معارك فاصلة في تاريخ الأمة:معركة الملوك الثلاثة

معركة الملوك الثلاثة (986 هـ)

اهتم العثمانيون بفتح بلاد المغرب؛ لتأمين حدود الدولة الإسلامية، فأزاحوا الخائن محمد المتوكل بن الغالب بالله، المتحالف مع أعداء الإسلام، عن طريق تشجيع عمه الأمير عبد الملك السعدي، وإمداده بجيش قوامه خمسة آلاف مقاتل، مجهز بأحدث الأسلحة، فانتصر على ابن أخيه محمد المتوكل، فهرب، والتجأ إلى ملك البرتغال سبيستيان، وتعاهد معه على مساعدته على استعادة سلطانه، مقابل الالتزام بالتنازل عن جميع سواحل المغرب للصليبيين البرتغاليين.

ووصلت أخبار مخطط الخيانة لعبد الملك السعدي، فأرسل السلطان العثماني سليم الثاني فريقًا عسكريًا كاملًا لمساعدة عبد الملك في الدفاع عن بيضة الإسلام، ودوّت صيحة (الله أكبر) في جنبات المغرب الأقصى، بعد أن قصدوا وادي المخازن للجهاد في سبيل الله.

وأقبل سبيستيان البرتغالي بجيش يقدر بـ (125) ألفًا، معهم (40) مدفعًا، وفي المقابل كان جيش المسلمين يقدر بـ (40) ألفًا، معهم (34) مدفعًا، يقودهم عبد الملك السعدي.

وفي صباح يوم الاثنين (30 جمادى الآخرة 986هـ) وقف الجيشان في يوم مشهود من أيام الإسلام، ووقف السلطان عبد الملك السعدي خطيبًا في الناس، مذكّرًا بوعد الله (عزّ وجلّ) للصادقين والمجاهدين بالنصر، وذكّرهم بوجوب الثبات والانتظام، وقال لهم: « إن انتصرت الصليبية اليوم فلن تقوم للإسلام بعدها قائمة »، وقرأ آيات الجهاد، فاشتاقت النفوس للشهادة.

واستدرج السلطان عبد الملك القائد سبيستيان لموقع القتال، وعزله عن أسطوله الذي كان في البحر المتوسط، بعد أن قام بهدم القنطرة الموجودة على نهر وادي المخازن.

واشتد القتال في أرض المعركة، وتوفي القائد عبد الملك السعدي (رحمه الله) بسبب مرضه الشديد، وتولى القيادة مكانه أخوه الأمير أحمد المنصور، فقاد الجيش، وهجم على مؤخرة الجيش البرتغالي هجومًا عنيفًا، وأشعل النار في خيام معسكر الصليبيين، وانقضت كتيبة المجاهدين المتطوعين على فرق الرماة الصليبية، ففتكت بها، واضطرب الجيش الصليبـي بشدة، وفرّوا من أرض المعركة إلى قنطرة نهر وادي المخازن؛ لركوب الأسطول والفرار، ولكنهم فوجئوا بتهدمها، فإذا بكتائب فرسان المسلمين من خلفهم، فقفز معظم الجيش الصليبـي في النهر؛ هربًا من سيوف المسلمين، فغرق معظمهم في مياه النهر، ومنهم الخائن محمد المتوكل، وقتل الأمير سبيستيان، وانتهت المعركة بفوز ساحق وباهر للإسلام وأهله، وقد مات في هذه المعركة ثلاثة ملوك: بطل مجاهد نحتسبه شهيدًا، هو عبد الملك السعدي، وخائن مخلوع، هو محمد المتوكل، وصليبـي حاقد، هو سبيستيان ملك البرتغال.

وقد أدّت هذه المعركة الخالدة لتأمين حدود دولة الإسلام من ناحية الغرب، وسقط نجم نصارى البرتغال في عالم البحار، واضطربت دولتهم، وضعفت شوكتهم.

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين