العلاقة التكاملية بين الرجال والنساء

قررت الشريعة الإسلامية أن العلاقة بين الرجل والمرأة تكاملية تقوم على الحقوق والواجبات وتوزيع الأدوار وتسليم دفة القيادة للرجل لأنه الأصلح لها غالبا، يقول ربنا سبحانه:(فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض)، ويقول تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)، ويقول سبحانه:(ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن).

وقد خلق الله الرجل والمرأة من نفس واحدة وسوى بينهما في الكرامة والإنسانية والتكليف بالأحكام إلا ما خص كل طرف منهما، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إنما النساء شقائق الرجال) رواه أبو داود والترمذي وأحمد وهو صحيح.

ومن خلال التكامل الذي انطلقنا منه نفهم حكمة الله تعالى في جعل الرجل أكثر عقلانية والمرأة أقوى عاطفةً، مما يؤهل الرجل للقوامة والمراة للأمومة والتربية، وهذا مشاهد محسوس لو لم تشر إليه الشريعة لدل عليه الواقع، ويكفي في الدلالة عليه أن أغلب الحكام والرؤساء والمتنفذين في الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا وروسيا وكندا وامريكا الجنوبية: رجال، ولا يبطل هذا وجود بعض النساء اللواتي ضاهين الرجال في حكمتهن وحزمهن وحسن تدبيرهن فإن هذا استثناء يثبت القاعدة ولا ينفيها وحالات قليلة لا تبطل القاعدة الغالبة والأصل الثابت.

فالإسلام يشمل بتشريعاته العادلة المرأةَ والرجل، ولا يسوي بينهما في الأحكام تسوية تامة من كل وجه فإن ذلك مناف للعدل، فثمة فرق بين العدل والمساواة، فقد تكون المساواة أحيانا ظلما للأقوى والأصلح إذ تسويه بمن هو دونه.

والواقع يشهد أن أغلب اثرياء العالم وتجاره وخبراءه الاقتصاديين رجال، حتى إنه قد اشتهر على ألسنة الناس كلمة(رجال الأعمال)، ولذلك فشهادتهم المتعلقة بالأموال أقوى من شهادة المرأة لا لأن المراة غبية ومهانة بل لأن اهتمامها بالمعاملات المالية قليل وتدقيقها في الشروط التعاقدية وأحوال العقود وتعقيداتها أضعف من الرجل، ولما كان الأمر متعلقا بالحقوق المالية فإن الله تعالى لم يجعل شهادة رجل واحد كافية فيها وأوجب شهادة رجلين بقوله:(واستشهدوا شهيدين من رجالكم) واشترط سبحانه عدالتهما فقال هنا:(ممن ترضون من الشهداء)وقال في موضع آخر: ( وأشهدوا ذوي عدل منكم)، فالمسألة مرتبطة بالتوثق والتثبت وضبط الوقائع جزئيها وكليها، ولا علاقة لها بإهانة المرأة بل بعدم تخصصها في هذا الجانب غالبا بفطرتها وغلبة تركيزها على الجوانب الجمالية والشخصية واهتمامها بالأمور العاطفية التي قد تشغلها عن بعض الجزئيات والشروط المهمة وطروء بعض الأعراض الخلقية المؤثرة على استحضارها للموضوع كاملا من غير نقص، ولكن ربنا سبحانه لم يلغ شهادة المراة بالكلية في المعاملات المالية وإنما اشترط ما يحفظ الحقوق ويجبر الخلل الذي قد يقع فقال:(واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى).

ولذلك فإن شهادة المرأة مقبولة معتبرة في الأمور التي تختص بالنساء ولا يطلع عليها الرجال، فلو كان اشتراط امرأتين ناشئا عن إهانة المرأة من حيث هي امرأة لما قبلت شهادتها أبدا، وهذا باطل لما ذكرناه.

وهذا النقص في شهادتها المتعلقة بالمعاملات المالية هو ما فسر به النبي صلى الله عليه وسلم نقصان عقلها متعجبا في الوقت نفسه من غلبتها للرجل الحازم قائلا كما في الصحيحين:(مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا).

وليس المراد من نقصان العقل إثبات غباء للمرأة ولا وصمها ولا تعييبها فالمرأة ذكية وعاطفية ولكن الرجل أعمق منها فكرا وأسد نظرا وأبعد تأملا وأقوى تجردا وتخلصا من تأثير العاطفة ولا أدل على ذلك من أن الله سبحانه لم يرسل نبيا إلا كان رجلا (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم) وأن أغلب الحكماء والفلاسفة والقانونيين رجال، فالرجل قد فضله الله على المرأة عموما وجعل له القوامة فقال سبحانه:(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) وقال سبحانه:(وللرجال عليهن درجة). وهذا بحسب الغالب عند المقارنة بالرجال الفضلاء فلا يبطله الحالات الاستثنائية ولا يفسده المقارنة بين النساء الصالحات والرجال الفاسدين، فإنما تصح المقارنة بين الرجال الصالحين والنساء الصالحات فإن أجريت هذه المقارنة وجدت الواقع ناطقا صادقا..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين