خاطرة بين يدَي كتاب العلل الصغير للإمام الترمذي

عقد شيخنا وأستاذنا الدكتور عبد الحكيم محمد الأنيس - حفظه الله - مجلساً قرأ فيه كتاب (( العلل الصغير للإمام الترمذي ت: 279 هـ))

مساء يوم الخميس 9/جُمَادَى الأولى/1442هـ الموافق: 2020/12/24م

وقد أجاد وأوجز وأفاد ، ولفت الأنظار بإشارات تغني عن كثير من العبارات ، وسلّم السامعين مفاتيح بحث تنفع المبتدئين والمنتهين .

وقد خطر لي : أنّ الله كما تعهّد بحفظ كتابه ، وأخبر عن ذلك بقوله : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }

فقد قيّض الله لحفظ سُنّة نبيه ﷺ علماء من هذه الأمّة يحافظون عليها من افتراء الوضّاعين ، وتدليس المدلّسين ، وانتحال الكذّابين ، وتطاول المارقين .

دافعوا عن السُنّة بالتأليف ، وذبّوا عنها بالتصنيف ، وبذلوا فداها الغالي والنفيس حفاظاً على الشرع الحنيف ، وخدمة للدين المنيف .

لهؤلاء العلماء قدم راسخة في علم العلل ، ويتمتعون بمدارك واسعة في تمييز مكامن الخلل ، ، ويملكون خبرة كبيرة في تصحيح الزلل ، وهذه مرتبة جليلة لا ينالها الا الجهابذة من الأُوَل ، كما قال الحافظ ابن حجر : (( المعلل من أغمض أنواع الحديث، وأدقّها مسلكاً، ولا يقوم بها إلا من رزقه الله تعالى فهماً ثاقباً، وحفظاً واسعاً، ومعرفة تامّة بمراتب الرواة، وملكة قوية بالأسانيد والمتون، لهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن ..)) 

فلم يكتف العلماء بالوقوف على روايات الضعفاء تفنيداً وتضعيفاً ، وإنما دققوا في روايات الثقات توثيقاً وتنقيباً وتمحيصاً ، وتتبعوا العلل الظاهرة وفتشوا عن العلل الباطنة .

فأخرجوا ما قد يُعلّ الأحاديث بالانقطاع ، والإرسال، والإعضال، والإدراج، والقلب، والاضطراب، وغير ذلك مما نصّ عليه جمهور المحدّثين ، واستلّوا الصحاح منها كما يُستلّ الشعر من العجين .

وهذا من خصائص أمّتنا ، ومميزات تناقل ديننا ، فلم تحظ شريعة بالاهتمام كشريعتنا ، ولَم تنل أقوال وأخبار وأحداث عناية كما هو الحال في المنقول الينا من موروثنا .

وهذا ما ساعد على الديمومة و البقاء ، و المحافظة عليه من الضياع والفناء ، والحمد لله رب العالمين

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين