ظاهرة العنوسة شبح التعدد... وفزاعة البيوت!!!

قال تعالى:"فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا (3)" سورة النساء.

لاشك أن موضوع تعدد الزوجات هو من أخطر المواضيع التي يتحاشاها العلماء والدعاة والنساء في فتحها أو معالجتها.

والسبب في ذلك يرجع الى الفطرة التي فطر الله النساء عليها بغريزة الانفراد بحب الزوج وعشرته دون ان تشاركه فيه غيرها.

وما سميت الزوجة الثانية أو الرابعة (ضرة) إلا لكونها تضر بصاحبتها، إلا ما رحم ربي.

وكأن قوله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)، أن دلالة (عدم القدرة على العدل) تطارد الجنسين في عدم العدل حتى في طرح الموضوع، وكل يريد أن ينتصر الى فطرته وغريزته، بعيدا عن ميزان الشرع والعقل.

لماذا التعدد شبح؟

وسوف ارجعه الى بعض الأسباب أراها رئيسة من خلال الواقع المعاش، منها ما هو حقيقي ومنها ما هو وهمي، ومنها ما هو مبالغ فيه.

1_ إهمال الزوجة الأولى أو طلاقها. وتضخيم وشيوع النماذج الفاشلة في التعدد.

2_ نشوب حرب باردة بين الزوجات، وقد تصل إلى حرب ساخنة انتقامية.

3_ تشنج الحياة الأسرية وعدم استقرارها.

4_ صراع الأبناء مع الآباء، وصراع الاخوة لأب فيما بينهم عن طريق شحنهم ضد بعضهم.

5_ العجز عن تلبية المطالب المادية.

6_ سعي كل زوجة استغلال الزوج ماديا وعاطفيا الى اقصى الحدود.

7_ ردة فعل الزوجة الأولى المبالغ فيه، حتى يطلق أو يعدل عن فكرة التعدد.

8_ الزواج بثانية صغيرة السن _ في عمر بناته-، وربما أجمل من زوجته.

9_ غياب العدل في المبيت، بل العدل حتى في الابتسامة، وجلب الضيوف.

10_ تأجيج شياطين الإنس من الرجال والنساء الأقارب (العقارب) وإعلان حرب على المعدد حتى لا يكون نموذجا يقتدى به داخل العائلة، ويفتح هذا الباب لكل راغب أو متردد.

كيف السبيل للقضاء على العنوسة؟

إذا كان موضوع العنوسة خطر يهدد المجتمعات، وما له من تبعات في انتشار الفساد بكل أنواعه، وقد حدث شيئ من هذا القبيل في المجتمعات الغربية، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية في ألمانيا بعدم استحرّ القتل في ذكورهم، بالملايين وبقي النساء من غير أزواج إما أرامل و إما عوانس، فخرج النسوة في ألمانيا في مظاهرات يطالبن بتعدد الزوجات من غير سقف حتى لا تضيع النساء في همج وهرج الزنا والفواحش وثورة الشهوة الجنسية.

ولكن شريعتنا وضعت ميزان الاعتدال في كل شيء في هذا الوجود، خاصة في مجال مراعاة الحالات النفسية والمسائل الشعورية.

فلابد من البحث عن حلول لهذه المعضلة الاجتماعية، بأنجع الحلول المنطقية، في ضوء النصوص الشرعية والمقاصد المرعية، والسنن الكونية، والنفس البشرية. فأقول:

1_ إشاعة ثقافة التعدد المتزن. في مقابل النماذج الفاشلة.

2_ اقناع النساء بخطر العنوسة وأنها هي مصدر الحل بقبول أختها.

3_ تيسير المهور قدر المستطاع لتزويج الشباب بالدرجة الأولى ثم الأرمل، ثم المطلق، ويأتي في الدرجة الرابعة المعدد.

4_ تشجيع زواج المسيار لأنه يزيل عقبة السكن والإنفاق والمبيت، مع تحريض أرباب الأموال بمساعدة الشباب لإتمام نصف دينهم.

5_ تضييق دائرة الخلع والتطليق.

6_ تضييق صور وحالات الطلاق وجعلها في الصور الصريحة والحالات الميؤوس منها فقط.

7_ إعادة النظر في سن القانوني الخاص بالمرأة، المحدد ب 19سنة.

8_ إعادة النظر في المادة 08 من قانون الأسرة الجزائري، في الشروط التعسفية في التعدد.

9_ تيسير الزواج بالأجانب من المسلمين أصالة، أو ممن يدخلون الإسلام حقيقة لا حيلة.

10_ تشجيع الدولة بإعطاء أولوية في العمل والمسكن لمن كان معددا.

في الأخير:

أقول أن التعدد ليس سنة نبوية كما يظن البعض، و إنما هو إباحة شرعية، تعتريها الأحكام التكليفية الخمسة، فقد يكون واجبًا، وقد يكون مندوبًا، وقد يكون حرامًا، وقد يكون مكروهًا، وقد يرجع إلى أصله ويكون مباحًا، وهو القدر المشترك.

والحقيقة الفطرية: أن كل رجل اكتملت رجولته، يتوق إلى مثنى وثلاث ورباع، و لكن الضابط في هذا كله (أنه كل مكلف أدرى بثلثه).

فلا تجعلوا من الحبة قبة، وقدروا موقع الرجل قبل خطوه، واجعلوا الشهوة بعد رجاحة العقل واعتدال المزاج، واياكم واتخاذ القرار بردة فعل. فالتعدد مقاصد ومآلات وليس فقط رغبة ونزوات.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين