نبي الرحمة (17)

العهد المدني

ويقسم لثلاث مراحل:

١-تأسيس المجتمع الإسلامي، وتمكين الدعوة.

٢-الصلح مع العدو الأكبر، والفراغ لدعوة ملوك الأرض إلى الإسلام، والقضاء على المؤامرات.

٣-استقبال الوفود، ودخول الناس في دين الله أفواجاً.

*سكان المدينة وأحوالهم عند الهجرة:

لم تكن الهجرة فراراً من الفتنة وحسب، بل إقامة مجتمع جديد، فأصبح فرضاً على كل مسلم يقدر على الهجرة أن يهاجر ويسهم في بناء الوطن الجديد. وكان صلى الله عليه وآله وسلم هو الإمام والقائد في هذا المجتمع. وكان الناس في المدينة على ثلاثة أصناف هي:

١-الصحابة الصفوة الكرام البررة.

٢-المشركون وهم من قبائل المدينة. ٣- اليهود.

١- أما الصحابة فظروفهم في المدينة تختلف عما كانت في مكة، حيث كانوا متفرقين مقهورين أذلاء، وأمرهم بيد أعدائهم، فلم يكونوا يستطيعون أن يُنشئوا مجتمعاً جديداً. ولذلك نرى السور المكية تقتصر على تفصيل المبادئ والتشريعات التي يمكن العمل بها لكل فرد، وعلى الترغيب في البر وحسن الخلق والترهيب من الرذائل والدنايا. أما في المدينة فأمرهم بأيديهم ولايسيطر عليهم أحد، فهم مطالبون أن يواجهوا مسائل الحضارة، وأن تُفَصَّل لهم مسائل الحلال والحرام، والعبادة والأخلاق، وكل شؤون الحياة. ليُكوّنوا مجتمعاً إسلامياً يختلف عن المجتمع الجاهلي، وعن أي مجتمع في العالم ، ويكون ممثلاً للدعوة الإسلامية. وتكوين هذا النمط لا يمكن أن يستتب في يوم أو شهر أو سنة، بل لابد له من زمن يتكامل فيه التشريع والتربية والتثقيف والتدريب والتنفيذ بالتدريج، وكان الله كفيلاً بهذا التشريع وكان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم قائماً بتنفيذه. وكانت هناك قضايا طارئة تطلب الحل العاجل والحكيم، أهمها أن المسلمين كانوا على قسمين: قسم كانوا في أرضهم وديارهم وهم الأنصار، وكان بينهم عداء مزمن. وقسم آخر نجوا بأنفسهم وهم المهاجرون، لا ملجأ لهم، ولا عمل يكسبون به ما يسد حاجتهم ولا مال عندهم، وهم كثر ويزيدون يوماً فيوماً، فقد أُذِن بالهجرة لكل من آمن. ومعلوم أن المدينة لم تكن على ثروة طائلة فتزعزع اقتصادها، وفي نفس الوقت قام الأعداء بشبه مقاطعة اقتصادية، فقَلَّت الواردات وتفاقمت الظروف.

٢-أما المشركون فكان بعضهم يتردد في ترك دين الآباء، ولم يكونوا يبطنون العداوة، وبعد مدة قصيرة أسلموا وأخلصوا. وكان فيهم من يبطن العداوة، ولكنه لايستطيع أن يناوئ الإسلام، بل كان مضطراً إلى إظهار الودّ، وعلى رأس هؤلاء عبد الله بن أبيِّ، فقد كانت الأوس والخزرج اجتمعوا على سيادته، وكان على وشك أن يصير ملكاً على المدينة، فبوغت بمجيء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكان يرى أنه استلبه الملك، فكان يُبطن له العداوة، ولما رأى أنه سوف يُحرم بقايا العز والشرف أظهر الإسلام بعد بدر، فكان لا يجد مجالاً يكيد فيه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبالمسلمين إلا ويأتيه، وكان أصحابه ـ الذين حرموا المناصب المرجوة في ملكه ـ يدعمونه.

٣-أما اليهود فإنهم كانوا عبرانيين انحازوا إلى الحجاز زمن الاضطهاد الأشوري والروماني، واصطبغوا بالعرب بالزي واللغة والحضارة، إلا أنهم احتفظوا بعصبيتهم الجنسية، ولم يندمجوا في العرب، وكانوا يحتقرون العرب ويرون أن أموالهم مباحة لهم. وبضاعتهم الدينية هي:الفأل والسحر والنفث والرقية وأمثالها، ويرون أنهم أصحاب علم وفضل وقيادة روحانية. وكانوا مَهَرَةً في الكسب، فكانوا يتاجرون بالحبوب والتمر والخمر والثياب، وكانوا أكَّالين للربا، يعطون القروض ويرتهنون لها زروع العرب وحوائطهم ثم يتملكونها. وكانوا يلقون العداوة بين قبائل العرب ليتطاحنوا في الحروب. وكانت في يثرب منهم ثلاث قبائل:

١- بنو قَيْنُقَاع: وكانوا حلفاء الخزرج، ديارهم داخل المدينة.

٢- بنو النَّضِير: وكانوا حلفاء الخزرج، ديارهم بضواحي المدينة.

٣- بنو قُرَيْظة: وكانوا حلفاء الأوس، ديارهم بضواحي المدينة.

وطبعاً اليهود ينظرون إلى الإسلام بعين البغض والحقد، فالرسول لم يكن من جنسهم، و دعوته تؤلف بين القلوب، ومعنى ذلك أن قبائل يثرب ستتآلف فيما بينها، لذلك كانوا يبطنون العداوة للإسلام وللنبي صلى الله عليه وآله وسلم.

هذا كله من حيث الداخلية، وأما من حيث الخارجية، فإن ألدَّ قوة هي قريش، وكانت قد أذاقت المسلمين بمكة الويلات، ثم لما هاجروا إلى المدينة صادرت أرضهم وديارهم وأموالهم، وحالت بينهم وبين أزواجهم وذرياتهم، وحبست وعذبت من قدرت عليه، وتآمرت للقضاء على النبي صلى الله عليه وآله وسلم و دعوته، ولما نجا المسلمون أغرت مشركي الجزيرة ضد أهل المدينة، لتجعلهم في شبه مقاطعة.

واجه صلى الله عليه وآله وسلم هذه القضايا والمشاكل، وقام بدور الرسالة والقيادة، وأدلى إلى كل قوم بما يستحقونه من الرأفة والرحمة، أو الشدة والنكال حتى عاد الأمر إلى الإسلام وأهله في بضع سنوات.

بناء المسجد النبوي.

أسلفنا أن نزول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة كان في أرض أمام دار أبي أيوب، وقال: ههنا المنزل إن شاء الله، ثم انتقل إلى بيت أبي أيوب، وأول خطوة خطاها بعد ذلك إقامة المسجد النبوي. ففي المكان الذي بركت فيه ناقته أمر ببناء هذا المسجد، واشتراه من غلامين يتيمين كانا يملكانه، وأسهم في بنائه بنفسه، فكان ينقل اللبِن والحجارة ويقول:

(اللهم لا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخرة ** فاغْفِرْ للأنصار والمُهَاجِرَة)

وكان يقول:

(هذا الحِمَالُ لا حِمَال خَيْبَر ** هذا أبَرُّ رَبَّنَا وأطْهَر)

وكان ذلك مما يزيد نشاط الصحابة في العمل، حتى إن أحدهم ليقول:

لئن قَعَدْنا والنبي يَعْمَل ** لذاك مِنَّا العَمَلُ المُضَلَّل

وكانت في ذلك المكان قبور للمشركين، وكان فيه خرب ونخل وشجرة من غَرْقَد، فأمر صلى الله عليه وآله وسلم بقبور المشركين فنبشت، وبالخَرِب فسويت، وبالنخل والشجرة فقطعت، وصفت في قبلة المسجد، وكانت القبلة إلى بيت المقدس، وجعلت عضادتاه من حجارة، وأقيمت حيطانه من اللبن والطين، وجعل سقفه من جريد النخل، وعُمُده الجذوع، وفرشت أرضه بالرمال والحصباء، وجعلت له ثلاثة أبواب، وطوله مما يلى القبلة إلى مؤخره مائة ذراع، والجانبان مثل ذلك أو دونه، وكان أساسه قريبًا من ثلاثة أذرع.

وبنى بيوتاً إلى جانبه بالحجر واللبن، وسقفها بالجريد والجذوع، وهي حجرات أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد تكامل الحجرات انتقل إليها من بيت أبي أيوب.

ولم يكن المسجد لأداء الصلوات فحسب، بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام وتوجيهاته، ومنتدى تلتقي وتتآلف فيه العناصر القبلية المختلفة التي طالما نافرت بينها النزعات الجاهلية وحروبها، وقاعدة لإدارة جميع الشؤون وبث الانطلاقات، وبرلماناً لعقد المجالس الاستشارية والتنفيذية.

وكان مع هذا كله داراً يسكن فيها عدد كبير من فقراء المهاجرين الذين لم يكن لهم دار ولا مال ولا أهل ولا بنون.

وفي أوائل الهجرة شرع الأذان، تلك النغمة العلوية التي تدوي في الآفاق، كل يوم خمس مرات.

المؤاخاة بين المسلمين:

وكما قام صلى الله عليه وآله وسلم ببناء المسجد، مركز التجمع والتآلف، قام بعمل آخر من أروع ما يأثره التاريخ، وهو عمل المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، قال ابن القيم: ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلاً، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، آخي بينهم على المواساة، ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين وقعت بدر، فلما نزل:{وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[ الأنفال: ٧٥] رد التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة.

ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات الجاهلية، وتسقط فوارق النسب واللون والوطن، ويكون أساس الولاء والبراء الإسلام.

روى البخاري: أنهم لما قدموا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين عبد الرحمن وسعد ابن الربيع، فقال لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالًا، فاقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي، أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، وأين سوقكم؟ فدلوه على سوق بني قينقاع، فما انقلب إلا ومعه فضل من أقِطٍ وسَمْنٍ، ثم تابع الغدو، ثم جاء يوماً وبه أثر صُفْرَة، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (مَهْيَمْ ؟) قال: تزوجت. قال: (كم سقت إليها؟) قال: نواة من ذهب.

وعن أبي هريرة قال: قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل. قال: (لا)، فقالوا: فتكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة. قالوا: سمعنا وأطعنا.

هذا ما كان عليه الأنصار من الحفاوة البالغة بإخوانهم المهاجرين، ومن التضحية والإيثار والود والصفاء، وقدّر المهاجرون هذا الكرم حق قدره، فلم يستغلوه ولم ينالوا منه إلا بقدر ما يقيم أودهم.

كانت هذه المؤاخاة حكمةً فذةً، وسياسةً حكيمةً، وحلاً رشيداً لكثير من المشاكل التي كان يواجهها المسلمون.

ميثاق التحالف الإسلامي:

كما قام صلى الله عليه وآله وسلم بعقد مؤاخاة بين المؤمنين، قام بعقد معاهدة أزاح بها ما كان بينهم من حزازات الجاهلية، والنزعات القبلية، وفيما يلي ملخص بنودها:

هذا كتاب من محمد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم:

١- أنهم أمة واحدة من دون الناس.

٢- المهاجرون من قريش على رِبْعَتِهم يتعاقلون بينهم، وهم يَفْدُون عَانِيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وكل قبيلة من الأنصار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

٣- وأن المؤمنين لا يتركون مُفْرَحاً بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل.

٤- وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو ابتغى دَسِيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين.

٥- وأن أيديهم عليه جميعاً، ولو كان ولد أحدهم.

٦- ولا يقتل مؤمن مؤمناً في كافر.

٧- ولا ينصر كافراً على مؤمن.

٨- وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم.

٩- وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم.

١٠- وأن سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم.

١١- وأن المؤمنين يبيء بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله.

١٢ـ وأنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً، ولا يحول دونه على مؤمن.

١٣-وأنه من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول.

١٤- وإن المؤمنين عليه كافة، ولا يحل لهم إلا قيام عليه.

١٥- وأنه لا يحل لمؤمن أن ينصر محدثاً ولا يؤويه، وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صَرْف ولا عَدْل.

١٦ـ وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء، فإن مرده إلى الله ـ عز وجل ـ وإلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

بهذه الحكمة، وبهذه الحذاقة أرسى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قواعد مجتمع جديد.

أثر المعنويات في المجتمع:

كان صلى الله عليه وآله وسلم يتعهد المجتمع الجديد بالتعليم والتربية، وتزكية النفوس، والحث على مكارم الأخلاق، ويؤدبهم بآداب الود والإخاء والمجد والشرف والعبادة والطاعة .

سأله رجل: أي الإسلام خير؟ قال:(تطعم الطعام، وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف).

قال عبد الله بن سلام: لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة جئت، فلما تبينت وجهه، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول ما قال:(يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام). وكان يقول:(لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه)، ويقول:(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، ويقول:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). ويقول: (المؤمنون كرجل واحد، إن اشتكى عينه اشتكى كله، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله). ويقول:(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) ويقول:(لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام). ويقول:(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة). ويقول:(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). ويقول:(ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جانبه). ويقول: (سِباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر). وكان يجعل إماطة الأذى عن الطريق صدقة، ويعدها شعبة من شعب الإيمان. ويقول: (الصدقة تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار). ويقول:(أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عُري كساه الله من خُضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم) ويقول:(اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيبة). وبجانب هذا كان يحث على الاستعفاف عن المسألة، ويذكر فضائل الصبر والقناعة. كما كان يبين لهم ما في العبادات من الفضائل والأجر والثواب عند الله، كان يربطهم بالوحي النازل عليه من السماء ربطاً موثقاً، فكان يقرؤه عليهم ويقرؤونه ليعلموا ما عليهم من حقوق الدعوة وتبعات الرسالة، وزودهم بأعلى القيم، فصاروا في أعلى قمة من الكمال عرفت في تاريخ البشر بعد الأنبياء.

يقول عبد الله بن مسعود: من كان مستنّاً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة. أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة، وأبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً،اختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم،

واتبعوهم على أثرهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.

وكان صلى الله عليه وآله وسلم يتمتع من الصفات المعنوية والظاهرة، والفضائل ومكارم الأخلاق، ما جعلت الأفئدة تهوي إليه وتتفانى له النفوس، فما يتكلم بكلمة إلا ويبادر صحابته إلى امتثالها، وما يصدر من إرشاد أو توجيه إلا ويتسابقون إلى العمل به.

بمثل هذا استطاع صلى الله عليه وآله وسلم أن يبني مجتمعاً جديداً، أروع وأشرف مجتمع عرفة التاريخ، وأن يضع لمشاكل هذا المجتمع حلاً تنفست له الإنسانية الصعداء، بعد أن كانت قد تعبت في غياهب الزمان ودياجير الظلمات.

يتبع ........

منقول بتصرف يسير من كتاب السيرة ( الرحيق المختوم )

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين