حوار مع الدكتور عثمان قدري مكانسي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسمكم ومولدكم ونشأتكم:

أخوكم: عثمان قدري مكانسي

مولدي: حلب، حي المغاير ،16-10-1947

عشت في هذا الحي حتى سن التاسعة، ثمّ قرب الجامع الكبير فوق قهوة الكميني بسوق الخيش حتى سن التاسعة والعشرين، وسكنت بستان القصر أمام جامع قباء وقد كانت لي مشاركة في تاسيسه مع ثلة طيبة يرأسها شيخنا عبد الرحمن كرام رحمه الله وأجزل ثوابه توفي في المدينة المنوّرة، ومن بستان القصر إلى الجزائر – إعارة لتدريس اللغة العربية في مدينة /بجاية/ الجميلة 

هل تعرفنا بوالديك الكريمين رحمهما الله تعالى؟ 

والدي رجل عصامي كان تاجراً للخيش، وله محل في سوق الخيش يعرض فيه بضاعته، ومكان واسع للعمال والبضاعة في خان القصّابية، وكان ذا كلمة مسموعة بين التجار يحل نزاعاتهم ويوفق بينهم، استفاد من حمية والد زوجته – أمي – في تعلم الصنعة وأجادَها فزوجه جدي (محمد حمدي السيد) من ابنته فاطمة رحمهم الله جميعاً، وكان والدي وأمي ولدي خالة.

أراد النظام الأسدي قتل والدي حين خرج أكثر أولاده من سورية انتقاماً منهم، فخرج إلينا في الأردن، وعاد بعد أربع سنوات من الإمارات إلى حلب وتوفي في شهر آب عام 1985، وقد كان صاحباً للقرآن الكريم، فكان موته رحمه الله قصة طيبة تُروى.

كم عاشت أمك بعده. وهل تحدثنا عنها؟ 

عاشت الوالدة رحمها الله بعده خمس عشرة سنة، ولو حدثتكم عن أثرها الإيجابي في تربية أولادها لسمعتم العجب العجاب، كانت ذكية، وكل كلامها حِكمٌ وأشعار وأمثالٌ وكانت شاعرة مطبوعة، لو أرادت أن يكون كلامُها شعراً كله لفعلت، وكان صوتها جميلاُ ورثته عن أبيها، وورثناه عنها معشر أبنائها وبناتها. ولا أنسى حين علمتني الصلاة وأنا ابن سبع سنين، فصليت وحدي أمامها، فلما سلمتُ قبلتني، واحتضنتني، فكان فعلها ذاك سبباً في التزامي الصلاةَ وحبَّ الدين وأهلِه، رحمها الله وجعل قبريهما روضتين من رياض الجنة.

ما أهم مراحل دراستك: 

الابتدائي: السنتان الأوليان في مدرسة اليرموك للبنات في حي الكلاسة 

السنة الثالثة: في مدرسة الوحدة العربية في حي الجلوم، 1958 عام الوحدة مع مصر.

السنتان الرابعة والخامسة: في مدرسة العرفان بسوق المحمص قرب جامع العادلية.

السنة السادسة: في مدرسة الحمدانية قرب جامع الطروش جنوب القصر العدلي.

الإعدادي: درست هذه المرحلة كلها في إعدادية اسكندرون في حي العقبة.

الثانوي: السنة العاشرة في ثانوية هنانو. قرب جامع الطواشي وإمامه الشيخ محمد السلقيني، والد الشيخ الدكتور إبراهيم السلقيني رحمهما الله.

السنتان الأخيرتان في ثانوية المأمون.

نلت الثانوية العامة في الشهر السادس من عام 1966 للميلاد.

درست في جامعة حلب، كلية اللغات فرع اللغة العربية، وتخرجت عام 1970 للميلاد.

أعمالك الوظيفية وخدمتك العسكرية:

عملت مدرساً للعربية وأنا أدرس الجامعة في مدارس حلب أربع سنوات: في إعدادية الحكمة في المنشية، والحسن بن الهيثم في العرقوب، وسيف الدولة في الفرافرة، وفي ابتدائية في بستان القصر.

خدمت الجندية برتبة ملازم من 1-7- 1971 إلى منتصف شهر تشرين الثاني عام 1974، حوالي ثلاث سنوات ونصف السنة. وشاركت في حرب رمضان عام 1973 في القطاع الشمالي تحت جبل الشيخ.

وصرتُ مدرساً أصيلاً للغة العربية في محافظة حلب في نيسان من العام 1974 أي بعد تخرجي بأربع سنوات بطريقة تدل على حقارة النظام البعثي لن تخطر على بال القارئ.

درّست في ريف حلب الجنوبي – الحاضر- سنة واحدة، وريف حلب الشمالي – جبرين عزاز- سنة واحدة كنت مديرا للإعدادية فيها، وفي المنطقة الغربية – أبزمو- سنتين، ثم سافرت معاراً للجزائر في مدينة بجاية الجميلة سنتين فقط، والجزائريون شعب أصيل كريم.

لماذا خرجت من الجزائر؟

اضطررت وزوجتي الطيبة إلى الخروج من الجزائر لأن النظام الأسدي طلبني من الحكومة الجزائرية بناء على معاهدة بين الحكومتين لتسليم (المجرمين)، لكن الشاذلي بن جديد رحمه الله، رئيس الجزائر إذ ذاك، ردَّ على النظام بأنني والمطلوبين الثمانية والعشرين الموجودين في الجزائر (معارضون سياسيون) لا مجرمون. أكثر من بقي في الجزائر من هؤلاء المعارضين نالوا الجنسية الجزائرية. وبناء على رد الرئيس الشاذلي تعكرت العلاقة بين البلدين.

وإلى أين خرجت؟

خرجت من الجزائر إلى الأردن، في صيف الثمانين من القرن الماضي، ومكثت فيه بأمان نسبيٍّ سنتين، ثم خرجت منها معاً متعاقدين مع تربية الإمارات مدرسين للعربية ست عشرة سنة في ثانوية دبي وغيرها وعملت زوجتي في الشارقة وكان السكن فيها. ولعل الله تعالى أراد -وأنا في الإمارات- أن انال الماجستير من لاهور الباكستانية عام 1987 والدكتوراه من باكو الآذرية عام 1998 بأطروحتي (الشعر العربي في الفتوحات العثمانية).

لماذا تركت الإمارات؟

تغيرت الحياة في الإمارات في التسعينيات من القرن الماضي وضُغط على الإسلاميين فأُخرجتُ منها مطروداً عام 1998، مع أن الشيخ الدكتور إبراهيم السلقيني أبدى رغبة في التعاقد معي لتدريس العربية في كلية الدراسات العربية والإسلامية في دبي.

كان لي بيت في عمّان الأردنية أقضي فيه الصيف، فعدت إليه مقيماً، ومنه بدأ العمل الدعوي في أوربا (المؤتمرات، والمخيمات، ورمضان من كل عام ابتداء من صيف 1999.

ما البلاد التي سافرت إليها للدعوة إلى الله؟

سافرت إلى الولايات المتحدة ولاية نيوجيرسي، مدينة باترسون عام 2001 مشرفاً في مدارس العرب الثلاثة، وإماماً ثانياً في أحد مراكزها الإسلامية، ثم عدت بعد سنة ونصف، فالحياة الأمريكية بمفاسدها لا تروق لرجل في الخامسة والخمسين، مع وجود أسباب أخرى حملتني للعودة إلى بيتي في عمّان أواخر عام 2003 للميلاد. 

شغلتني الدعوة وزيارات الدول الاسيوية والعربية والأوربية والأمريكية عن التدريس في الجامعات الأردنية والعربية.

ما أهم الأعمال العلمية التي صدرت لك؟

لي مئات المقالات السياسية والأدبية والدينية منشورة في العشرات من المواقع المهتمة بهذا.

كما أنني طبعت ديوانين من الشعر: نبضات قلب، ووميض قلب. وهناك مجموعتي الشعرية المتكاملة منشورة مع كتبي في موقع: صيد الفوائد، وغيره.

ولي في هذا التنوع الفكري أكثر من اثنين وعشرين كتاباً في الأدب والتربية تجدونها في الملحق إن شاء الله تعالى 

من أساتذتك الذين تركوا أثرا فيك؟

من أساتذتي الذين أشرُف بهم الاستاذ الشيخ فاروق البطل أطال الله عمره ونفع به، ومحمد مهتدي كسحة، رحمه الله راح شهيدًا وابنه باسل عام ثمانين وتسع مئة وألف، وكان للشيخ جميل العقاد رحمه الله بأسلوبه الدعوي الجميل وخطبه الواعية أثر بالغ في العمل الدعوي أما الشيخ الدكتور إبراهيم السلقيني فأدب وعلم واخلاق رحمه الله عرفته في حلب وتوطدت علاقتي به في الإمارات، 

أهم الأصدقاء الذين آخيتهم وأحببتهم في الله؟

أما إخواني وأصدقائي الذين يملأون قلبي ووجداني حباً وشوقاً فكثيرون: منهم الشاعر المبدع يحيى حاج يحيى، والاستاذ البارع زهير سالم، والدكتور النحوي أحمد خراط، والاستاذ الداعية طعمة عبد الله طعمة، وكثير لم أذكرهم هم مثلهم، لا يقلون عنهم مكانة، هم نور في دربي، وضياء في ذاكرتي، وجمال ساطع في حياتي.

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين