الوفاء في مراسلات العلماء

الرابطة العلمية بين المشايخ وطلاّبهم والأساتذة وتلاميذهم تفوق كثيراً من الروابط الأخرى في المجتمع

يقول المناوي - رحمه الله - (( وَأَبُو الافادة أقوى من أبي الْولادَة ))

ثم علّل ذلك ناقلاً : (( قَالَ بَعضهم : الْولادَة نَوْعَانِ : الْولادَة الْمَعْرُوفَة وَهُوَ النّسَب ، وولادة الْقلب وَالروح واخراجهما من مشيمة النَّفس وظلمة الطَّبْع كالعالم يعلم الانسان ))

واستشهد ببيتٍ أعجبه بقوله :  وَللَّه درّ الْقَائِل :

من علّم النَّاس ذَاك خير أَب =ذَاك أَبُو الرّوح لَا أَبُو النطف

وتفرض هذه الرابطة العلمية جملة من الآداب ، وحُسن المعاملة على الطلبة والتلاميذ مع المشايخ والأساتذة في السرّ والعلن جيلاً بعد جيل ، ومنها الوفاء ، وتذكّر الجميل ، وعدم نسيان الفضل .

وهذا لا يُنقص من مكانة الدارس ، وإن بلغ من العمر ، والعلم ، والشهادة ، والمنصب مبلغاً عظيماً ، بل يعود نفعه عليه ويرجع خيره اليه في الدنيا والآخرة .

وهو من منهج الصحابة والتابعين والعلماء العاملين - رضي الله عنهم أجمعين -

ولا عيب في اظهاره ، ولا عذر في التغافل عنه ، ولا نقص في التفاخر به

وقد جسّد هذا الأدب شيخ مشايخنا الاستاذ عبد الكريم الدّبَان مع شيخ مشايخنا السيد أحمد الراوي - رحمهما الله - في مراسلته معه قائلاً له : (( كيف أنساك ، وأنسى جزيل فضلك ، وعميم إحسانك ، وعظيم شفقتك ؟ أم كيف أنكر ما أسديت إليَّ ؟ ))

وبهذه الكلمات يرسم صورة جميلة ، و يخطّ مسلكاً واضحاً ، ويسطّر منهجاً حقيقياً ، يسترشد به طلبة العلم ، مستثمرين ما يتاح لهم من الاتصالات ، ومواقع التواصل الاجتماعي وما تقدّمه من خدمات لإظهار الوفاء لأساتذتهم ومشايخهم والتحدّث بجميل صنيعهم وما بذلوا من نفيس أوقاتهم .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين