها ، وفي سبيل اجتهاده وسعيه إلى إظهار مواكبة التشريع لتغيرات العصر ، تراه بين قفزة وأخرى يجنح عن مقصد النص وقواعد تفسيره ، ويقع فيما نصب له سلفا من شرك إلغاء الشريعة السمحة جملة وتفصيلا .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين