أربعٌ، وثلاثٌ

- قال مكحول -من تفسير القرطبي- (بتَصَرُّفٍ): أربع من كن فيه كن له، وثلاث من كن فيه كنَّ عليه؛ فالأربع اللاتي له:

1،2-الشكر والإيمان، قال الله تعالى:

" ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم، وكان الله شاكراً عليماً "

وكان الله شاكرا عليما: يشكر عباده على طاعته.ومعنى « يشكرهم » يثيبهم؛ فيتقبل العمل القليل، ويعطي عليه الثواب الجزيل، وذلك شكرٌ منه على عبادته.

وقال تعالى: " ومن شكر فإنه يشكر لنفسه " [النمل 40 ]

3- والاستغفار، قال الله تعالى:

" وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبَهم وهم يستغفرون " الأنفال: 33

ولن يعذب الله تعالى قوماً يستغفرونه، فالاستغفار لجوء إلى الله تعالى من الذنوب والآثام بعد الإقرار بها. وهذا لبّ الإيمان، وشدة الدنوّ والقرب من الله تعالى، ومن ابتغى هذا فقد أرضى ربّه.

4- الدعاء، قال تعالى:

(قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم) الفرقان: 77.

والله تعالى يقول:

(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين)

والدعاء مخ العبادة، بل هو العبادة نفسها، وهو دليل على القرب من الله والعياذِ به من كل سوء ومكروه، وهذا ما يريده الله تعالى من عبده.

والثلاث اللاتي عليه:

1- المكر، قال تعالى: « ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله » [ فاطر: 43 ]

وبمعنى آخر: من أراد السوء لعباد الله وقع في شر أعماله.

2- البغي:قال تعالى (يا أيها الناس؛ إنما بغيكم على أنفسكم متاعَ الحياة الدنيا) يونس: 23.

ومن ظلم الناس أو أساء إليهم فسوف يعود الظلم عليه وبالاً فمن حفر حفرة لأخيه وقع فيها.

3- النكث، قال تعالى: (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) الفتح: 10.

والنكث تفلّت وتخلٍّ عن وعدِ خيرٍ ملزِمٍ أخذه الإنسان عهداً على نفسه،يتحمّل جريرة إخلافه.

وقال حكيم: ثلاث خصال من کن فیه أو واحدةٌ منهن کان فی ظل عرش الله عزَّ وجل یوم القیامة یوم لا ظل الا ظله:

1- رجُلٌ أعطی الناس حقوقهم. (وهذا العدل بعينه).

2- و رجُلٌ لم یقدم رِجْلا و لم یؤخر أخری حتی یعلم أنَّ ما يفعله فیه لله رضی أو سخط. فحياتنا لله، وعودتنا إلى الله، "إنا لله وإنا إليه راجعون "

ومن عرف ذلك كان حذراً فيما يفكر ويفعل.

3- و رجل لم یعِبْ أخاه المسلم بعیب حتی ینفی ذلك العیب من نفسه،فانه لا ینفي منها عیبا إلا بدا له عیبٌ، و کفی بالمرء شغلا بنفسه عن الناس.

وقال آخر: ثلاث خصال من کن فیه فقد استکمل خِصال الایمان:

1- رجل إذا رضي لم یُدخِلْه رضاه فی إثم و لا باطل.

إنَّ ميزان الرضا تقوى الله عز وجلّ، وليس للمصلحة الآنية أو المنفعة الشخصية أثر في هذا الرضا.

2- ورجل إذا غضب لم یخرجه الغضب من الحق.

ومن استطاع ذلك فليس للشيطان عليه من سبيل.

3- ورجل إذا قدِرَ لم یتعاط ما لیس له.

رحم الله امرأ عرف حدّه فوقف عنده

وقال حكيم: إنَّ أسرع الخیر ثوابا البرُّ، و إن أسرع الشر عقابا البغي ُ.و کفی بالمرء عیباً

1- أن ینظر من الناس إلی ما یعمی عنه من نفسه، وقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم:

" يرى أحدكم القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عين نفسه "

ولا أدري لماذ نرى عيوب الآخرين الصغيرة ولا نرى عيوبنا الكبيرة!.

2- و یعيبُ الناسَ بما لا یستطیع ترکه. وهذا العيب نتاج للعيب السابق.

3- و یؤذي جلیسه بما لا یعنیه. وكم من امرئ يفعل ذلك فيؤذي نفسه أوّلاً، وغيره ثانياً حين يتدخّل بما لا يخصّه.

- في صحيح البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى اله عليه وسلم قال:

" الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر،

1- فأما الذي له أجر، فرَجُلٌ ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والروضة، كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين، كانت آثارها وأوراثها حسناتٍ له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقي به كان ذلك حسنات له، فهي لذلك الرجل أجر

2- ورجل ربطها تغنيا وتعففا، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر.

3- ورجل ربطها فخرا ورياءً ونواء، فهي على ذلك وزر ". ومعناها: ربطها للرياء ومناوأة المسلمين. فهي وزر عليه،

فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمُر، قال:

" ما أنزل الله علي فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة:

" فمن يعمل مثقالَ ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقالَ ذرة شراً يره ".

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين