إذا اشتكت امتناعها فأصلح ما بينك وبينها

 

السعادة الزوجية
إذا اشتكيت امتناعها
فأصلح ما بينك وبينها
محمد رشيد العويد
 
في الحديث عن امتناع المرأة عن زوجها إذا دعاها إلى فراشه حديث قبله عن امتناع الرجل عن حبه لزوجته وعطفه عليها .
فكثير من الرجال يشتكون امتناع زوجاتهم من معاشرتهم دون أن يذكروا أنهم آذوهن في مشاعرهن أو أبدانهن قبل ساعات من هذه المعاشرة !
وما أجمل وأبلغ وأعظم حديثه صلى الله عليه وسلم في بيان هذه الحال التي يخطئ فيها الرجال حين يؤذون نساءهم في النهار ثم يطلبون معاشرتهن في الليل دون أن يداووا جراحهن ويطيبوا خواطرهن قبل ذلك . يقول صلى الله عليه وسلم ( يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه ) متفق عليه . وفي رواية البخاري نهي صريح عن فعل ذلك إذ قال صلى الله عليه وسلم ( لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم ) يقول ابن حجر رحمه الله : وفي سياقه – أي الحديث – استبعاد وقوع الأمرين من العاقل : أن يبالغ في ضرب امرأته ثم يجامعها من بقية يومه أو ليلته ،والمجامعة أو المضاجعة إنما تستحسن مع ميل النفس والرغبة في العشرة ، والمجلود غالباً ينفر ممن جلده ، فوقعت الإشارة إلى ذم ذلك .
ويضيف ابن حجر : وقد جاء النهي عن ضرب النساء مطلقاً فقال صلى الله عليه وسلم ( لا تضربوا إماء الله ) .
ثم يقول رحمه الله : فإن اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل ، ومهما كان الوصول إلى الغرض بالإيهام لا يعدل إلى الفعل ، لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة في الزوجية ، إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله ، وقد أخرج النسائي في الباب حديث عائشة ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة له ولا خادماً قط ، ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا في سبيل الله ، أو تنتهك حرمات الله فينتقم لله ) .
وهذه الدراسات العلمية الحديثة تؤكد أن المرأة تنفر من المعاشرة الزوجية إذا سبقها عنف بدني أو لفظي من زوجها .
الباحثة الاجتماعية ( آن لاندرز ) واحدة من أشهر الباحثات الاجتماعيات في أميركا ، وتشرف على تحرير زاوية الأسرة في عدة صحف ومجلات أمريكية ، فضلاً عن برنامجها الأسبوعي في التلفزيون .
 
 
 
تقول لاندرز : إن المرأة ، رغم تحررها ومساواتها بالرجل في كثير من المجالات ، مازالت ترى الإشباع الجنسي في علاقتها بزوجها يأتي بعد الإشباع العاطفي ، وأن هذا لم يتغير عبر التاريخ ، ولا يمكن أن يتغير مهما بلغ تحررها .
وفي كتابها ( متطلبات المرأة ) الذي نشرت فيه خلاصة أبحاثها تؤكد لاندرز أن المرأة تحتاج للتعاطف واللطف والرقة أكثر من حاجتها للإشباع الجنسي ، بل إن إشباعها عاطفياً قد يغنيها عن الجنس .
وكانت الباحثة قد وجهت مائة ألف استمارة مطبوعة لمائة ألف امرأة أميركية عن كافة الشرائح والطبقات الاجتماعية تتراوح أعمارهن ما بين 18 و 50 سنة . وكان السؤال الوحيد في الاستمارة : هل تشعرين أنك في حاجة للإشباع الجنسي أكثر من حاجتك للتعاطف معك ؟ أي : هل تطلبين من زوجك إشباع عاطفتك أم إشباع غريزتك الجنسية ؟
تلقت لاندرز أكثر من تسعين ألف إجابة كان أكثرها يؤكد أن حاجتهن لرقة الزوج وعطفه ولطفه تفوق كثيراً حاجتهن لإشباعهن جنسياً .
ومن بين هذه الإجابات تعرض إجابة منها تقول فيها صاحبتها : إنني لا أطلب من زوجي سوى أن يضمني إلى صدره ، ويعاملني برفق ، ويسمعني كلمات رقيقة ، فإذا فعل ذلك فإنني أستغني عن المعاشرة في تسعين بالمئة من الحالات .
ولا شك في أن الجمع بين الإشباعين هو الأفضل ، وهذا ما يأمر به الإسلام ويعده حقاً لكلا الزوجين .
الرسالة التي أوجهها إلى الرجال هي : احرصوا على الرفق في تعاملكم مع زوجاتكم ، ولكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، فقد كان رفيقاً بالناس جميعاً ، وبالنساء خاصة ، حتى إنه صلى الله عليه وسلم أوصى بهن خيراً فقال ( استوصوا بالنساء خيراً ) ، بل كان آخر كلامه صلى الله عليه وسلم وصية بالصلاة والمرأة .
وعليه فإن على الرجل الذي يضيق بامتناع زوجته من فراشه ؛ أن يشبع عاطفتها أولاً ، وأن يصلح ما بينه وبينها ، فيواسيها في أحزانها ، ويداوي جراحها ، ويعتذر عن إساءته لها ، فإذا فعل هذا فإنه سيجدها ، بعون الله طوع بنانه ، ورهن إشارته .
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين