هل يجوز للجَهلة بأيّ علم، أن يتكلّموا به؟

طُرفة !

قال رجل نحوي لابنه: إذا أردتَ أن تتكلّم بشيء، فاعرضه على عقلك، وفكّر فيه بجهدك، حتى تقوّمه، ثمّ أخرج الكلمة مقوّمة ! فبينما هما جالسان في الشتاء، والنار مشتعلة، وقعت شرارة في جبّة الأب، وهو غافل عنها، والابن يراه.. فسكت ساعة يفكّر، ثمّ قال: ياأبت، أريد أن أقول لك شيئاً، أفتأذن لي فيه؟

قال أبوه: إن كان حقّاً، فتكلّم !

قال: أراه حقّاً !

قال الأب: فقلْ !

قال: إني أرى شيئاً أحمر، على جبّتك !

قال: ماهو؟

قال: شرارة، وقعت على جبّتك !

فنظر أبوه إلى جبّته، وقد احترق منها جزء كبير، فقال للابن: لماذا لم تعلمني به سريعاً؟

قال الابن: فكّرت فيه كما أمرتني، ثمّ قوّمت الكلام، وتكلّمت به !

فنهره وقال: لا تتكلّم بالنحو، أبداً !

والسؤال، هنا، هو: هل يجوز للجاهل، في أيّ أمر، أن يتكلّم به؟

هل يجوز للجاهل بالطبّ، أن يتكلّم به، إذا كان سيدمّرصحّة بعض الناس؟

وهل يجوز للجاهل بالدين، أن يتكلّم به، إذا كان كلامه، سيفسد عقيدة بعض الناس، أو عباداتهم؟

وهل يجوز للجاهل بالسياسة، أن يتكلّم بها، إذا كان كلامه سيدمّر حزباً، أو دولة؟

وهكذا الأمر في سائر العلوم ! لكن المشكلة تكمن، في المؤهّل، لأن يقول للجاهل: اصمت ياجاهل.. وبالمخوّل بذلك، الذي يُسمع كلامه، احتراماً لعلمه، أو لسُلطته !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين