اغتيال امراة!!؟ الشهيدة بنان علي الطنطاوي

... زوج ثاكل! وأب مفجوع!!؟

لا يمكن أن يمر الحديث عن المفكر السوري الأستاذ عصام العطار دون الوقوف عند اغتيال زوجته بنان علي الطنطاوي في ١٧ / ٣/ ١٩٨١م بألمانيا!؟ ودون الوقوف عند حزن أبيها الشيخ الأديب علي الطنطاوي الذي ذكرها في برنامج إذاعي مرة، فبكاها وأبكى المستمعين بكلماته الدامعة التي غلبت عليها نبرات صوته الحزين!!

وكذلك دون الوقوف عند من بكوا زوجاتهم من القدماء والمعاصرين، بدءاً بالشاعر جرير الذي قال:

لولا الحياءُ لهاجني استعبارُ - ولزرتُ قبرٓكِ، والحبيبُ يزارُ!؟

ولّهتِ قلبي إذ علتْني كٓبرةٌ - وذوو التمائم من بنيك صغارُ..!

ومروراً بمحمود سامي البارودي، وهو منفي عن وطنه، وقد بلغه وفاة زوجته، وهو بعيد عنها:

يادهرُ! فيمٓ فجعتني بحليلة - كانت خلاصةٓ عُدّتي وعٓتادي!؟

ووقوفاً عند شاعرين كبيرين، أصدر كل منهما ديواناً في رثاء زوجته!

يقول عزيز أباطة في ديوانه أنات حائرة:

طوّفتُ بالبيت الحزين مسلّماً - فبكى وأوشك أن يردّ سلامي!

وجعلتُ أسألُه فلو ملك البكا - واسْطاعه لبكى بدمع هامي!

أعرفتِني يادارُ؟ أم أنكرتني - نهْبٓ الأسى والبث والآلامِ..!

ويقول عبد الرحمن صدقي في ديوانه من وحي امرأة:

أأُهربُ من ذكراكِ أم لستُ أهربُ - وهل من وفاءٍ أن يُجٓنّ معٓذّبُ!

أأترك ُ هذا البيتٓ، قد كان عُشّنا - وكنا به إلفٓينِ، والأرصُ مٓعشٓبُ!

خيالُكِ لاأقوى عليه؛ فإنه.... - وقد صار جزءاً من حياتي مُغٓلّبُ!!

ثم ينتهي بنا المطاف عند قصيدة (رحيل) للأستاذ عصام العطار في رثاء زوجته الشهيدة

(بنان علي الطنطاوي)!!

يقول الأديب الناقد حسني أدهم جرار في كتابه (قصائد إلى المرأة): تعرّض الأستاذ عصام لعدد من المؤامرات التي استهدفت حياته وحياة أسرته!؟ ففي ١٧- ٣ - ١٩٨١ م تم اقتحام شقته في مدينة آخن بألمانيا الغربية في أثناء غيابه، وكانت زوجته في الشقة وحدها، فضربوها خمس رصاصات... اثنتان منها في جبهتها الشامخة!

فكانت هذه القصيدة المبكية، وقد اختار الأستاذ حسني منها سبعة وثلاثين بيتاً! كان مطلعها:

بنانُ! ياجبهةٓ الإسلام داميةً - مازال جرحُك في قلبي نزيفٓ دمِ!

بنان ياصورةٓ الإخلاص رائعةً - ويامثالٓ الفدى والنُّبل والكرٓمِ -

بنان ياأُنسٓ أيامي التي انصرمٓتَ - وليس يومُك في قلبي بمنصرم!!

ويا رفيفةٓ دربي والدُّنا ظُلٓمٌ...،. - تشقُّ دربٓ الهدى في حالك الظُّلٓم

ويا وِقائي إدا ماكنتُ في خطر.... – ويا يميني وياسيفي ويا قلمي!

ثم يمضي متذكراً الأيام التي قضياها معاً في الغربة، وما رافقها من ألم الفراق عن الأهل والوطن، والمضايقات والتهديد....

الكيدُ يرصدُنا في كل منعطف - والموتُ يرقبُنا في كل مُقتٓحٓم!؟

حتى سقطتِ على درب الجهاد وقد - عٓزّ النصيرُ بلا شكوى ولا ندم!

صريعةً برصاص الغدر، خالدة - في مسمع الدهر ترتيلاً بكل فم!

وبِتُّ وحدي على الدرب العتيد، وقد - غاب الرفيقُ بجرح غيرِ ملتٓئِم!!

وحين يفلت الجناة، ولا يجد الحر في غربته من يواسيه، ويدفع عنه الأذى!؟ فلا عليه أن يهتف في ألم ويأس:

فمٓن يُغيثُ؟ ألا دِينٌ؟... ألا خُلُقٌ؟ - مٓن ذا يكون لمظلومٍ ومٓهتٓضٓم!؟

فظائعٌ ما رأى التاريخُ مُشبهٓها!؟ - في عالم الغاب أوفي غابر الأمم!؟

ولكن إذا أصمّتْ عدالة الأرض آذانها عن سماع الحق ونصرة المظلوم، فإن منادي السماء ينادي: وعِزتي لأنصرنّك ولو بعد حين!!

الله أكبرُ والأقدارُ ماضيةٌ... - أين الطواغيتُ مِن عادٍ ومن إِرٓمِ!؟

سنصدع الليلَ مهما اشتد غيهبُه - ونحملُ الفجرَ للإنسان والأمم!

ويسألونك: متى هو؟ قل: عسى أن يكون قريبا!!!!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين