حين يكون الوطن أهلاً والأهلُ وطناً!

قال الشاعر أبو تمّام، وهو من الشام، أقام فترة في بغداد، عاصمة الخلافة العباسية:

بالشام أهلي، وبغدادُ الهَوى، وأنا=بالرقمتَين، وبالفُسطاط إخواني

وما أظنّ النَوى تَرضى بما صَنعتْ=حتّى تُبلغَني أقصى خراسان!

نظرة إلى الشام:

كانت القبائل العربية في الشام، أوطاناً لأبنائها، تحميهم من الضيم والعدوان.. ويَبذل كلّ فرد منها نفسه، حمياية لقبيلته! فهل خرجت القبائل العربية، من قبَليتها، لتندمج في إطار الوطن؟ أم تمزّقت القبائل وتشرذمت، فصارت كلّ مجموعة منها، تنتمي إلى فريق، من الفرقاء المتقاتلين، على أرض الوطن؟

وكان الكرد في سورية، جزءاّ من شعب الوطن، يدفعون عنه الضيم، ويشاركون أهله أفراحهم وأتراحهم، في السرّاء والضرّاء! فهل تمزّق الكرد، فصاروا أكراداً أو أكاريدَ، كلّ مجموعة منهم، تحمل ولاءً خاصّاً بها، وطموحاً خاصّاً بها، وتعمل ضدّ الأكراد الآخرين؛ بل ضدّ الوطن نفسه، لأهداف خاصّة، تؤدّي إلى تمزيق الوطن، وبعثرة أهله بين القوى، التي تحتلّ بلادهم؟

وكان النصارى في الشام، جزءاً من شعب الوطن! فهل تَمزّق النصارى في الوطن، إلى مجموعات متنوّعة، وصارت كلّ مجموعة، تنتمي إلى فريق، تظنّه يحميها من فرقاء الوطن الآخرين؟ بل هل صار كثير من النصارى، يوالون عدوّ بلادهم، الذي أباحها لقوى الاحتلال؛ وذلك بحجّة حمايته لها، من فرقاء آخرين في الوطن، ترى فيهم أعداء محتملين، يمكن أن يضطهدوها، ذات يوم؟

آه.. ياوطن! ماذا فعل بك الدخلاء والعملاء، والأغبياء والسذّج، وأصحاب المصالح الصغيرة، أو الضيّقة، من أبنائك!

ورحم الله حافظ إبراهيم، الذي قال:

لمصرَ، أم لربوع الشام، تَنتسبُ؟=هنا العُلا، وهناك المَجدُ والحَسبُ

ركنان للشرق.. لازالت ربوعُهما=ولا تَحوّل، عن مَغناهما، الأدبُ!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين