تعرّف على عظماء أمتك: الملك المظفر كوكبري

الملك المظفر المجاهد الزاهد، والمبدع في عمل الموالد والموائد

1-مظفر الدين أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي بن بكتكين بن محمد

27 محرم 549 هـ/1153 م - 14 رمضان 630 هـ/1232م

حاكم أربيل في عهد صلاح الدين الأيوبي. ولد الملك المظفر في إربيل وهي قلعة حصينة ومدينة كبيرة من أعمال الموصل تبعد عنها مسيرة يومين ليلة السابع والعشرين من محرم سنة خمسمائة وتسع وأربعين للهجرة التحق بخدمة السلطان صلاح الدين الأيوبي وغزا معه فأحبه وزاده «الرّها» وزوجه بأخته ربيعة، ( ).

2-بطولته وشجاعته:

وما نقل أنه انهزم في حرب، وقد ذكر هذا وأمثاله ابن خلكان، واعتذر من التقصير.في حقه.

وأبان عن شجاعة يوم حطين،

شارك "مظفر الدين" في معظم الحروب التي خاضها صلاح الدين ضد الصليبيين بدءًا من فتح "حصن الكرك" سنة 580هـ/1184 م من صاحبه "أرناط" والذي كثيرا ما يتعرض للقوافل التجارية بالسلب والنهب.

كما تولى قيادة جيوش الموصل والجزيرة في معركة حطين ويذكر أنه هو الذي أوحى بفكرة

إحراق الحشائش التي كانت تحيط بأرض المعركة حين وجد الريح في مواجهة جيش الصليبيين كما يذكر التاريخ نجاح خطته ووضوح أثرها في هزيمة الجيش الصليبي.

3-صفاته وأخلاقه

ذكر ابن خلكان عنه قال « كان متواضعًا، خيّرًا يحب الفقهاء والمحدثين وربما أعطى الشعراء، وما نُقل أنه انهزم في حرب».

وكان من أكثر الملوك تدينًا وأجودهم وأكثرهم برًا، وكان عالـمًا تقيًا شجاعًا.

جمع له [ الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ أَبُو الخَطَّابِ عُمَرُ بنُ حَسَنٍ الكَلْبِيُّ ]ابن دحية (كتاب المولد)، فأعطاه ألف دينار.

قال فيه ابن خلكان: «وأما سيرته فكان له في فعل الخير عجائب لم نسمع أنَّ أحدًا فعل في ذلك مثل ما فعله».

وكان لا يتعاطى المنكر ، ولا يمكّنُ من إدخاله البلد.

4-حبُّه للصدقة:

وكان يحب الصدقة وكان له في كل يوم قناطير مقنطرة من الخبز يفرقها على المحاويج في عدة مواضع في البلد، وإذا نزل من الركوب يكون قد اجتمع جمع كثير عند الدار فيدخلهم إليه ويدفع لكل واحد كسوة على قدر الفصل من الصيف والشتاء ومعها شيء من الذهب ، 

5-أعماله الخيرية الكثيرة والمتنوعة:

يذكر الحافظ الذهبي في سيره،أنه:

1-كان يفرّق كل يوم قناطير خبز ، ويكسو في العام خلقاً ويعطيهم دينارا ،ودينارين،

2-وبنى أربع خوانك للزمنى[المرضى الذين لا يرجى شفاؤهم] والأضرِّاء[العميان]، وكان يأتيهم كل اثنين وخميس، ويسأل كل واحد عن حاله، ويتفقده، ويباسطه، ويمزح معه. 3-وبنى دارا للنساء، ودارا للأيتام، ودار للقطاء، ورتب بها المراضع. وكان يدور على مرضى البيمارستان.

4-دار الضيافة: وله دار مضيف ينزلها كل وارد، ويعطَى كل ما ينبغي له. وإذا عزم الإنسان على السفر أعطاه نفقة تليق بمثله.

هـ وبنى مدرسة للشافعية والحنفية، وكان يمد بها السماط،[موائد الطعام]

ويحضر السماع كثيراً، لم يكن له لذة في شيء غيره. وكان يمنع من دخول منكر بلده،

5- وبنى للصوفية رباطين، [والرباط: المكان الذي يلتقي فيه صالحو المؤمنين لعبادة الله وذكره، والتفقه في أمور الدين. ] وكان ينزل إليهم لأجل السماعات.

6-كان في السنة يفتكُّ أسرى بجملة، [أيّ يفك عددا كثيراً من أسرى المسلمين] وكان يُسيّر في كل سنة دفعتين من جماعة من أصحابه وأمنائه إلى بلاد الساحل ومعهم جملة مستكثرة من المال يُفَكّ بها أسرى المسلمين من أيدي الكفار.

7-ويخرج سبيلا للحج، [أي يعين الحجاج في طرق الحج ]

8-ويبعث للمجاورين[ في الحرمين الشريفين ] بخمسة آلاف دينار،

9- وله بمكة آثار جميلة فهو أول من أجرى الماء إلى جبل عرفات وعمل بالجبل مصانع للماء، 

10-وهو الذي عمّر الجامع المظفري بسفح قاسيون، كما ذكر ذلك السيوطي في «الحاوي للفتاوى».

6-احتفاء الخليفة العباسي به:

قال ابن الساعي « أخذ مفاتيح إربل وقلاعها وسلّم ذلك إلى المستنصر[الخليفة العباسي ببغداد] في أول سنة ثمان وعشرين[وستمائة]، فاحتفلوا له، واجتمع بالخليفة وأكرمه وقلّده سيفين ورايات وخلعًا وستين ألف دينار . 

-ومن آثاره الحسنة أيضًا أنه - أول من أحدث الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم وجمع لهذا كثيرًا من العلماء، فيهم من أهل الحديث والصوفية الصادقين، فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها :

كالحافظ أحمد بن حجر العسقلاني وتلميذه الحافظ السخاوي، وكذلك الحافظ السيوطي.

7-وصفٌ للاحتفال العظيم بالمولد النبوي الشريف:

يتابع الحافظ الذهبي فيقول:

أ- وأما احتفاله بالمولد، فيقصر التعبير عنه؛ كان الخلق يقصدونه من العراق والجزيرة،

ب-ساحة العرض:

وتنصبُ قباب خشب له ولأمرائه وتزيَّن، وينزل كل يوم العصر، فيقف على كل قبة ويتفرَّج، ويعمل ذلك أياماً، وقيل إن الخلق كانوا يقصدونه في المولد من العراق والجزيرة وكانت تُنصب قباب خشب له ولأمرائه وتزيّن، وفيها جُوَق المدائح والنوبات، وينزل كل يوم عند العصر فيقف على كل قبة ويتفرج، ويفعل ذلك أيامًا، ويتكلم الوعاظ في الميدان

ج-الموائد والكرم الزائد بمناسبة ذكرى المولد

ويخرج من البقر والإبل والغنم شيئا كثيرا، وزفّها بجميع ما عنده من الطبول حتى يأتي بها الميدان، ثم يشرعون في نحرها وينصبون القدور ويطبخون الألوان المختلفة ، ويعمل عدة خلع للصوفية، ويتكلم الوعاظ في الميدان، فينفق أموالا جزيلة.

قال السبط[ابن الجوزي]: حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط:

-مائة فرس قشلميش.كذا

- خمسة آلاف رأس مشوي،

-وعشرة آلاف دجاجة،

-ومائة ألف زبدية،

-وثلاثين ألف صحن حلوى،

قال: وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية فيخلع عليهم

وكانت له دار ضيافة للوافدين من أي جهة على أي صفة،

وكانت صدقاته في جميع القُرَب والطاعات على الحرمين وغيرهما،

ويفك من الفرنج في كل سنة خلقاً من الأسارى.

حتى قيل إن جملة من استفكه من أيديهم ستون ألف أسير،

8-ثناء مؤرخي الإسلام عليه

أ-أوردنا الكثير مما قاله الحافظ الذهبي عنه، وكذا سبط ابن الجوزي.

ب-قال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» بعد كلام طويل وثناء جميل: «قال جماعة من أهل إربل: كانت نفقته على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، وعلى الأسرى مائتين ألف دينار، وعلى دار المضيف مائة ألف دينار، وعلى الحرمين والسبيل وعرفات ثلاثين ألف دينار، غير الصدقة في رمضان بقلعة إربل».

ج- ويذكره الحافظ ابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية بالثناء العاطر، فيقول عنه :

أحد الأجواد والسادات الكبراء والملوك الأمجاد، له آثار حسنة وقد عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون، وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلا.

وكان مع ذلك شهما شجاعا فاتكا بطلا عاقلاً عالما عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه.

وقد طالت مدته في الملك في زمان الدولة الصلاحية [دولة صلاح الدين الأيوبي ]،

9-الملك الزاهد:

قالت: زوجته ربيعة خاتون بنت أيوب – وكان قد زوجه إياها أخوها صلاح الدين، لما كان معه على عكا – قالت: كان قميصه لا يساوي خمسة دراهم ...!!

فعاتبته بذلك فقال: لبسي ثوباً بخمسة وأتصدق بالباقي خيرٌ من أن ألبس ثوبا مُثمَّناً، وأدعُ الفقير المسكين،

10-كثرة النفقات في أبواب الخيرات

1-وكان يصرف على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار،

2-وعلى دار الضيافة في كل سنة مائة ألف دينار.

3-وعلى الحرمين والمياه بدرب الحجاز ثلاثين ألف دينار .

4-سوى صدقات السر، رحمه الله تعالى،

11-مولده ووفاته: 

مولده :في المحرم، سنة تسع وأربعين وخمس مائة،[549]هجرية بإربل.مدينة في شمال العراق

وفاته: قال ابن خلكان: مات ليلة الجمعة، رابع عشر رمضان، سنة ثلاثين وست مائة [630]

.وكانت وفاته بقلعة إربل، وأوصى أن يحمل إلى مكة فلم يتفق فدفن بمشهد علي.اهـ بالكوفة.

قال ابن خلكان: «مات ليلة الجمعة في الرابع عشر من رمضان سنة ثلاثين وستمائة، وحُمل في نعش مع الحجاج إلى مكة، وكان قد أعد قبة تحت جبل يدفن فيها، فاتفق أن الوفد رجعوا تلك السنة لعدم وجود الماء فدفن بالكوفة رحمه الله تعالى عن عمر اثنتين وثمانين سنة.

وقد أوصى ببلاده من بعده إلى الخليفة العباسي المستنصر في بغداد.

مصادر البحث:

1-سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ٣٣4 وما بعدها صاحب إربل 203 رقم 2-البداية والنهاية الحافظ ابن كثير الدمشقي

3-الكامل في التاريخ »

4-مرآة الزمان سبط الجوزي: 8 / 683.

5-دار الإفتاء -استراليا.

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين