وَلِتَستَبينَ سبيلُ المُجرمين

قال تعالى: (وكذلكَ نُفصِّلُ الآياتِ وَلِتَسْتبينَ سبيلُ المُجرمين). {سورة الأنعام: 55}.

إنّ أشقّ ما تُعانيه الحركات الإسلامية اليوم، هو الغَبش والغموض في مدلول الوحدانية والشرك، وفي مدلول الجاهلية والإسلام. وأشقّ ما نعانيه، كوننا أصحاب مبدأ: استبانة الطريق، وكشف الإلباس فيما اختلط على الناس، والترجيم الذي يوقع في الشك، لذلك فصّل الله الآيات، فهل تدري لمن؟. لمن ضَعُف نظره وقلّ علمه، أو لمن خَفيَ عليه ما يخطّطُ له عدوُّه. إن المياعة في المنهج وفي معرفة السبيل أضاعت الكثيرَ ولا تزال.

فعلى الدعاة إلى الله أن يستوضحوا مخططات المجرمين، ويَجِدّوا في معرفتها، والبحث عنها، ويُبيّنوها لأتباعهم وشعوبهم، كيلا تتكرر المأساة عند اجتياز العقبة، وندخلَ في التيه مرة بعد مرة.

واستبانةُ سبيل المجرمين وخططهم هدفٌ من أهداف المنهج، لأن أيَّ غَبَش أو شُبهة من موقف المجرمين تنعكس سُوءاً على المؤمنين. فلا بدّ من الاستبانة والتبيين.

كلُّ حركة إسلامية يجب أن تتعرّف سبيلَ المجرمين، من يهود وصليبيين، من طوائفَ وملل ونحل وأحزاب، في عالم الواقع، لا في عالم النظريات، لئلا تلتبس الملامحُ ويخدع الزيف، وكل من لم يشهد بمفهوم الوحدانية كائناً ما كان اسمه ولقبه، لم يدخل في الإسلام. فأشقّ ما نُعانيه هو اختلاط الشارات ومرية العناوين.

أعداؤنا اليوم يعكفون على التلبيس علينا، لندخل في التيه، ويصبح مرجع الحكم في أمر الإسلام والكفر إلى الحاكمين المتسلطين، إلى ولاة الأمور، لا إلى قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أجل، يجب أن يجتاز أصحاب الدعوة هذه العقبة، كي تنطلق طاقاتهم فلا يعوقها غَبَش ولا يعيبها لَبْس، وأن تبدأ دعوتهم إلى الله باستبانة سبيل المجرمين، وتعرية الباطل، والكشف عن وجهه القبيح، وفضح أهله، فذلك من أعزّ مقاصد التشريع...

وكيف يأمن رُعيانٌ وإن جهِدوا=إذا تَردّى ثيابَ الشاءِ سِرحانُ

[المصدر: كتاب: التضمين في الكتاب المبين]

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين