درعه مرهونة عند يهودي!!

كلما سمعت هذه الرواية، يتبادر إلى الذهن عدة أسئلة:

- هل جار رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي، وأين مكان هذا الجار؟

- من هو هذا الرجل؟

- أين مياسير الصحابة وأين أموالهم ؟؟ وكيف يحتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا القرض؟

-كيف يرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحه من أجل طعام؟

- لماذا احتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطعام؟

سأبدأ بها نقطة نقطة:

الأمر الأول:

الحديث في الصحيحن، وهذه رواياته بشكل مختصر:

_عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ ، بِثَلاَثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. البخاري.

وفي رواية أخرى للبخاري: عَن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِنَسِيئَةٍ ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ

- وكذا في رواية مسلم: اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.

هل هو جار رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عدد الروايات التي وقفت عليها في الصحيحين 12 رواية، وليس فيها أنه جاره.

وهذا يتفق مع وصف المؤرخين لبيوت الصحابة حول المسجد النبوي في عهده صلى الله عليه وسلم، فيعلمون، ويعددون منازل الصحابة حول المسجد النبوي وتحديد أماكنها بشكل دقيق.

وعلى كل ليست هذه هي القضية، ولكنها سؤال من الأسئلة.

السؤال الثاني: من هو هذا الرجل؟ وأين مكانه؟

قال الحافظ في الفتح:

بينه الشافعي ثم البيهقي من طريق جعفر ابن محمد عن أبيه أن النبي رهن درعاً له عند أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر في شعير. 

وأبو الشحم اسمه كنيته، وظفر الهمزة وكسر الموحدة اسم فاعل من الإباء.اهـ.

وموطن قبيلة بني ظفر ليس بعيدا عن المسجد النبوي، وسأذكر في نهاية النص موقع هذه القبيلة، ويقع شرقي البقيع، وهو مكان معلوم، ومعنى أنه من قبيلة بني ظفر يبين أنه من الأوس الذين تهودوا، وبنو ظفر من بطون الأوس.

السؤال الثالث: - أين مياسير الصحابة وأين أموالهم ؟؟ وكيف يحتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا القرض؟

قال الحافظ في الفتح: قال العلماء: الحكمة في عدوله عن معاملة مياسير الصحابة إلى معاملة اليهود، إما لبيان الجواز، أو لأنهم لم يكن عندهم إذ ذاك طعام فاضل عن حاجة من عندهم، أو خشي أنهم لا يأخذون ثمناً أو عوضاً فلم يرد التضييق عليهم، فإنه لا يبعد أن يكون فيهم إذ ذاك من يقدر منه على ذلك أو أكثر منه، فلعله لم يطلعهم على ذلك وإنما طلع عليه من لم يكن موسراً به ممن نقل ذلك اهـ

والسبب الثاني بينه ابن قتيبة، وهو أوجه: إنَّما رهنَ صلى الله عليه وسلم درعَه عند يهودي لأنَّ اليهود في عصره كانوا يبيعون الطَّعام، ولم يكن المسلمون يبيعونه.

السؤال الرابع: -كيف يرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحه من أجل طعام؟

ان الدرع سلعة تجارية، ويوضح ذلك عدة روايات :

البخاريُّ : عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حُنين، فأعطاني درعاً، فبعتُ الدِّرع، فابتعتُ به مخرفاً في بني سلمة، فإنه لأول مالٍ تأثَّلته في الإسلام.

- أبو داود والنَّسائي من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: لما تزوَّج عليٌّ فاطمة رضي الله عنهما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطها شيئاً»، قال: ما عندي، قال: «فأين درعك الحَطميَّة».

وكانت قيمة الطعام دينارا، وقيمة الدرع أكثر من ذلك بكثير، كما ورد في عدة روايات، ولولا خشية الإطالة لذكرتها.

السؤال الخامس: - لماذا احتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطعام؟

ضيف نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يكرمه، كما روى الطبراني في الكبير وغيره:

عن أبي رافع، قَالَ : أَضَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَيْفًا ، فَلَمْ يَلْقَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُصْلِحُهُ ، فَأَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ يَقُولُ لَكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَسْلَفَنِي دَقِيقًا إِلَى هِلَالِ رَجَبٍ قَالَ : لَا إِلَّا بِرَهْنٍ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : أَمْ وَاللَّهِ ، إِنِّي لَأَمِينٌ فِي السَّمَاءِ أَمِينٌ فِي الْأَرْضِ ، وَلَوْ أَسْلَفَنِي ، أَوْ بَاعَنِي لَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ.

وهذا موقع قبيلة بني ظفر في المدينة المنورة هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين