المعيار الشرعي لطلب الشهادة

حفظ النفس البشرية المؤمنة إحدى الكليات الخمس التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، فهي نفس ثمينة غالية، جدير بأن تحفظ من التلف ولا تُهدر بلا كبير فائدة، روى ابن حبان عنِ ابْنِ عُمَرَ ... ونظر ابن عمر يوما إلى البيت فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك، وللمؤمن أعظم عند الله حرمة منك. (1) وروى ابن حبان عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء الرجل يعوده قال: اللهم اشف عبدك، ينكأ لك عدوا، أو يمشي لك إلى صلاة. (2).

وحياة المؤمن في سبيل الله غاية منشودة وهي أشق وأصعب من الموت في سبيل الله، والحياة في سبيل الله أصل، والموت في سبيله استثناء، والذين يجيدون الحياة في سبيله، هم الذين يحركون دفة النهضة والبناء وعمارة الأرض.

غير أن كثيرا من المؤمنين المجاهدين يتشوفون ويتسابقون للشهادة في سبيل الله دون أخذ الأهبة وإعداد العدة المستطاعة التي ترهب العدو وتوقع النكاية والإثخان فيهم مع غياب أخذ الحيطة والحذر، وتجاهل فقه الإقدام والإحجام، وإغفال الحيل الشرعية التي تخدع العدو، حتى الكذب الذي لا يُطبع عليه المؤمن وهو من الكبائر مرخص فيه في الحرب، إلى غير ذلك من أمور كثيرة تراعى لحفظ النفس من الضياع والقتل.

والجهاد في سبيل الله إنما شرع ليحيا الناس حياة كريمة سعيدة هانئة، لا يخافون من العدوان عليهم، فيشيع الأمن والأمان في المجتمع المسلم، ويستطيع المرء أن يؤدي شعائر دينه وأوامر ربه دون خوف أو وجل، فالإقدام حيث يجب الإقدام واجب، والإحجام حيث يجب الإحجام واجب، وهذا يحتاج لموازنات وفقه دقيق وتغليب المصالح على المفاسد، الأمر الذي يفتقده أغلب المجاهدين وقادتهم، قال معاوية لعمرو بن العاص رضي الله عنهما: أعياني أن أعرف أشجاعا أنت أم جبانا؟ تقدم حتى أقول من أشجع الناس، وتجبن حتى أقول من أجبن الناس فقال:

شجاع إذا ما أمكنتني فرصة ... فإن لم تكن لي فرصة فجبان (3)

والعربي الجاهلي كان يدرك هذا بتجربته، قيل لعنترة: أنت أشجع العرب وأشدها؟ قال: لا.

قيل: فبماذا شاع لك هذا في الناس؟

قال: كنت أقدم إذا رأيت الإقدام عزما، وأحجم إذا رأيت الإحجام حزما، ولا أدخل إلا موضعا أرى لي منه مخرجا. (4)

ومن نافلة القول أن الشهادة في سبيل الله وسيلة لإعلاء كلمة الله وإعزاز دينه، وليست هي غاية، قال المثنى بن حارثة في معركة الجسر: هلك قوم جعلوا الشهادة غايتهم فحسب.

والمؤمن ينال درجة الشهداء بنيته الصادقة وإن لم يصبها، روى مسلم عن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء؛ وإن مات على فراشه.

قال العز بن عبد السلام: قال الله تعالى: ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما، فجعل الأجر العظيم للقتلى والغالبين، والغالب أفضل من القتيل، لأنه حصل مقاصد الجهاد، وليس القتيل مثابا على القتل لأنه ليس من فعله، وإنما يثاب على تعرضه للقتل في نصرة الدين. (5)

والشهادة بذاتها ليست غاية فلو كانت غاية فلماذا أمر الله بأخذ الحيطة والحذر، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴾ [النساء: 71]، ولماذا شرعت صلاة الخوف إذن، قال عزو وجل: ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ﴾ [النساء: 102] ولماذا أمر الله بإعداد العدة، قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ (الأنفال: 60) ولماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الدرع والمغفر في الحرب، روى أبو داود أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ظاهرَ يومَ أُحُدٍ بينَ دِرعَينِ، أو لبسَ دِرعَينِ. ولماذا أقر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته الذين بعثهم في سرية وقالوا له نحن الفرارون فأشاد بهم بقوله ( بل أنتم العكارون )

هذا كله إن دل على شيء فإنما يدل دلالة واضحة أن دماء المسلمين غالية، والتفريط في حماية الأنفس دونما كبير فائدة يعتبر جريمة عظيمة ترتكب في حق الدين والناس، فالنفس ملك لله وليست ملكا للقادة أو للشخص نفسه، روى ابن ماجه بسند صحيح عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق.

- حقوق المقاتلين على القادة

مما سبق يتبين لنا أن المقاتلين لهم حقوق على القادة، ومن أهمها الحفاظ على أرواحهم

يقول الدكتور محمد خير هيكل:

الحفاظ على أرواح الجنود:

حول قيمة هذا الحق، وأثره على في تحقيق النصر –يقول أحد قادة الحروب الحديثة (مونتغمري) : "القائد الذي يحرص، ويُعنى أشد العناية بالمحافظة على أرواح رجاله- يستطيع أن يحقق النصر بأقل الخسائر في الأرواح؛ لأنه يحصل على ثقة جنوده، وبذلك سيتبعونه عن إيمان ، وثقة راسخة".

ويقول الشيخ تقي الدين النبهاني، مبيناً مكانة الجنود في الدولة، وضرورة المحافظة عليهم: "يجب على الخليفة أن يقدر مكانة العسكريين العالية في الدولة. سواء من حيث الدفاع عن البلاد، أو من حيث بدء الكفار بالقتال. ولذلك يجب عليه، وعلى الأمة كلها المحافظة على القوة العسكرية، كما يحافظ الفرد على حبة عينه".

هذا، وبدهي أنه لا يراد بالمحافظة على أرواح الجنود، أو القوات العسكرية هو إبعادها عن خوض الحروب على الإطلاق، حتى لا تتعرض لأي خطر.. وإنما المراد هو عدم اللجوء إلى الحرب إلا على ضوء الأمور التالية :

أولاً : أن يكون لا مناص من خوض الحرب تبعاً لأسباب إعلان الجهاد في الإسلام، على النحو الذي سبق تفصيله.

ثانياً : أن يكون القرار بخوض الحرب - بعد إعداد القوة التي ترهب العدو ما أمكن ذلك - كما قال تعالى : "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم" إذ، مع إعداد هذه القوة الرهيبة - يكون العدو بين خيارين وكلاهما يحقق للجيش الإسلامي المحافظة على أرواح مقاليه - ما أمكن –

- إما خيار الحرب، بعد أن تكون الرهبة من القوة الإسلامية قد فعلت فعلها في نفوس العدو، فیندحر بأقل الخسائر.

- وإما خيار المفاوضات السلمية، والاستجابة - في النهاية - لمطالب المسلمين، بما فيه مصلحة الدعوة الإسلامية ، ومصلحة الإنسانية جمعاء. وبذلك تتم المحافظة على أرواح المقاتلين.

ثالثاً : عدم تعريض المسلمين للمغامرات التي لا تعود على المسلمين بكبير فائدة.

رابعاً : أن لا يكون الإقدام على الحرب، لتمهيد الطريق أمام الدعوة، إلا بعد تقدير الظفر فيها.

يقول الإمام الشافعي - فيما يجب على إمام المسلمين – في هذا الخصوص، ما نصه: "وجب عليه أن يدخل المسلمين بلاد المشركين، في الأوقات التي لا يغرر بالمسلمين فيها، ويرجو أن ينال الظفر من العدو". ومن أجل هذا الغرض، أيضاً، أي: غرض المحافظة على أرواح الجنود - کان (عمر بن الخطاب)، "يكتب إلى عماله: لا تستعملوا البراء بن مالك على جيش من جيوش المسلمين". وذلك لأنه كان شديد الجراءة يقتحم في المهالك، فإذا وضعت القيادة في يده - ربما حمل الجيش على عمليات لا يمكنه النجاح فيها، ولا النجاة منها.

وكان (عمر بن الخطاب) لشدة حرصه على أرواح جنوده، يقول : "والذي نفسي بيده ؛ ما يسرني أن تفتحوا مدينة فيها أربعة آلاف مقاتل بتضييع رجل مسلم!".

ولا عجب أن يحرص عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أرواح جنوده، وهو غرسة من غراس النبوة في هذا المجال، وفي كل مجال حميد.. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بادي الحرص على جنوده من أي أذى يتعرضون له من قبل العدو.. ومما يذكر في هذا، ما جاء في صحيح مسلم، من أخبار غزوة الخندق أن فتى كان "يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار، فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يوماً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذ عليك سلاحك؛ فإني أخشى عليك قريظة)..

هذا، ما يتعلق بالمحافظة على أرواح المقاتلين في الجيش الإسلامي. اهـ. (6)

- التعرض للشهادة وطلبها

مما لا شك فيه أن الشهيد منزلته عظيمة عند الله، والقرآن الكريم قد نوه وأشاد بمنزلتهم، والنبي صلى الله عليه وسلم أفاض في أحاديث كثيرة بما أعد الله لهم بل إنه صلى الله عليه وسلم تمنى أن يغزو مرارا فيقتل.

وقد وضع الفقهاء شروطا وضوابط لجواز التعرض للشهادة وطلبها، وزانوا الأمر بالموازين الدقيقة التي تحقق المقصد من ورائها بما يعود بالنفع للأمة، ومن ذلك مسألة حمل الفرد على العدد الكثير من الأعداء، قال ابن حجر في الفتح: وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته وظنه أنه يرهب العدو بذلك أو يجرئ المسلمين عليهم أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن، ومتى كان مجرد تهور فممنوع ولا سيما إن ترتب على ذلك وهن في المسلمين. والله أعلم. اهـ (7)

وجاء في شرح السير الكبير للسرخسي: لا بأس بأن يحمل الرجل وحده وإن ظن أنه يقتل إذا كان يرى أنه يصنع شيئا يقتل أو يجرح أو يهزم. فقد فعل ذلك جماعة من الصحابة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد ومدحهم على ذلك.... فأما إذا كان يعلم أنه لا ينكي فيهم فإنه لا يحل له أن يحمل عليهم. لأنه لا يحصل بحملته شيء مما يرجع إلى إعزاز الدين، ولكنه يقتل فقط. وقد قال الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29] اهـ. (8) فالشرط إذن غلبة الظن بإيقاع النكاية في الأعداء وترهيبهم والتأثير بهم.

وذكر القرطبي في تفسيره: اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده، فقال القاسم بن مخيمرة والقاسم بن محمد وعبد الملك من علمائنا: لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة، وكان لله بنية خالصة، فإن لم تكن فيه قوة فذلك من التهلكة.... وقال ابن خويز منداد: فأما أن يحمل الرجل على مائة أو على جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج فلذلك حالتان: إن علم وغلب على ظنه أن سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أن يقتل ولكن سينكي نكاية أو سيبلي أو يؤثر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز أيضا. وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمد رجل منهم فصنع فيلا من طين وأنَّس به فرسه حتى ألفه، فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل فحمل على الفيل الذي كان يقدمها فقيل له: إنه قاتلك. فقال: لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين.... ثم استدل القرطبي بفعل البراء بن مالك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة، فقال: ضعوني في الحجفة وألقوني إليهم، ففعلوا وقاتلهم وحده وفتح الباب. .... وقال محمد بن الحسن: لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده، لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه، لأنه عرض نفسه للتلف في غير منفعة للمسلمين. فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه فلا يبعد جوازه، ولأن فيه منفعة للمسلمين على بعض الوجوه. وإن كان قصده إرهاب العدو وليعلم صلابة المسلمين في الدين فلا يبعد جوازه. وإذا كان فيه نفع للمسلمين فتلفت نفسه لإعزاز دين الله وتوهين الكفر فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله:" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم" [التوبة: 111] الآية انتهى من تفسير القرطبي بتصرف. (9)

وفي طبقات الشافعية .. قال العز بن عبد السلام: والمخاطرة بالنفوس مشروعة في إعزاز الدين، ولذلك يجوز للبطل من المسلمين أن ينغمر في صفوف المشركين، ومن قال بأن التغرير بالنفوس لا يجوز فقد بعد عن الحق، ونأى عن الصواب.

وعلى الجملة .. فمن آثر الله على نفسه آثره الله. اهـ. (10)

وهذا كما أسلفنا في بشرط إيقاع النكاية وإضعاف شوكة الكفار لتكون كلمة الله هي العليا.

إذن هناك غايات ومقاصد جليلة من وراء استحباب أو وجوب التعرض للشهادة تزان بالموازين الشرعية.

وقد ترد شبهة في هذا المجال عن صاحب التمرات ففيما روى مسلم عن أنس بن مالك ... قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ»، قَالَ: - يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: - يَا رَسُولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟» قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: «فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا»، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. (11)

والذي يدحض هذه الشبهة أن الموقف والمجال كان موقف ومجال إقدام وإظهار للبطولة وإرهاب للعدو، وبتحفيز وتحريض من الرسول القائد صلى الله عليه وسلم.

فالحذر الحذر من التهور والتعجل في طلب الشهادة دون ثمرة تُرتجى أو مبالاة بتحقيق الغايات الشريفة من ورائها .. فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير .. وأقيمو الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان.

ختاما: لا يخطرن ببال أحد مما ذكرنا التهوين من منزلة الشهادة ومكانة الشهداء العالية عند الله، أو الغض ممن بذلوا أرواحهم في سبيل الله، بل الغاية والغرض تبيان اللبس الذي قد يقع في بعض الأذهان أن طلب الشهادة هو الأصل؛ بل المقصد الأسمى والأصل الأصيل من رسالة السماء هو العيش والمجاهدة لتحقيق عبادة الله وتحكيم منهجه وشريعته في الأرض سواء تحقق ذلك بالشهادة في سبيل الله عندما يتطلب الأمر، أو العيش في سبيل الله‘ فكلاهما مطلوب، والظرف هو الذي يحكم أيهما أرجح في وقته، والقتال لم يفرضه الله إلا بقدر الحاجة إليه.. الأمر الذي يستدعي جهوزية الأمة في كل وقت وظرف وحين للدفاع عن دين الله تعالى، وألا تكون الغاية هي الموت فحسب دون تحقيق الغايات المنشودة.

(1) موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان. ج 5 باب الستر على المسلمين والغض عن عوراتهم قال شعيب الأرنؤوط وحسين أسد: سنده قوي.

(2) موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ج 2 باب عيادة المريض . قال شعيب الأرنؤوط وابن حجر: حسن

3- الفوائد لابن القيم

4- رجال المعلقات العشر لمصطفى الغلاييني

5 - قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام ج 1 فصل في بيان رتب المصالح

6 - الجهاد والقتال في السياسة الشرعية ج 2 ص 1125

7- فتح الباري لابن حجر ج 8 باب قوله وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

8- شرح السير الكبير - محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي ج 1 باب من يحل له الخمس والصدقة

9 – تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن ج 2

10 - طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي ج 8

11- صحيح مسلم ج 3 باب ثبوت الجنة للشهيد

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين