ماذا يريد منا دعاة التقارب؟

الشيخ : أحمد النعسان

 

جاء الإسلام ليعلمنا أدبَ الحديث, وأدبَ المحادثة, وأدبَ المحاورة, جاء لينظف الألسن من السب والشتم واللعن, جاء ليطهر القلوب من الغل والإثم والبغي والحسد والاستعلاء.
ولقد أكرم الله عز وجل سلف هذه الأمة بهذا الأدب, من حيث سلامة اللقب واللسان, فكانوا كالجسد الواحد.
هل نحن من الصنف الثالث؟
أيها الإخوة الكرام: إن المجتمع الإيماني قسمه الله تعالى إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسمُ المهاجرين من أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وهم الذين عناهم الله تعالى بقوله: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُون}. ونحن قطعاً لسنا منهم, ولكن نرجو الله تعالى أن نكون على قدمهم.
القسم الثاني: قسمُ الأنصار من أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وهم الذين عناهم الله تعالى بقوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون}. ونحن قطعاً لسنا منهم, ولكن نرجو الله عز وجل أن نكون على قدمهم.
القسم الثالث: هو القسمُ الذي جاء من بعد المهاجرين والأنصار, حيث وصفهم الله تعالى بوصفين: الدعاء للسلف, والدعاء لأنفسهم من أجل سلامة قلوبهم, قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم}.
هذا القسم الذي جاء من بعد المهاجرين والأنصار يدعون للسلف الصالح حملة الرسالة بالمغفرة, ويدعون الله أن يطهر قلوبهم من الغل على المؤمنين سلفهم وخلفهم.
فمن دعا للسلف وكان قلبه طاهراً نحو السلف والخلف فهو من المرضيين عند الله عز وجل, قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم}.
أما من دعا على السلف وامتلأ قلبه غيظاً وغلاً على السلف والخلف, فهذا ليس على النهج السوي المرضي عند الله تعالى, وربما عرَّض نفسه لسخط الله تعالى, بسبب سوء أدبه مع السلف والخلف, وربما أن يدخل تحت قول الله عز وجل: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}.يعني من وجد في قلبه غيظاً على الأصحاب الكرام فهو الكافر بنص القرآن كما استنبط ذلك الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه.
علامة الفرقة الناجية:
أيها الإخوة الكرام: إذا أردتم أن تعرفوا الفرقة الناجية من الفرقة الهالكة, انظروا إلى أقوالهم أفعالهم, فمن تأدب مع السلف ودعا الله لهم بالمغفرة, وكان قلبه طاهراً نقياً فهو من الفرقة الناجية بإذن الله تعالى.
أما الذين يطعنون في السلف والخلف, وامتلأت قلوبهم غيظاً على السلف والخلف, ويحاولون إشعال نار الفتنة بين المسلمين فاعرفوهم بأنهم من الفرق الهالكة.
تربية الإسلام للفرقة الناجية:
يا عباد الله: لقد ربَّانا الإسلام بفضل الله عز وجل على الأدب بكل صوره وأشكاله ومع سائر المخلوقات, ربَّانا الإسلام:
أولاً: على العدل ولو وُجد البغض في قلوبنا على أحد من خلق الله تعالى, قال تعالى: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}.
حذَّرك الله تعالى من الوقوع في الجرم بسبب عدم العدل ولو مع من أبغضته, بغضك لأحد لا يبيح لك أن تجور عليه وتهضم حقه.
ربَّانا الإسلام إنْ وَجَدْنا الغلَّ في قلوبنا على أحد أن لا يتجاوز هذا الغلُ القلبَ, بل تنضبط الجوارح بتعاليم الله عز وجل.
بل أراد منا الإسلام الأكثر من هذا, أراد أن تكون القلوبُ سليمةً فقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لسيدنا أنس رضي الله عنه: (يا بُنَيَّ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ, ثُمَّ قَالَ لِي: يَا بُنَيَّ, وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي, وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي, وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ) رواه الترمذي.
فمن سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم سلامة القلب, ومن أحيا هذه السنة فقد أحب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, ومن أماتها فهذا دليل على بغضه لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وصدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عندما قال: (اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي, اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي, لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي, فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ) رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن مغفل المزني.
فلولا بغضهم لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لما أبغضوا أصحابه, ولما أرادوا من الأمة البغض لأصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ثانياً: ربَّانا الإسلام على نظافة اللسان من السب والشتم واللعن, فقال تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. ربَّانا على قوله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}. ربَّانا على قوله تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}.
ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فالسب والشتم واللعن ليس من خلق المسلم, بل هو وصف المنافق, كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا, وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا, إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ, وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ, وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ, وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ). ومن الفجور السب والشتم واللعن.
نعم هذا إذا كان السب والشتم واللعن في حق المسلمين مع بعضهم البعض فكيف إذا كان لسلف الأمة ولخلفها والعياذ بالله تعالى؟
ثالثاً: ربَّانا الإسلام على أن نجادل الآخرين بالأدب, فقال تعالى: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. والجدل بالتي هي أحسن هو جدل أهل الأدب والاحترام, بدون أن يمس الآخرين بكلمة سوء, بل يقول المؤمن للآخرين {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِين}. أدب ما بعده أدب.
ربَّانا الإسلام على هذا الجدل, وأن يكون في دوائر ضيِّقة, قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد}. لأن الجدل في الملأ وأمام الجماهير هو جدل غوغائي لا يصل فيه المتجادلون إلى الصواب, لأن ضغط الجماهير له أثر كبير, وكم يمنع الضغط الجماهيري عن التراجع من الخطأ إلى الصواب؟
ربَّانا الإسلام على جدل نظيف حتى مع أهل الكتاب, قال تعالى: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. لأن الغاية من الجدل الوصول إلى الحق عن طريق الدليل والبرهان, قال تعالى: {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِين}.
رابعاً: ربَّانا الإسلام على القسط وعدم الجور, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}. والسر في ذلك اتباع الحق, لأن الحق أحق أن يتبع, لا يُنْظر إلى أصل ولا إلى فرع ولا إلى نسب بل ينظر إلى الحق, ويقف الإنسان مع الحق حيث كان, لا عصبية في الإسلام إلا للحق, فالمسلم يدور مع الحق حيث دار مع كامل الأدب مع الآخرين.
صورة رائعة من حياة السلف:
أيها الإخوة الكرام: صورة رائعة من صور السلف الذين رباهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, هذا سيدنا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يرسله النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى يهود خيبر, وما أدراك ما يهود خيبر, يهود خيبر منهم تلك المرأة التي وضعت السم في ذراع الشاة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تريد قتله, هذا حال نساء خيبر فكيف برجالهم؟
روى الإمام أحمد عنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: (أَفَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانُوا, وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ, فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ, ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ أَنْتُمْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ, قَتَلْتُمْ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَكَذَبْتُمْ عَلَى اللَّهِ, وَلَيْسَ يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ, قَدْ خَرَصْتُ عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ, فَإِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلِي, فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ, قَدْ أَخَذْنَا فَاخْرُجُوا عَنَّا).
وفي رواية البيهقي: (كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ فِي كُلِّ عَامٍ فَيَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُضَمِّنُهُمْ الشَّطْرَ، فَشَكَّوْا إلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِدَّةَ خَرْصِهِ وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: تُطْعِمُونِي السُّحْتَ، وَاَللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ، وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إلَيَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنْ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إيَّاكُمْ، وَحُبِّي إيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ).
نعم هكذا ربَّا الإسلام سلف الأئمة الذين يُطْعَنون اليومَ من شرذمةٍ قليلةٍ تدَّعي محبة آل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وآل البيت الأطهار منهم أبرياء لسوء أدب هؤلاء مع أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولسوء أدبهم مع أمهات المؤمنين.
ماذا يريد منا دعاة التقارب؟
أيها الإخوة الكرام: ماذا يريد منا دعاة التقارب, نحن لسنا بحاجة إلى توجيه أحد, لأننا استغنينا بالإسلام الذي ربَّانا على طهارة اللسان والقلب, هل سمعتم أحداً من أهل السنة والجماعة يطعن في آل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟ أو يطعن في سلف الأمة؟
أهل السنة والجماعة هم الذين يتقربون إلى الله تعالى بحبهم لآل البيت وعلى رأسهم بعد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وبعد أمنا السيدة فاطمة رضي الله عنها سيدُنا عليٍ رضي الله عنه.
لا يُقال لأمثالنا لنتقارب مع الآخرين, ولكن يُقال لمن يطعن في سلف الأمة وخلفها, ويلعن الصحب الكرام ويتهم أمهات المؤمنين وخاصة السيدة عائشة بعد أن برأها الله من فوق سبع سموات, يقال لأمثال هؤلاء: اتقوا الله في سلف الأمة وخلفها, ووالله لا خير فيمن يطعن في سلف الأمة, وأي خير يكمن في الخلف إذا طعن في السلف؟
يُقال لهؤلاء: التزموا الأدب, وإذا أردتم أن تحاكموا أحداً فحاكموا الأحياء لا الأموات, لقد خرج سلفنا من الدنيا كل واحد منهم مجتهد فالمصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد, والوزر على من لعن السلف, حيث حكم حكماً غيابياً.
خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:
أيها الإخوة الكرام: الأدبَ الأدبَ الذي ربَّانا عليه الإسلام, نعم, لقد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر, ولكن صدق الله القائل: {لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}.
اعرفوا الفرقة الناجية من الهالكة من خلال اللسان, لأن المرء تحت طي لسانه, فصاحب القلب الحقود لا يعرف إلا السب والشتم واللعن, وصاحب القلب التقي النقي لا يعرف إلا أن يقول: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم}. اللهم اجعلنا منهم. آمين.
أقول هذا القول وكل منا يستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين