ويشدو...حافظُ القرآن

 سبَّحتُ ربِّي خالقَ الإنسانِ=وحمدْتُه في السرِّ والإعلانِ

فلقد حباني بالهدايةِ ، فاغتنى=قلبي بنورِ كتابِه الرَّباني

وهجرتُ ما نصَبَتْ هنالك من صُوىً=أيْدٍ تلوِّحُ ـ بئسَ ـ للكفرانِ

راموا مغاني السَّعدِ في إذعانِهم=للسُّوءِ في الدنيا ، وللخسرانِ

ولقد هفتْ في عصرِهم زيناتُه=تغوي ، وتروي نزوةَ الظمآنِ

فانقادَ للشيطانِ كلُّ مغفَّلٍ=وانحازَ أهلُ الغيِّ للأقرانِ 

مِن كلِّ مكدودِ الخُطا ، نحَّى الهدى=ومضى بزمرةِ صحبِه العُميانِ 

يلهو ، وينحرُ عمرَه الغالي ولا=يدري مآلَ العمرِ للحرمانِ !!!

فعلى الضياعِ ، وللضياعِ غَضاضةٌ=لجُّوا بلا وعيٍ ولا استحسانِ 

يتنعمون بمنكرٍ غذَّى الهوى=منهُ لذائذَ غافلِ الفتيانِ

أمَّا أنا ـ يا إخوتي ـ مافاتني=وحيُ السَّماءِ يهزُّ كلَّ كياني

اقرأْ ورتِّلْ وارتقِ الدرجاتِ في=الأعلى من الفردوسِ في الأحيانِ

فيها المنازلُ والنَّعيمُ ، فَوَطِّنَنْ=نفسًا تطيبُ برحمةٍ وجِنانِ 

مَنْ زيَّنَ القرآنَ في تجويدِه=تغشاهُ رحمةُ ربِّنا الحنَّانِ

وعليه تنزلُ من لَدُنْهُ سكينةٌ=تنجيه من قلقٍ ومن أحزانِ

مكيَّةٌ مدنيَّةٌ آياتُه=نزلتْ منجَّمةً على العدناني

صلَّى عليه اللهُ ما أصغى المدى=لدوِيِّ أهلِ الذِّكرِ في الأزمانِ

فيه الهدى للمتقين ، وفيه ما=يجلو الصُّدورَ من الهوى الشيطاني

فإذا سمعْتَ الذِّكرَ يُتلَى فاستمعْ=وإليه أنصِتْ يا أخا الفرقانِ

ياربِّ ذكِّرْني إذا أُنسيتُه=واجعلْهُ في عمري الربيعَ الثَّاني

ياربِّ وارزقْني تلاوتَه ولا=تحرمْ ندى وحيِ السماءِ جَناني

آناءَ ليلٍ أو نهارٍ ، واحمني=ممَّنْ يرومُ ـ من السَّنى ـ حرماني

واحفظْ شبابي من مزالقَ لم تزلْ=تغزو طريقي اليومَ بالبهتانِ

أنا ما التفتُ لغيرِ دينِ مُحَمَّــدٍ=أبدا ، ولم أركنْ لمَنْ أغواني

غنَّى الغواةُ فبارَ حقلُ ربيعِهم=فنأوا ، ويشدو حافظُ القرآنِ

أنا ماطربْتُ لغيرِ ترتيل سرى=في صدريَ المعمورِ بالإيمانِ

سلبَ الهُدى لُبِّي ، وطهَّرَ خافقي=من شرِّ وسوسةٍ ، وسوءِ هوانِ

وأباحَ للقيمِ الكريمةِ سيرتي=وأشاعَ نورَ اللهِ في وجداني

أنا لستُ ممَّن يركبون هواهُمُ=ويسابقون النَّـاسَ بالطغيانِ

حسبي من الأخلاقِ ماوهبَ الهدى=وافتَـرَّ عن وُدٍّ لهم و حنانِ

طوبى لمَنْ ألفى الفضائلَ غضَّةً=واعتادَ بذلَ البِرِّ والإحسانِ

وسعى على وجهِ البسيطةِ مسلمًا=يُغني بمصحفِه بني الإنسانِ

كالغيثِ يسقي جدبَها ، فيرده=حقلا يميسُ بفائحِ الريحانِ

أو كالصَّباحِ المشرقِ القسماتِ في=وجهِ الحياةِ يفيضُ با لتَّحنانِ 

أنا حافظُ القرآنِ أشعرُ بالرضا=امَّـا نهلْتُ من الرحيقِ الهاني

أصغي إلى الآياتِ تحيي عزَّتي=وبها وجدْتُ الشَّذ وَ في سلواني

أغنتْ حياتي بالمآثرِ ويحني=لولا الهدى لدُرجْتُ في الأكفانِ

ماقيمةُ الإنسانِ إن لم يزدجرْ=بكتابِ ربِّ العرشِ ذي الإتقانِ !!!

يحيا ويمضي ماحبتْهُ فضيلةُ=أو قرَّبتْهُ مدامعُ الأجفانِ

وغدًا سيندمُ ، يومَ لم يُنظرْ ولم=ينفعْهُ ما ألفاهُ من أقرانِ

والجاهُ يومئذٍ لحُفَّاظٍ أتوا=بالذِّكرِ يشفعُ من لظى النيرانِ

أنا قارئً القرآنِ حسبي أنَّه=زادي ، وخيرُ الزادِ للَّهفانِ 

لليافعين ذوي الطهارةِ والصَّفا=والخيرُ كلًّ الخيرِ في الشُّبَّانِ

إنَّ الشبابَ غنيمةُ للمجتنِي=زمنَ الشبابِ الحُلوَ في الريعانِ

فإذا تثنَّى بالهدايةِ والتُّقى=لم يبقَ فوقَ فؤادِه من رانِ

ومضى على الدَّربِ القويمِ مًيمِّـمًا=شطرَ العلى بَـرًّا عظيمَ الشانِ

طوبى لأُمتِه تفانى دونها=فَعُلُوُّهـا وهواهُ يلتقيانِ

أحيا مآثرَها العظيمةَ ، فانجلى=غبشُ تمكَّنَ قبلُ في الأجفانِ

فطواهُ نورُ اللهِ إذْ فاضَ السَّنا=ورأى الفتى مالم تـرَ العينانِ

فاشتاقَ للسِّيرِ الحميدةِ ، واقتفى=أثرًا يدلُّ على جنى البستانِ

يوم اطمأنَّ المسلمون بفيئِه=ونأتْ حوالكُ عِثْنَ بالبلدانِ

فالذكرُ والترتيلُ معْ قيمِ الهدى=هي زينةُ الفتياتِ والفتيانِ

والفوز فيها لا تراه بغيرِها=وبها محامدُها الحِسانُ دواني

بشرى لكم أهلَ المصاحفِ والنُّهى=أهلُ الثَّوابِ الثَّـرِّ في الميزانِ

في جنَّةٍ ، وعدَ! الكريمُ عبادَه=بالخلدِ فيها في النَّعيمِ الهاني

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين