كلمات في الميراث وتوزيعه عند المسلمين

يتجدد الجدل نيلًا من المسلمين ودينهم عبر موضوع الميراث وتوزيعه على مستحقيه من الورثَة، فالمسلمون متّهمون غالبًا بحسن نية أو سوئها في موضوع الميراث بعدم العدل بين الإناث والذكور، وشاهد المُتَّهِمين أربع كلمات مُقتطَعة من سياق قرآني (طويل ومفصَّل) متعلِّق بتوزيع الميراث، وحصة كل فرد من مستحقيه، وغالبًا ما يُستشهَد بها حيث يُراد إظهار التمييز أو التميُّز للذكور، وهي ليست كذلك، بل هي حالة واحدة من حالات أربع في توزيع التركات ينال فيها الذكر من الميراث أكثر من الأنثى.

في تقديري: أن الاتهام شكل من أشكال التجنِّي والهجوم والطعن في دين المسلمين، وإلا فإن الآخرين أيًّا كان دينهم ومذهبهم يوزِّعون تركاتهم وميراثهم على مزاجهم، ودون أية قواعد، (ولا أحد يتَّهِمُهم)، فيعطون ويمنعون ويَحرِمون، أو يقتصرون في تركاتهم على الذكور من دون الإناث، وأحيانًا على البعض منهم، وفي أحيان أخرى لا يورِّثون أحدًا من أولادهم البتة، ولا يلاقون ما نلاقيه من اتهامنا والنيل من ديننا.

ولعلِّي أختصر الرد على مثل هذا التجنّي، ابتداءً يكفينا أنه لدى المسلمين نظام لتوزيع الترِكات في حين لا يوجد لدى الآخرين، وإن وُجِد فهو وعَدَمُه سواء.

وللتوضيح أكثر في مواجهة الحداثيين ولا سيما المفترين منهم والمشككين، أُذَكِّر بمسألة مهمة وعادية أيضًا، فكل من يُتوَفَّى يترك من بعده ميراثاً وورَثَة، أيًّا كان هذا الميراث وأيًّا كان هؤلاء الورثة، وتنشأ مسألة حسابية لتوزيع التَّرِكة حسَب قواعد وأصول شرعية. وعليه، فلن يتطابق التوزيع من مسألة إلى أخرى إلا إذا كانت عناصرها هي نفسها في الحالتين. وأقصد بالتوزيع حصة كل فرد، ذكر أو أنثى من الوارثين. واللطيف أن نتائج توزيع الأنصبة – كما ذكرت - تختلف حسب معطياتها ومقدماتها، وحسب كل حالة بعينها. وفي التعاطي مع الواقع الإنساني، وحصر الحالات التي تَعرِض في المواريث، فإن هذه المسائل أقل من ستين وأكثر من خمسين حالة أجملها بما يلي:

ثلاثون حالة، ترث فيها الأنثى مثل الذكر تمامًا.

سبعة عَشَرَ حالة، ترث فيها الأنثى أكثر من الذكر.

أربع حالات فقط لا غير، ترث فيها الأنثى أقلَّ من الذكر.

هذا مع العلم أنَّ هناك حالات (مسائل) ترث فيها الأنثى ولا يرث الذكر، ولكن لا يوجد حالة واحدة يرث فيها الرجل ولا ترث المرأة.

وأختم بمسألتين مهمَّتين، لمن هم مسلمون تحديدًا: أولاها: أن هذه المسألة الشرعية والفقهية جاء تفصيلها تقريبًا مائة بالمائة بنص القرآن الواضح والصريح منعًا للتبديل والتغيير والعبث، على خلاف كثير من مسائل الفقه الأخرى التي جاءت تفصيلاتها في حديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وفيها مسائل اجتهادية تتبع قراءة النص وفهمه. وثانيها: أن من مات في بلاد غير المسلمين مثلًا، وليس عنده وصيَّة تضيع معظم ثروته، ويخسرها ورثته، ولذلك يؤكدون في تلك البلاد على شديد أهميتها ووجوبها، في حين أن ذلك محفوظ لدى المسلمين – وجِدت وصيّة أم لم توجد - ومصانٌ بالأحكام والقوانين الشرعية النافذة والمعروفة في هذه المسألة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين