سماتُ المحسنين

قرأنا في آيات القرآن الكريم أن المحسنين في رأس قائمة من يحبهم الله تعالى من البشر، وأنهم في كنف عناية الله وحفظه وأنهم في الدرجات العالية من الجنة؛ ذلك أنهم يملك من الصفات والسمات ما لا يمتلك غيرهم، فما هي أهم سمات المحسنين؟

إنهم يتقنون التنقل بين مضامير العبادة في محراب الكون جامعين بين حقوق الله وحقوق الإنسان دون شعور بأي غرابة، ويجيدون التحرك بين شُعب الايمان المختلفة بكل أريحية دون أن يصيبهم أي إحساس بالتناقض، حيث يحتسبون عند الله السراء والضراء، غير مبالين إن كانوا قد ركبوا مطايا الشكر أو الصبر !

ويتقن المحسنون الإمساك بتلابيب الزمن بأبعاده الثلاثة، حيث يقرؤون الماضي بوعي عميق منقبين عن دروسه وعبره دون التعرض لآفاته أو الغرق في لُجج أحداثه، ويتقنون فهم الحاضر واعتلاء نواصي عمارته على الوجه الأمثل، ويرسمون خارطة المستقبل بيراع العلم وفرشاة الإخلاص، مستشرفين للمآلات بأعين المعرفة والتخطيط، ومحتاطين للعواقب بآذان النباهة والحذر.

ويستبق المحسنون الخيرات بلهفة المحبين وأشواق العارفين، باحثين عن الله عند الضعفاء من خلقه، ولا يزالون يؤثرون غيرهم على أنفسهم في مجال الحقوق، لكنهم يسابقون غيرهم في مجال الواجبات، حيث لا تراهم إلا مسارعين إلى مرضاة ربهم الحق وخدمة المحتاجين من الخلق.

ويحرص المحسنون على تحصيل الكمالات الممكنة واعتلاء صهوة المُثُل العليا، حيث يدركون ضعفهم ونقصهم، ويعرفون دوما أن بالإمكان أحسن مما كان ويؤمنون بأن الأفضل لم يأت بعد، ولا يزالون يسيرون في دروب الاستزادة حتى يصيروا نماذج في التضحية وأمثلة في البذل.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين