تفسير سورة النصر (2)

قول الله جل ثناؤه: ﴿إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ١ وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا٢ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا﴾ [النصر:1-3].

الموطن السادس (من المواطن التي تنطوي عليها السورة أو تشير إليها وقد تقدمت المواطن الخمسة في الحلقة الأولى): ما يشير إليه أهل صناعة البيان من الخلاف في جواب (إذا).

فقد روى صاحب "مجمع البيان" أن جواب إذا محذوف تقديره: إذا جاءك يا محمد نصر الله والفتح، حضر أجلُك، كما رُوي أنَّ جوابها هو قول الله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر: 3].

وهذا الخلاف راجعٌ إلى اختلاف فهم الصحابة رضي الله عنهم لمعنى السورة، وذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قرأها عليهم، كانوا بين مُستَبْشر فَرِح، وبَكِيٍّ محتزن، وكان كلٌّ من الفريقين يصدر في فرحه أو حزنه عن فهم وقع له، ومعنىً تمكَّن من نفسه، وهذا الاختلاف في الفهم هو اختلاف تضاد، وليس اختلاف تنوُّع.

ويسوِّغ هذا الاختلاف ما يراه بعض أهل العلم من أنَّ للقرآن ظاهرًا وباطنًا، فالذين فهموا الظاهر فرحوا واستبشروا، والذين أدركوا الباطن حزنوا وبكوا.

وفي البخاري ما يوضح وجهتي النظر هاتين، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم، فوجد بعضهم من ذلك، فقالوا: يأذن لهذا الفتى معنا، ومن أبنائنا من هو مثله، فقال لهم عمر: إنَّه من قد علمتم، قال ابن عباس: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم، ثم سألهم عن هذه السورة: {إذا جاء نصر الله والفتح}، فقالوا: أمر الله جل وعز نبيَّه صلى الله عليه وآله وسلم إذا فتح عليه أن يستغفره وأن يتوب إليه، فقال عمر: ما تقول أنت يا ابن عباس؟ قلت: ليس كذلك، ولكن أخبر الله نبيَّه صلى الله عليه وآله وسلم حضور أجله، فقال: إذا جاءك نصر الله والفتح، فذلك علامة موتك، فسبِّح بحمد ربِّك واستغفره إنه كان توَّابًا، فقال عمر رضي الله عنه متوجِّهًا بخطابه إليهم: تلومونني عليه؟ ثم قال أمير المؤمنين: والله ما أعلم منها يا ابن عباس إلا ما تقول.

فقد تضمَّنت هذه القصَّة صحَّة ما ذهب إليه بعض أهل العلم من أنَّ للقرآن ظاهرًا وباطنًا، ويزيد هذا الرأي وضوحًا ما رواه الحسن البصري رحمه الله تعالى مُرسلًا عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: "ما أنزل الله آية إلا ولها ظهر وبطن" [رواه ابن المبارك في الزهد (2/23)]، بمعنى: ظاهر وباطن، ثم فسَّروا الظاهر بأنه ظاهر التلاوة، وفسَّروا الباطن بأنه الفهم عن الله تعالى مراده محتجِّين لذلك بقول الله تعالى: ﴿فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ [النساء: 78]. ووجه احتجاجهم من هذه الآية يتلَّخص في أن الله تعالى قد نفى عن أولئك القوم الفقاهة دون المعرفة، من حيث كان نفي المعرفة عنهم أمرًا غير ممكن، فإنهم عرب، والقرآن نزل بلغتهم، فأما نفي الفقه عنهم فهو أمر ممكن وواقع، لا أنهم مع معرفتهم باللغة التي نزل القرآن بها، لم يفهموا عن الله تعالى مراده، وهو ما يعنيه قوله تعالى: {لا يفقهون حديثًا}، وذلك لأن الفقه هو الفهم، والفهم – على ما يقول أهل اللغة – هو معرفة الشيء بالقلب، بل ربما نسب أهل اللغة الفقه إلى الإحساس الغريزي، فهم يقولون: "فحل فقيه طب بالضراب حاذق، ويقولون: فحل فقيه عالم بذوات الضبع – طلب الفحل – وذوات الحمل" فالفقه على هذه المعاني أمر مركوز في طبيعة الإنسان، وموصول بعقله وقلبه وحواسِّه جميعًا، ومن أجل هذه المعاني كان نفي الفقه في الآية عن الذين لم ينصاعوا لأوامر الله تعالى ولم يفهموا عن الله سبحانه مراده، مشيرًا إلى ما قرَّره العلماء من أن للقرآن ظاهرًا وباطنًا، وأنَّ باطن القرآن هو الفهم عن الله لمراده جل ثناؤه.

ولا يجهل أحدٌ ممَّن يحمل همَّ أمَّة القرآن، ويُعنى بدراسة تاريخها، ما تشير إليه كلمات الظاهر والظاهريَّة، والباطن والباطنيَّة، من الآثار السيئة التي شوَّهت صورة الإسلام، وأزعجت أمن المسلمين دهرًا من الزمان طويلًا.

من أجل هذا أجدني ضيِّق الصدر كلما ذكرت هذه الكلمات، فتمثلت لي من خلالها أمتنا العربية الإسلامية، وقد هيَّأ القرآن لها سبل النجاح، وأمدَّها بأسباب الفلاح، ومهَّد لها طريق المجادة والسيادة، فإذا هي مع ذلك مسرح أحقاد ونُهْبَى أطماع، تتحكَّم فيها النزوات والأثرات والعصبيات، فلا هي قادرة على أن تكون مخافة عدو، ولا هي بالغة أن تكون مأمنة صديق، ولولا أن المقام يقتضينا حقَّه من الإيضاح والبيان، لكان التعرض للظاهر والباطن والحديث عنهما من الثقل على الصدر بمكان، ولهذا نوجز القول في كلمتين: إحداهما: عن الظاهر وما يتعلق به، والأخرى: عن الباطن وما يتعلق به.

فأمَّا الظاهر فضابطه أنه المفهوم من النظم الشريف على سبيل الحقيقة أو على سبيل المجاز، فكل ما كان من المعاني العربية التي لا ينبني فهم القرآن إلا عليها، فهو داخل تحت الظاهر، فالمسائل البيانية والمنازع البلاغية لا معدل بها عن ظاهر القرآن، ومن هذا الجانب حصل إعجازه عند القائلين: بأن إعجازه آت من جهة الفصاحة على ما يقول تعالى:﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ [البقرة: 23] وعلى ما يقول:﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ﴾ [هود: 13] ففي الآيتين الشريفتين إشارة إلى أنَّ اللائق أن يكون إعجاز القرآن بالفصاحة لا بغيرها، إذ لم يؤتوا على هذا التقدير إلا من باب ما يستطيعون مثله في الجملة، ثم لأنَّهم دعوا وقلوبهم لاهية عن معناه الباطن، الذي هو مراد الله تعالى من إنزاله، فإذا عرفوا عجزهم عنه، عرفوا صدق الآتي به فحصل الإذْعان، وهو باب التوفيق والفهم لمراد الله عزَّ وجل، وإلى هذا المذهب ذهب الإمام عبدالقادر الجرجاني فأدار في كتابيه (دلائل الإعجاز )، و (أسرار البلاغة) حديث الإعجاز حول النظم الشريف، وقد ضرب لذلك أمثلة، منها قول الله تعالى:﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [هود: 44] ثم علق رحمه الله تعالى على هذه الآية، فقال:

هل تشك إذا فكرت في الآية، فتجلَّى لك فيها الإعجاز، وبهرك الذي ترى وتسمع، أنك لم تجد ما وجدت من المزيَّة الظاهرة، والفضيلة القاهرة، إلا لأمر يرجع إلى ارتباط هذه الكلم بعضها ببعض، وأن الحسن لم يعرض لها، إلا من حيث لاقت الأولى بالثانية، والثالثة بالرابعة وهكذا، إلى أن تستقر بها إلى آخرها، فتعرف أن الفضل تناتج ما بينهما، وحصل من مجموعها.

وإن أنت شكَكْت فتأمَّل، هل ترى لفظة فيها بحيث لو أخذت من بين أخواتها وأفردت، لأدَّت من الفصاحة ما تؤدِّيه وهي في مكانها من الآية؟ قل: (ابلعي) واعتبرها وحدها من غير أن تنظر إلى ما قبلها وإلى ما بعدها، وكذلك فاعتبر سائر ما يليها، وكيف بالشك في ذلك ومعلوم أن مبدأ العظمة في أن نُوديت الأرض، ثم أمرت، ثم في أن كان النداء بالأداة (يا) دون (أي)، ثم إضافة الماء إلى الكاف دون أن يقال: ابلعي الماء، ثم بأن أتبع نداء الأرض وأمرها بما هو شأنها، نداء السماء وأمرها كذلك بما يخصها، ثم بأن قيل: {وغيض الماء} فجعل الفعل على صيغة فُعل الدالة على أنه لم يغض إلا بأمر آمر وقدرة قادر، ثم بأن أكَّد ذلك كله وقرَّره بقوله تعالى: (وقضي الأمر)، ثم بأن ذكر ما هو فائدة هذه الأمور، وهو (استوت على الجودي)، ثم بإضمار السفينة قبل الذكر كما هو شرط الفخامة والدلالة على عظيم الشأن، ثم بالمقابلة بين قيل في الخاتمة، وقيل في الفاتحة، أفترى لشيء من هذه الخصائص، التي تملؤك بالإعجاز روعة، وتحضرك عند تصورها هيبة تحيط بالنفس من أقطارها، تعلقًا باللفظ من حيث هو صوت مسموع وحروف تتوالى في النطق، أم كل ذلك لما بين معاني الألفاظ من الاتِّساق العجيب؟

وإذن فقد اتَّضح اتِّضاحًا لا يدع للشك مجالًا، أن الألفاظ لا تتفاضل من حيث هي ألفاظ مجرَّدة، ولا من حيث هي كلمات مفردة، وأن الألفاظ تثبت لها الفضيلة وخلافها في ملاءمة معنى اللفظة بمعنى التي تليها، أو ما يشبه ذلك مما لا تعلق له بصريح اللفظة، يشهد لذلك أنك ترى الكلمة تروقك وتؤنسك في موضع، ثم تراها بعينها تثقل عليك وتوحشك في موضع آخر.

فهذه كلمة: الشيء تراها مقبولة حسنة في موضع، وضعيفة مستكرهة في آخر، وإن أردت أن تعرف ذلك فانظر إلى عمر بن أبي ربيعة:

وكم مالئ عينيه من شيء غيره = إذا راح نحو الجمرة البيضُ كالدُّمَى

ثم إلى قول أبي حيَّة النميري:

إذا ما تقاضى المرءَ يوم وليلة = تقاضاه شيءٌ لا يملُّ التقاضيا

فإنك تعرف حسن هذه الكلمة (شيء) ومكانها من القبول، ثم انظر إليها في بيت المتنبي:

لو الفلك الدوَّار أبغض سعيه = لعوَّقه شيءٌ عن الدوران

فإنك تراها هنا تقل وتضْؤل بحسب نبلها وحسنها فيما تقدَّم؟

هذا، وكلام الله تعالى -فيما يقول ابن حزم- واجب أن يحمل على ظاهره، ولا يحال عن ظاهره البتة، إلا أن يأتي نص أو إجماع أو ضرورة حس على أنه ليس على ظاهره، وعلى أنه قد نقل عن ظاهره إلى معنى آخر، فالانقياد واجب علينا عما أوجبه ذلك النص أو الإجماع أو ضرورة الحس، لأن كلام الله تعالى وأخباره لا تختلف، والإجماع لا يأتي إلا بحق، والله تعالى لا يقول إلا الحق، وكل ما أبطله برهان ضروري فليس بحق.

هذا ما يتعلق بالظاهر.

وأما ما يتعلق بالباطن: فضابطه أنه كل معنىً يفهمه المتدبِّر لكتاب الله ممَّا يتحقَّق به للعبد وصف العبوديَّة، فكل المعاني التي يتحقق بها للعبد هذا الوصف فإنها من الباطن المراد لله، وهو المقصود من نزول القرآن.

فالإعجاز الذي يترتب على فصاحته ليس مقصودًا لذاته، وإنما المقصود أثره، وهو رجوعهم بسبب العجز عن معارضته، إلى تصديقه والتفهم في مراده، فما كان مؤديًا إلى العجز عن المعارضة، وإلى أصل الاعتراف بصدقه فذلك من الظاهر وما يجيء بعد ذلك ثمرة لهذا الاعتراف، وهو فهم المعاني التي يتحقق بها للعبد وصف العبودية، والقيام بمواجبها، فذلك من الباطن المراد، وذلك أيضًا هو المقصود من إنزال القرآن.

وكون الباطن هو المراد من الخطاب لابدَّ أن يتوافر فيه أمران:

إحدهما: أن يصح على مقتضى الظاهر المقرَّر في لسان العرب، بحيث يجري على المقاصد العربية.

وثانيهما: أن يكون له شاهد يشهد لصحته من غير معارض.

فأما الأول: فظاهر من قاعدة كون القرآن عربيًّا، فإنه لو كان له فهم لا يقتضيه كلام العرب، لم يوصف بكونه عربيًّا بإطلاق، وأما الثاني: فلأنه لو لم يكن له شاهد، أو كان له معارض، لصار من جملة الدعاوى التي تُدَّعى على القرآن وهو منها براء، والدعاوى المجرَّدة غير مقبولة باتفاق العلماء.

وبهذين الأمرين يسوغ تقبُّل ما روي من أن للقرآن ظاهرًا وباطنًا، كما في السورة الشريفة التي نحن بصددها، وكما في الآية من المائدة:﴿اليومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

ومن أمثلة الباطن السائغ قوله: إنَّ العبادات المأمور بها، بل المأمورات والمنهيات كلها، إنما يطلب بها العبد شكرًا لما أنعم الله به عليه كما في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: 78] فالشكر ضد الكفر، والإيمان وفروعه هو الشكر، فإذا دخل المكلَّف تحت أعباء التكليف بهذا القصد فهو الذي فهم المراد من الخطاب، وحصل باطنه على التمام.

وأما إذا فهم من ذلك عصمة ماله ودمه فقط، فهذا خارج عن المقصود، وواقف مع ظاهر الخطاب، فإن الله تعالى قال: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ ثم قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: 5]

فالمنافق إنما فهم مجرد ظاهر الأمر من أنَّ الدخول فيما دخل فيه المسلمون موجب لتخلية سبيله وحفظ نفسه وماله فعمل على ذلك باعتناق الإسلام تاركًا المقصود الأصيل من ذلك وهو: الذي بيَّنه القرآن من التعبُّد لله والخضوع له والتعظيم لأمره، فمن دخله عريًّا عن ذلك، فلا يمكن أن يُعدَّ ممن فهم باطن القرآن، وكذلك إذا كان له مال حال عليه الحول، فوجب عليه شكر النعمة ببذل اليسير من الكثير عودًا عليه بالمزيد، ثم وهبه لغيره عند رأس الحول فرارًا من أداء الزكاة، ثم يسترده فإنه لا يكون شاكرًا للنعمة، ولا يكون كذلك ممَّن فهم باطن القرآن.

فإذا لم يتوافر هذان الأمران في تفسير القرآن، فإن تفسيره عند ذلك يجري في طريق المبتدعة وأهل الزيغ والضلال، ومثال ذلك: تفسيرهم الجنابة بأنها مبادرة المستجيب بإفشاء السر إليه قبل أن ينال رتبة الاستحقاق، وتفسيرهم الغسل من الجنابة بأنه تجديد العهد على من فعل ذلك، وتفسيرهم التطهُّر بأنه التبرِّي من كل مذهب سوى مذهب الإمام، وتفسيرهم الصيام بأنه الإمساك عن كشف السر، وتفسيرهم الكعبة بأنها النَّبي، والباب بأنه علي، ونار إبراهيم بأنها غضب نمروذ  لا النار الحقيقية، وتفسيرهم تسبيح الجبال بأنها تسبيح رجال شداد في الدين، فهذا وأمثاله خبط في أودية الخيال، لأنَّ شيئًا ممَّا ذكروه لا يصح على مقتضى المقرَّر في لسان العرب، ولا يشهد لصحَّته شاهد في كتاب الله سبحانه ولا في سنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

وجملة القول: أنَّ من زاغ عن الصِّراط المستقيم، فبمقدار ما فاته من باطن القرآن زاغ، ومن أصاب الحق وصادف الصواب، فعلى مقدار ما حصل له من فهم باطنه أصاب.

والله وليُّ التوفيق.

من كتاب " مع القرآن" ص 316- 330.

اختارها وقابلها بالأصل المطبوع وصحَّحها: مجد مكي

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين