مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (100)

(وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) [ البقرة: 123 ]

السؤال الأول:

لماذا حذف الجار والمجرور المقدر( فيه ) مع الفعل (تَجْزِي) [البقرة:123] في الآية؟

الجواب:

انظر الجواب في آية البقرة [48 ] في الحلقة ( 55 ) على موقع رابطة العلماء السوريين المنشورة بتاريخ 28/ 05 / 2020 م.

السؤال الثاني:

قوله تعالى في الآية: (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ) [البقرة:123]، وقال في آية البقرة [48]:( وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ) [البقرة:48] فما سبب هذا الاختلاف؟ ومتى تذكر الشفاعة أو تؤنث؟

الجواب:

1ـ في آية البقرة [48] قوله تعالى (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ) [البقرة:48].

آ ـ ذكّر الفعل (يُقْبَلُ) مع الشفاعة؛ لأنّ الشفاعة هنا لمن سيشفع، أي: للشافع وهو مذكر.

ب ـ الشفاعة ليست مؤنثة حتى تكون الشفاعة مطلقة.

ج ـ إذا فصلت بين المؤنث الحقيقي والمؤنث المجازي يجوز التذكير والتأنيث، تقول: ذهب إلى الجامعة فاطمة وذهبت إلى الجامعة فاطمة، هكذا إذا كان هناك فصل، لكنْ: ذهبت فاطمة لا يجوز غير هذا: ذهبت فاطمة.

د ـ أمّا المؤنث المجازي، فتقول: طلعت الشمس، وطلع الشمس، ابتداء فهذا مؤنث مجازي.

2ـ في آية البقرة[ 123] أنّث الفعل، فقال: (وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ) [البقرة:123] ؛لأنّ المقصود هي الشفاعة نفسها وليس الكلام عن الشفيع.

3ـ في آيات يس 23 قوله تعالى (لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا) [يس:23] وآية النجم [26] قوله تعالى:( لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا) [النجم:26] أنّث الفعل؛ لأنّ المقصود هي الشفاعة نفسها.

السؤال الثالث:

ما خصوصية استعمال القرآن لكلمتي: العدل والقسط؟

الجواب:

1ـ القسط: هو الحظ والنصيب، والقرآن لم يستعمله إلا مع الموازين، وهذا من خصوصية الاستعمال القرآني والقسط يستعمل مع غير الميزان، لكنّ القرآن يستعمله مع الميزان ولا يستعمل العدل مع الميزان، والقسط قد يكون في القسمة وفيه ارتباط بالآلة (قسطاس).

ولذلك في القرآن الكريم لم يستعمل مع الوزن إلا القسط، نحو قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ) [الرحمن:9]، وقوله تعالى: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ) [الإسراء:35] والقسطاس هو ميزان العدل، وأصل كلمة قسطاس عدل، فسموا الميزان قسطاساً؛ لأنه عدل.

2ـ العدل معناه المساواة في الأحكام، وعندنا عَدلٌ وعِدلٌ، فالعِدلُ ـ بكسر العين ـ فهو فيما يُبصر من الأشياء تقول: هذا عِدل هذا، مثل حِملَينِ متساويين.

أمّا العَدلُ ـ بفتح العين ـ فهو أحكام ومساواة في الحكم وفيما لا يُبصر من الأشياء، نحو قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ) [المائدة:95] أي: ذوا قسط (أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا) [المائدة:95] والصيام لا يُبصر (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا ) [الأنعام:70] لم يقل كل قسط، (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ) [البقرة:123]. والله أعلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين