ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا

الشيخ : أحمد النعسان


يا أيها الإخوة الكرام: لقد خرجنا من شهر رمضان المبارك, الذي وصفه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بأنه شهر عظيم مبارك, خرجنا من هذا الشهر وقد عرفنا بأن عظمة وبركة هذا الشهر ليست ذاتية فيه, بل جاءت عظمته وبركته من القرآن العظيم المبارك, كما قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيم}. وقال تعالى: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيم * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُون}. فالقرآن عظيم, ومباركٌ كذلك, قال تعالى: {وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُون}. وقال تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُون}.


فالبركةُ والعظمةُ في شهر رمضان جاءت ببركة القرآن العظيم المبارك, الذي جعل حبيبنا سيدنا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عظيماً مباركاً, لأنه نزل على قلبه الشريف, قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِين * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِين}.


عظمةُ هذه الأمة بالقرآن العظيم:
أيها الإخوة الكرام: لقد شاء ربنا عز وجل أن يشرِّفنا وأن يكرمنا بأن نكون حملة للقرآن العظيم المبارك, قال تبارك وتعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِير * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِير}.


فنحن بفضل الله عز وجل ورثةٌ لسيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, ورثنا عنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم هذا القرآن الذي قام بتبليغه للأمة, امتثالاً لأمر الله تعالى القائل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين}. ولنسمع قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعد ذلك: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً) رواه البخاري عن عبد الله بن عمر بن العاص.


ولينظر كل واحد منا في نفسه من أي صنف هو من هذه الأصناف الثلاثة, هل هو ظالم لنفسه في حق هذا الكتاب الذي ورثه فلم يعمل به كما ينبغي أن يُعمل به؟
هذا الصنف ظالم لنفسه لأنه لم يعمل بالكتاب ولم يبلغ آيةً من الكتاب, ولم يتدبر آيات الكتاب, ظالم لنفسه لأنه حَرَمَ نفسه من الجزاء الوفير في حق تلاوته, وفي حق مدارسته, وفي حق تبليغه, وفي حق العمل به.


ماذا خَسِرَ الظالم لنفسه؟
أيها الإخوة الكرام: الظالم لنفسه خَسِرَ خسارةً كبرى بعد هذا الاصطفاء الذي أكرمه الله عز وجل به, لقد خَسِرَ أولاً: أجر التلاوة حيث يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (منْ قرأَ حرْفاً مِنْ كتاب اللَّهِ فلَهُ حسنَةٌ، والحسنَةُ بِعشرِ أَمثَالِهَا لا أَقول: الم حَرفٌ، وَلكِن: أَلِفٌ حرْفٌ، ولامٌ حرْفٌ، ومِيَمٌ حرْفٌ) رواه الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه.


ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (الْمَاهِرُ فِي الْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ يَتَتَعْتَعُ فِيهِ لَهُ أَجْرَانِ اثْنَانِ) رواه الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها.
ثانياً: خَسِرَ هذا الظالم لنفسه أجر مدارسة هذا القرآن, حيث يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ) رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ثالثاً: خَسِرَ هذا الظالم لنفسه الخيرية التي بَشَّر بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم المتعلم والمعلم للقرآن العظيم بقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) رواه الإمام أحمد عن عثمان رضي الله عنه.
رابعاً: خَسِرَ هذا الظالم لنفسه أجر العمل به في الحياة الدنيا والآخرة, حيث يقول الله تبارك وتعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون}.
أيها الإخوة الكرام: من سعادة العبد المؤمن الوارث لهذا الكتاب أن لا يكون من هذا القسم ـ الظالم لنفسه ـ من سعادته أن يكون من المقتصدين إن لم يكن من السابقين بالخيرات, والمقتصد هو الذي خلط عملاً صالحاً بآخر سيء, اللهم اجعلنا من السابقين.
وعلى كل حال قوله تبارك وتعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}. فيه بشارةٌ لهذه الأمة بأصنافه الثلاثة الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات بإذن الله, فالظالم لنفسه منهم هو من المصطفين لأنه قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله, فالله تبارك وتعالى وصف هذه الأصناف الثلاثة بالاصطفاء والعبودية له تبارك وتعالى.
المقتصد هو من تساوت حسناته مع سيئاته:
أيها الإخوة الكرام: عرفنا بأنَّ الظالم لنفسه قد خَسِرَ كثيراً, أما المقتصد الذي تساوت حسناته مع سيئاته, وخلط عملاً صالحاً بآخر سيء هذا إلى رحمة الله تعالى أقرب, كما قال تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}.
يقول النُحاة: إن كلمة (عسى) تدل على الرجاء, وهي على خلاف (ليت) التي وضعت للتمني, فالتمني يكون لشيء بعيد المنال أو مستحيل الحدوث, فهي كلمة لمجرد إظهار المحبوبية للشيء المُتمنى فقط ولا تدل على الرجاء, كما قال الشاعر:
ألا ليت الشبابَ يعود يوماً     ***     فأخبره بما فعل المشيب.
أما كلمة عسى تفيد الرجاء, إلا أنها على درجات بعضها أوثق من بعض, فمثلاً الرجاء إن كان من بشرٍ مثلنا كأن تقول: عسى فلان أن يعطيك, فهذا الرجاء له درجة, ولكن إن قلت: عسى أن أعطيك, فهي أقوى من الأولى, والأعلى من هذه إن قلت عسى الله أن يعطيك فهي أوثق من الأولى والثانية, والأوثق من الكل أن يكون القائل هو الله تعالى: {عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}. فهنا للرجاء المحقق, ولذلك قال بعض  العلماء: هذه الآية من أرجى الآيات التي ينتظرها المقتصد الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً.
السابق بالخيرات:
أيها الإخوة الكرام: أما السابق بالخيرات ـ نسال الله تعالى أن يجعلنا منهم ـ هو الذي يعمل الأمر ويأتي به على أكمل وجه, ويزيد من جنسه, ويتنافس مع الآخرين كما قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون}.
هذا القسم ما اقتصر على الفرائض بل زاد عليها بالتزامه بالنوافل التي هي منجنس ما فرضه الله تعالى, كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُون * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِين * كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم}. وكما قال تعالى في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: إِنَّ اللَّه تعالى قال: (مَنْ عادَى ليَ ولِيّاً ، فقدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ ، ومَا تَقَرَّبَ إِليَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإذَا أَحْببْتُهُ ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، ويَدَهُ الَّتي يبْطِشُ بِهَا ، وَرجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بِها وإنْ سَأَلَني أَعْطَيْتُهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ) رواه البخاري.
هذا الحديث الشريف هو حديث الولاية, حيث قسَّم الله تعالى فيه المؤمنين إلى قسمين: مقتصد, وسابق بالخيرات, فالمقتصد هو الذي حافظ على الفرائض, والسابق بالخيرات هو الذي يتقرب إلى الله تعالى بالنوافل.
فهذا الحديثُ القدسي وقولهُ تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِير}. بشرى لنا, لأننا نَعـُدَّ أنفسنا من الظالمين لأنفسهم, حيث أن الجميع في الجنة, كما قال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِير}.
وروى الحاكم عن عقبة بن صهبان الحراني ، قال : قلت لعائشة رضي الله عنها: (يا أم المؤمنين، أرأيت قول الله عز وجل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِير}.  فقالت عائشة رضي الله عنها: أما السابق فمن مضى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد له بالحياة والرزق، وأما المقتصد فمن اتبع آثارهم فعمل بأعمالهم حتى يلحق بهم، وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلك ومن اتبعنا وكلٌ في الجنة).
والمقصود من قول أمنا الصديقة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سموات حبيبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم: (أما السابق فمن مضى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد له بالحياة والرزق). تعني بذلك الشهداء, الذين قال فيهم مولانا عز وجل: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون}.
فالسابقون عند أمنا رضي الله عنها هم الذين قال فيهم مولانا عز وجل: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ}. وهم على هذا العهد, {وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}. هم المقتصدون.
أما قولها رضي الله عنها: (وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلك ومن اتبعنا وكلٌ في الجنة). هو من أخلاقها الحميدة, وهو من تواضعها, وهو من شدة خشيتها من الله تعالى كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُون}. وصدق الله القائل:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُور}.
ورحم الله من قال:
على قدر علم المرء يعظم خوفه   ***   فما عـالم إلا من الله خائــف
فآمـن مكــر الله بالله جاهــل   ***   وخائف مكر الله بالله عارف.
ونحن إذا لم تكن عندنا هذه الخشية فالسبب فيها هو جهلنا بالله تعالى وعدم معرفتنا به, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:
ختاماً أيها الإخوة الكرام, القرآن عظيم مبارك, عندما نزل في شهر رمضان المبارك جعله عظيماً مباركاً, وعندما نزل دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلةٍ صارت تلك الليلة ليلة القدر وصارت خيراً من ألف شهر, وصار أجر العابد فيها مضاعفاً إلى أن صار القائم المحتسب فيها مغفور الذنب.
وعندما نزل على قلب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم جعله عظيماً مباركاً, وعندما ورثته أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صارت خير الأمم ببركة هذا القرآن العظيم المبارك.
فلننظر إلى أنفسنا نحن من أي الأصناف الثلاثة, هل من الظالمين لأنفسهم, أم من المقتصدين, أم من السابقين بالخيرات؟
ولا يقولن قائل:الأمر لا يهم من أي الأصناف كنت لأن جميع هذه الأصناف من المصطفين وأن مآلهم إلى جنات عدن, لأن الفارق كبير بين من لا يدخل النار أبداً وإن دخلها تحلةً للقسم كما قال تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا}. فإن النار تقول له كما جاء في الحديث الذي رواه الطبراني عَنْ يَعْلِي بن مُنْيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُزْ يَا مُؤْمِنُ فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي). وبين من لا يخلد في النار ببركة الشهادتين وببركة القرآن العظيم حيث كان من هذه الأمة التي اصطفاها لحمل رسالة القرآن العظيم.
أيها الإخوة: ليكن حظنا وافراً من القرآن العظيم تلاوة وتدبراً وتعلماً وتعليماً وعملاً. اللهم اجعلنا كذلك آمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين