وإذا أراد الله نشر فضيلة

لا شك أن المسلم يأسى ويتألم حين يجد خنازير الغرب يجترئون على الإسلام وعلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، ويحاول جاهداً ما استطاع أن يرد بعفوية – ابتداء – وبتخطيط ثانياً على تخرصات هؤلاء الذين لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة ، ويفتئتون على الإسلام ونبيه بما ينبي عن كرههم القديم الحديث للمسلمين .

وهم منذ القديم يسعون إلى النيل من مقدساتنا ، ولا يهنأ لهم عيش إلا إذا وصلوا إلى مأربهم الذي يخططون له في حرف المسلمين عن دينهم ، ولا يرضون إلا ذاك الهدف : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم .." .

وحال المسلمين الضعيف الذي لا يسر صديقاً ، إنما يفرح العدو الداخلي والخارجي .. هذا الحال المزري في كثير من الأحيان لا يسعف المسلم المتحرق إلى نشر الدعوة بله الدفاع عنها ، فيقدم ما استطاع – على قلته – ويدعو الله تعالى أن ينصر دينه ..

ولأن الله تعالى تكفل بنصر هذا الدين " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " – وفي هذه الآية الكريمة أحد عشر تأكيداً ، وكلام الله لا يحتاج تأكيداً فهو الرب الذي صدق وعده - .. ولأن الله تعالى تكفل بنصر دينه جعل من سهام الأعداء المسمومة بلسماً ، ومن سواد قلوبهم دفعاً لنور يعم الأرض خيراً ونفعاً .. فما الذي حدث وما زال يتفاعل في بلاد الغرب تلك البلاد التي خرجت منها الإساءات للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟

صار الناس في الغرب يتساءلون بدهشة كبيرة

1- لم تلك المظاهرات الضخمة التي عمت بلاد المسلمين تندد بالرسوم المسيئة لرجل توفي منذ أربعة عشر قرناً ؟

2- وما الذي فعله ذلك الرجل فملأ حبه قلوب مئات الملايين منهم ؟

3- وما الذي يجعلهم يعظمونه ويفدونه بأرواحهم ، ويقدمونه على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم وزوجاتهم؟

وينطلق المنصفون منهم وعوامهم ومثقفوهم يبحثون في سيرة هذا الرجل ، يريدون أن يتعرفوه عن كثب ، يريدون الوقوف على الأسباب التي جعلت هذه الملايين تتعلق قلوبهم به وأفئدتهم بحبه وعقولهم بتعاليمه،فيقرؤون سيرته العطرة وأحاديثه الشريفة والقرآن الذي نزل إليه من رب العالمين 

فإذا بالنتيجة المذهلة تنقلب على رؤوس من أراد أن يبعدهم عن الحق ويسيء إلى دين الحق ورسول الحق،فيدخل الكثير منهم هذا الدين ويعتنقه ، ويصير من أشد المؤمنين به والمدافعين عنه ,, آخر الإحصائيات تقول : إن عشرة آلاف في بروكسل عاصمة بلجيكا يدخلون الإسلام ، وأنه من المتوقع عام 2025 ميلادي أن يكون أكثر سكان بلجيكا من المسلمين ، وعلى هذا فإن الإسلام سيكون الدين الأول في ذلك البلد ، وأن خمسين ألفاً من سكان موسكو عاصمة الروس دخلوا الإسلام سنة 2006 للميلاد ، والخير قادم ، وأن في الشريعة الإسلامية الكثير من الحل لمشاكل الناس – كما أعلن كبير أساقفة التاج البريطاني الشهر الماضي فقامت القايمة عليه ولم تقعد - .. ومن قرأ الإحصائيات التي تنبئ عن زحف الإسلام إلى أوربا بثبات وقوة يجد صيحات الخوف التي يصدرها الحانقون عليه الكارهون له .

الإسلام دين حركي يقدم نفسه إلى الناس حين يضعف أتباعه . ألم يدخل التتار غزاة دمويين إلى بلاد المسلمين فاكتسحوها ، والمسلمون في ضعف شديد؟ والعجيب أنهم سرعان ما دخلوا في دين الله أفواجاً ، وأسسوا ممالك إسلامية رائعة كانت حجر الأساس في عودة المسلمين إلى القوة بعد ذلك. والإتراك الذين حاربوا الإسلام أسلموا ، وحسن إسلامهم ، وأسسوا الدولة العثمانية التي نشرت الإسلام ودافعت عنه أربعة قرون .. وحين دخل الإسلام أفريقيا كان الأفارقة الأصليون وقود الإسلام في القارة وأهله المدافعين عنه ...

وكثيراُ ما وقفت أمام حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليبلُغنّ هذا الدين ما بلغ الليلُ والنهار " فأقف عند كلمة " ليبلغن " وأقول : لِمَ استعمل الفعل " بلغ يبلغ " ولم يُستعمل الفعل " وصل يصل " فأرى أن بلغ يفيد التبليغ والاعتقاد والتمازج ، وهذا المعنى لا نجده في كلمة " وصل " وعلى هذا نفهم استعمال القرآن كلمة البلاغ حين يقول تعالى : " بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون " ويقول كذلك : " هذا بلاغ للناس ، ولينذروا به " كما أن مهمة النبي صلى الله عليه وسلم الإبلاغ لا الإيصال " ما على الرسول إلا البلاغ المبين " .

فإذا استنكف المسلمون عن البلاغ وضعفوا عن الدعوة فالله تعالى الكفيل بذلك ، وستكون إساءات الكفار للدين العظيم ونبيه الكريم الخطوة المناسبة لنشر نور الله الذي سيضيء الكون من جديد ، ورحم الله من قال :

وإذا أراد الله نشــر فضيلـة=طويت أتاح لها لســان حسود

لولا اشتعال النار فيما جاورت=ما كان يُعرف طيبُ عَرف العود

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين