التخصص العلمي

يجتهدُ العالم في فرعٍ من فروع العلم حتَّى يعلو ذكره، ويذيع صيته، ويكتب الله له شهرةً وقبولاً بين الخلق حتَّى تسير إليه الرُّكبان ويشار إليه بالبنان، فإذا بالنَّاس يقبلون عليه يسألونه في كلِّ شيءٍ وعن كلِّ شيءٍ، فيغترَّ بإتقان تخصُّصه، فيتكلَّم، فيخطئ، وربَّما أتى بالأعاجيب.

وكان يكفي هذا العالم أن يقول: سلوا فلاناً، فيحافظ بهذا على نقاء اسمه ودقَّة تخصُّصه.

ويظنُّ بعضهم أنَّ مسألة التَّخصُّص مسألةٌ حديثةٌ ابتكرها العقل المعاصر، بينما هي قضيَّةٌ عرفها علماؤنا الأوائل، وأخذوا بها، واتَّخذوها منهجاً لهم، وإلَّا فماذا نسمِّي قول الإمام الشَّافعيِّ يخاطب تلميذه الإمام أحمد: "يا أحمد: أنت أعلم بالحديث منِّي، فإذا جاءك الحديث الصَّحيح فأَعلمني به".

في الحقيقة تتبَّعت ظاهرة الفتاوى الشَّاذَّة التي ابتليت بها السَّاحة الدَّعويَّة اليوم فوجدت أبرز أسبابها اجتراء المرء على ميدان غيره، وقديماً قالوا: من تكلَّم في غير فنِّه أتى بالأعاجيب.

إنَّ طبيب القلبيَّة لا يتدخَّل في عمل طبيب الجلديَّة، وهذا الأخير لا يجتهد في ميدان طبيب العصبيَّة.... الخ

وهذه رسالةٌ أوجِّهها لإخواني من طلبة العلم: تعرَّف على مجال تخصُّصك بدقَّة ثمَّ تعمَّق فيه إلى درجة الإبداع.

وأخيراً: لقد حفظنا من أفواه مشايخنا: "المحافظة على اختصاصك من علامات إخلاصك".

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين