لو رأى ذلك الرجلُ اليومَ مايَصنع الأخ بأخيه.. فماذا يقول؟

في غزوة أحُد التي ، قُتل فيها حمزة ، عمّ رسول الله ، مع بعض الصحابة .. رأى رجل ، أبا سفيان ، وهو يطعن جثّة حمزة برمحه ، واضعاً سنّ الرمح ، في شدق حمزة ، قائلاً له : ذُق عَقَق ! فقال الرجل ، بصوت سمعه أبو سفيان : سيّد قريش يفعل هذا ، بابن عمّه ! فقال أبو سفيان : ويحك ؛ إنها زلّة ، فاكتمْها عنّي ! فقد أبتْ المروءة الجاهلية ، لدى أبي سفيان ، أن يشاع عنه ، مافعله بحمزة ! 

فماذا يقول ذلك الرجل ، لو رأى ، اليوم ، مايفعله الأخ بأخيه !؟ 

ماذا يقول ، لو رأى الجلاّد ، العربيّ المسلم ، وهو يعلِّق على الجدار، جسداً بشرياً عارياً ، مقيّد اليدين والرجلين ، مثخناً بالجراح ، جائعاً ظامئاً .. وما هو، إلاّ جسد أخيه ، في : الوطن ، أو الدين ، أو القومية ، أو الإنسانية ..!؟ 

وماذا يقول ذلك الرجل ، لو رأى ألوف الأجساد ، المشابهة لذلك الجسد ، تعلّق على الجدران ، في أنحاء وطن ، هي تظنّ أنه وطنها ، وبأيدي رجال تحسبهم ، من بني ملّتها ، أوقومها !؟ 

وماذا يقول ذلك الرجل ، لو رأى البنادق الرشّاشة ، في أيدي رجال ، هم أبناء عمومة ، أو خؤولة ، أو ملّة .. وكلّ منهم يطلق الرصاص على ، الآخرين ، صائحاً: الله أكبر!؟ 

وما ذا يقول ذلك الرجل ، لو رأى ألوف الأطفال ، وقد صاروا هياكل عظمية ، من الجوع ، نتيجة لحصار الأقارب ، المستعينين بالغرباء ، الذين يزوّدونهم بالسلاح، ويدعمونهم ، سياسياً ، في المحافل الدولية !؟ 

وماذا يقول ذلك الرجل ، لو رأى ألوف الأسر، تهرب من بيوتها ، التي يقصفها الإخوة : في الوطن أو الدين أو القومية .. وبين الأسرالهاربة : الأطفال والنساء، والشيوخ والعجزة.. يهيمون على وجوهم، بلا ماء ولا طعام ولا كساء، ولا عزيمة.. وبعضهم يهرب، إلى بلاد غريبة ، باحثاً عن الأمن، فتلتهمه أمواج البحار..وبعضها يصل إلى شواطئ بعض الدول، فينال من الاحتقاروالإذلال، ما تأباه النفوس الكريمة؟ 

هل يَسأل ذلك الرجل : أين الدين ، وأين المروءة ، وأين الوطنية ، وأين القومية ..!؟ أم يرفع كفّيه متمتماً: حسبنا الله ونعم الوكيل !؟ 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين