تقريب الظلال: سورة الملك

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وسلم تسليما كثيرًا، أما بعد؛ فهذا تقريب سورة الملك من تفسير: (في ظلال القرآن) لسيد قطب.

هذه السورة سورة ضخمة، سورة أكبر من حجمها وحيزها، وعدد آياتها، كأنما هي سهام تشير إلى بعيد، ويكاد كل سهم يستقلُّ بكشف عالَم جديد، تثير السورة حركةً في الحياة والأحياء، وحركةً في التفكير والشعور والحواس، تعالج إنشاء تصورٍ جديد للوجود وعلاقته بخالقه، تصورٍ شامل يتجاوز عالم الأرض الضيق المحدود، إلى عوالم وخلائق أخرى غير الإنسان، إلى عالم الجن والطير في الدنيا، وإلى جهنم وخزنتها في الآخرة، وتريد من وراء ذلك أن تعلَقَ قلوبُ الناس ومشاعرُهم بذلك العالَم، كي لا تستغرق في الحياة الظاهرة في هذه الأرض، ثم تحمل السورة تلك القلوب وأربابَها على التأمل فيما بين أيديهم، وفي واقعهم مما يمرون به غافلين؛ لتنفضَ عن تصورهم للكون غبارَ الجاهلية وركودَها، وتطلق عقولهم وحواسَّهم ترتادُ آفاق هذا الكون، تتأمل وتفكر، وترى يد الله التي أبدعته؛ فتدرك أن الأمر أكبر، وأن المجال أوسع، بعد أن تحولت من الأرض إلى السماء، ومن الظواهر إلى الحقائق، ومن الجمود إلى الحركة.

تبعث السورة حركةَ التأمل فيما وراء الموت والحياة من قدر الله وتدبيره فيهما، وتبعث حركة التأمل أخرى في كمال خلق السماء وجماله، وتكشف الستارَ عن العالم الآخر، الحافلِ بالحركة، الكامنِ وراء هذه الحياة الدنيا، عالمَ الشياطين والكفار إذ يلقون في جهنم فوجًا فوجًا، ثم تشدُّ القلوب والأبصار إلى عالم الغيب وما يحتويه، وإلى قدرة الله التي تفعل ما تشاء حين تشاء، وتهزُّ في حسهم الأرض التي يطمئنون عليها، وتمسك السورة قلوبهم لتتدبر، وأبصارهم لتنظر إلى إعجاز الله في خلق الطير، الذي لا يرون فيه معجزة، ثم تهزهم إلى جبروت الله وقهره، الذي لا يحسبون حسابه، وبينما هم يتنافسون على الرزق، ويرون أنه غِلاب في الدنيا؛ تمدُّ السورة أبصارهم إلى السماء، وراء الأسباب المعلومة لهم فيه، ثم ترسم صورةً متحركةً موحيةً لحال الكافرين وحال المهتدين في الآخرة ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، وتصور للكافرين البعث الذي يكذبون به؛ تصوره واقعًا مفاجئًا قريبًا، يسوؤهم أن يكون، وبينما هم يتربصون بالنبي ﷺ الهلاك ليستريحوا من الصوت الذي يقض مضاجعهم بالتذكير؛ تذكرهم السورة بأن هلاك هذه الحفنة المؤمنة، أو بقاءَها لا يؤثر فيما ينتظرهم من عذاب؛ فأولى لهم أن يتدبروا قبل مجيء العذاب؛ فالسورة بهذا كله حركةٌ في الحواس، والتفكير، والشعور، ومحورها الذي تُشد إليه تلك الحركة هو مطلعها الجامع: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، فكل حقائق السورة وموضوعاتِـها، وكل صورها وإيحاءاتِـها مستمدةٌ من إيحاء ذلك المطلع، ومدلوله الشامل، متتاليةً متدفقةً بلا توقف؛ مما يصعب معه تقسيم السورة إلى مقاطع، ويحسن عرضها بالتفصيل. 

﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الملك: 1]، تتجاوب مع هذه الترنيمة أرجاءُ الوجود، ويعمر بها قلبُ كل موجود، توحي بزيادة بركة الله ومضاعفتها، وتمجيد هذه البركة الرابية الفائضة، وحين تستقر في الضمير حقيقةُ أن الله هو المالك المهين؛ تحمله إلى التوجه والاعتماد على من بيده البركة والملك، والقدرة المطلقة ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وهذه الحقيقة الأخرى -قدرة الله المطلقة- تطلق ضمير البشر إلى أن قدرة الله تعالى وراء كل ما يخطر على بالهم من قيود، أو حدود في مألوف حياتهم الحاضرة، وتجعلهم يتوقعون من قدرته كل شيء، بلا حدود، ولا قيود.

﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك: 2]، إن من آثار ملك الله المطلق، وقدرته على كل شيء؛ أن خلق الموت والحياة، الموت السابق على الحياة، والموت اللاحق لها، والحياة الأولى، والحياة الآخرة، وهي حقيقة تثير في ضمير الخلق التَّيقُظ لما وراء خلقهما من قصد وابتلاء ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾، وهي حقيقة تدع الضمير يقظًا حذرًا، متلفتًا لكل صغيرة وكبيرة في نيَّته وعمله، والله لا يريد من وراء ذلك أن يطارد عباده، أو يُعنتَهم؛ وإنما يريد لهم أن يتيقظوا لغاية وجودهم، ويرتفعوا لمستوى تلك الغاية.

ثم يربط تلك الحقيقة بالكون كله، وبالجزاء في الآخرة فيقول: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)﴾ [الملك: 3 - 11]، يكفي أن نعرف أن السماوات التي فوقنا سبعُ سماوات، وأنها طبقات على أبعاد متفاوتة، يوجه القرآن النظر إليها، ويتحدى بكمال خلقها الأبصار أن ترى فيها نقصًا أو اضطرابًا، بل إنها تُردُّ بعد إعادة النظر عاجزةً مبهورةً مدهوشةً ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾، هل ترى من شق، أو صدع، أو خلل ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ فربما فاتك شيء في النظرة السابقة لم تتبينه، فأعد النظر ثم أعده ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ﴾، يريد القرآن من وراء أسلوب التحدي هذا أن يثير في النفس البشرية نظرة التأمل والتدبر الفاحصة في هذا الكون العجيب؛ ذلك أن بلادة الألفة تذهب بروعته وجماله، وإدراك روعة الكون وجماله لا تحتاج إلى مزيد علم، بل لقد أودع الله في النفس البشرية القدرة على إدراك ذلك بمجرد النظر والتأمل في هذا الكون.

إن الجمال في تصميم هذا الكون مقصود كالكمال، ولذا لفت القرآن النظر إلى جمال الكون؛ بعد أن تحدى بكماله فقال: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ يوجه القرآن النفس إلى جمال السماء، وإلى جمال الكون كله؛ لأن إدراكَ جمال الوجود أقربُ وأصدق وسيلة لإدراك جمال خالق الوجود؛ فمشهد النجوم في السماء جميل، ما في هذا شك، جميل جمالًا يأخذ بالقلوب، وهو جمال متجدد، تتعدد ألوانه بتعدد أوقاته، ويختلف من صباح إلى مساء، ومن شروق إلى غروب، ومن الليلة القمراء إلى الليلة الظلماء، ومن مشهد الصفاء إلى مشهد الضباب والسحاب، بل إنه ليختلف من ساعة لساعة، ومن مرصد لمرصد، ومن زاوية لزاوية، وكله جمال، يملك الإنسان أن يعيشه ويتملاه، ولكن لا يجد له وصفًا فيما يملك من الألفاظ والعبارات!

وللمصابيح على جمالها وظائف أخرى ﴿وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾ في صورة شهب، كما جاء في سورة أخرى: ﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ﴾ كيف؟ من أي حجم؟ في أية صورة؟ كل ذلك لم يقل لنا الله عنه شيئًا، ولو علم الله أن هناك خيرًا في الزيادة، أو الإيضاح، أو التفصيل لفصَّل سبحانه، بل ذكر بعده ما أعده لأولئك الشياطين من العذاب ﴿وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ وللعلاقة الملحوظة بين الشياطين والكافرين؛ ذكر ما أعده الله للكافرين فقال: ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾، ثم رسم مشهدًا لجهنم وهي تستقبل الذين كفروا في غيظ، وحنق شديد: ﴿إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ جهنم هنا مخلوقة حية، تكظم غيظها، فترتفع أنفاسها في شهيق، وتفور ويملأ جوانحها الغيظ؛ فتكاد تتمزق من الغيظ الكظيم، وهي تنطوي على بغض وكره، يبلغ حدَّ الغيظ والحنق على الكافرين، ومثل ذلك حال خزنتها مع الكافرين أيضًا، يأنبونهم ويرذلونهم إذا ما ألقوا فيها قائلين لهم: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾، وليس أمرَّ من الترذيل والتأنيب للضائق المكروب، ثم يأتي جوابهم في ذلة وانكسار، بعد التبجح والإنكار، واتهام الرسل بالضلال: ﴿قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)﴾ والذي يسمع أو يعقل لا يسارع باتهام الرسل بالضلال على هذا النحو المتبجح الوقح، الذي لا يستند في الإنكار إلى دليل؛ ولذا استحق أولئك المناكيد دعاء الله عليهم بالبُعد من رحمته؛ بعد أن اعترفوا بذنبهم ﴿فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ فصاروا أصحاب السعير، الملازمين له، ويا لها من صحبة، ويا له من مصير.

وبعد أن عرضت السورة صفحة الكافرين؛ عرضت في مقابلها صفحة المؤمنين؛ فقالت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)﴾ خشية الله الذي لم يروه، وخشيته في السر، حيث لا تطلع عليهم العيون؛ شعورٌ نظيف، وإدراكٌ بصير؛ يؤهلُ لهذا الجزاء العظيم: المغفرة والتكفير، والأجر الكبير، روى البزار عن أنس، قال: قالوا: يا رسول الله: إنا نكون عندك على حال، فإذا فارقناك كنا على غيره، قال: «كيف أنتم وربكم؟» قالوا: الله ربنا في السر والعلانية، قال: «ليس ذلكم النفاق»، فالصلة بالله هي الأصل، فمتى انعقدت في القلب فهو مؤمنٌ، صادق موصول، ويريد الله أن يقرَّ في ضمير المؤمن حقيقة أنه مكشوف لله تعالى في سره وجهره؛ لأن استقرارها فيه ينشئ له إدراكًا صحيحًا للأمور، ويقظة وحساسية وتقوى، تناط بها الأمانة التي يحملها في هذه الأرض، أمانة العقيدة، وأمانة العدالة، وأمانة التجرد لله في العمل والنية ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)﴾ إن البشر وهم يحاولون التخفي من الله بحركة، أو سر، أو نية في الضمير، يبدون مضحكين! فالضمير الذي يخفون فيه نواياهم إنما هو خلقُ الله، يعلم دروبه وخفاياه، فماذا يخفون؟ وأين يستخفون؟

ثم ينتقل بهم السياق من ذوات أنفسهم التي خلقها الله، إلى الأرض التي خلقها لهم فيقول: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)﴾ الناس لطول ألفتهم لحياتهم على هذه الأرض، وسهولة استقرارهم عليها، وسيرهم فيها، واستغلالهم لها؛ ينسون نعمة الله في تذليلها لهم وتسخيرها، والقرآن يذكرهم هذه النعمة الهائلة، ويبصرهم بها، في هذا التعبير الذي يدرك منه كل أحد، وكل جيل بقدر ما ينكشف له من علم هذه الأرض الذلول، والأرض الذلول كانت تعني في أذهان المخاطبين القدامى، هذه الأرض المذللة للسير فيها بالقدم وعلى الدابة، وبالفلك التي تمخر البحار، والمذللة للزرع والجني والحصاد، والمذللة للحياة فيها بما تحويه من هواء وماء، وتربة تصلح للزرع والإنبات؛ وهي مدلولات مجملة جاء العلم الحديث ففصلها تفصيلًا.

فالأرض هذه التي نراها ثابتة مستقرة ساكنة، هي دابَّةٌ متحركةٌ راكضة، وهي في الوقت ذاته ذلولٌ، لا تلقي براكبها عن ظهرها، ولا تتعثر خطاها، وهي دابة حلوب مثلما هي ذلول، وهذه الدابة التي نركبها تدور حول نفسها بسرعة ألف ميل في الساعة، ثم تدور مع هذا حول الشمس بسرعة حوالي خمسة وستين ألف ميل في الساعة، ثم تركض هي والشمس والمجموعة الشمسية كلها بمعدل عشرين ألف ميل في الساعة، ومع هذا الركض كله؛ يبقى الإنسان على ظهرها آمنًا مستريحًا، مطمئنًا معافىً، لا تتمزق أوصاله، ولا تتناثر أشلاؤه، بل لا يرتجُّ مخه، ولا يدوخ، ولا يقع مرة عن ظهر هذه الدابة الذلول! جعلها الله ذلولًا للبشر بأن جعل لها جاذبية تشدهم إليها في أثناء حركاتها الكبرى، وجعلها ذلولًا ببسط سطحها، وتكوين هذه التربة اللينة فوق سطحها، ولو كانت صخورًا صلدة؛ لتعذر السير فيها والإنبات، وجعلها ذلولًا بأن جعل الهواء المحيط بها محتويًا للعناصر التي تحتاج الحياة إليها.

يشير النص القرآني إلى هذه الحقائق وغيرها؛ ليعيها كل فرد، وكل جيل بالقدر الذي يطيق، وبالقدر الذي يبلغ إليه علمه وملاحظته؛ ليشعر بيد الله وهي تتولاه، وتتولى كل شيء حوله، وتذلل له الأرض، وتحفظه وتحفظها؛ فإذا ما استيقظ ضمير المؤمن لهذه الحقائق الهائلة؛ أذن له الخالق الرحمن الرحيم بالمشي في مناكبها، والأكل من رزقه فيها: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾، والمناكب: المرتفعات أو الجوانب، وإذا ما أذن له بالمشي في مناكبها؛ فقد أذن له بالمشي في سهولها، وبطاحها من باب أولى، ورزق الله أوسع وأشمل في مدلوله من المال الذي يجده أحدهم في يده، ليحصل به على حاجياته ومتاعه؛ إنما هو كل ما أودعه الله هذه الأرض، من أسباب الرزق ومكوناته.

وبينما الناس في أمان على ظهر الأرض الذلول؛ يهزُّ الله الأرض الساكنة تحت أقدامهم هزًا، ويرجها رجًا؛ فإذا هي تمور، ويثير الجوَّ من حولهم؛ فإذا هو حاصبٌ يضرب الوجوه والصدور؛ وذلك لينتبهوا من غفلة الأمان والقرار، ويمدوا أبصارهم إلى السماء، ويعلقوا قلوبهم بقدر الله: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)﴾، عند الزلازل والبراكين يعرف البشر الذين يعيشون على هذه الأرض الذلول كيف هي إذا تحولت إلى دابة غير ذلول، وكشفت عن الوحش الجامح الكامن في أعماقها، عندما تضطرب قليلًا، ويرتج كل شيء على ظهرها ويتحطم، وتقذف بالحمم وتفور؛ وإذا هم كالفئران الصغيرة، المحصورة في قفص الرعب، لا يملكون من أمرهم شيئًا، وكذلك هم ضعاف عاجزون أمام العواصف الجامحة الحاصبة، حينما تزأر؛ فتدمر وتخرب، وتأخذ في طريقها كلَّ شيء، في البر، أو البحر، أو الجو، يقف الإنسان أمامها صغيرًا هزيلًا حسيرًا، حتى يأخذ الله بزمامها؛ فتسلس وتلين، القرآن يذكر البشر بهذه الجمحات التي لا يملكون من أمرها شيئًا؛ حتى لا يخدعهم سكون الدابة الذلول، فينسون خالقها ومروضها ﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾.

بعد ذلك يضرب لهم القرآن الأمثلة من وقائع الغابرين المكذبين فيقول: ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ [الملك: 18] الأمان الذي ينكره الله على الناس هو الأمان الذي يوحي بالغفلة عن الله وقدرته وقدره، وليس هو الاطمئنان إلى الله ورعايته ورحمته، فهذا غير ذاك؛ لأن المؤمن يطمئن إلى ربه، ويرجو رحمته وفضله، ولكن هذا لا يقوده إلى الغفلة والنسيان، والانغمار في غمرة الأرض ومتاعها، إنما يدعوه إلى الحياء من الله، والحذر من غضبه، روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستجمعًا ضاحكًا حتى أرى منه لهواتِه؛ إنما كان يبتسم، وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رأى غيمًا، أو ريحًا؛ عرف ذلك في وجهه، قالت: يا رسول الله: إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا؛ رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفتُ في وجهك الكراهية؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا عائشة: ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب؟ قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب وقالوا، هذا عارض ممطرنا»، وهذا الإحساس اليقظ منه صلى الله عليه وآله وسلم لا ينافي الاطمئنان إلى رحمة الله، وتوقع فضله.

إن الحقيقة التي يريد القرآن للإنسان أن يعيها من وراء هذه الآيات؛ أنه قويٌّ بالقدر الذي وهبه الله له من القوة، عالمٌ بالقدر الذي أعطاه الله من العلم؛ ولكن هذا الكون الهائل زمامُه بيد خالقه، يسيره كما يشاء، بالقدر الذي يشاء، وحين ينسى الإنسان هذه الحقيقة، ويغتر وينخدع بما يقسم الله له من العلم، ومن القدرة على تسخير بعض قوى الكون؛ يصبح مخلوقًا مسيخًا، مقطوعًا عن العلم الحقيقي، الذي يرفع الروح إلى مصدرها الرفيع، ويخلد إلى الأرض في عزلة عن روح الوجود، بينما العالِـمُ المؤمن؛ يركعُ في مهرجان الوجود الجميل، ويتصل ببارئ الوجود الجليل، وهو متاعٌ لا يعرفه إلا من ذاق حلاوته؛ حين يكتبها الله له!

ثم ينتقل بهم السياق من لمسة التهديد والنذير، إلى لمسة التأمل والتفكير، في مشهد يرونه كثيرًا، ولا يتدبرونه إلا قليلًا ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ [الملك: 19] يشير القرآن بالنظر إلى هذا المشهد المثير ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا...﴾، مشهد الطير وهو يصف جناحيه ويفردهما، ثم يقبضهما ويضمهما، يسبح في الهواء سباحة في يسر وسهولة، ويأتي بحركات؛ يخيل إلى الناظر أحيانًا أنها حركات استعراضية؛ لجمال التحليق، والانقضاض، والارتفاع، وهذا المشهد مثارُ تفكر وتدبر في صنع الله البديع، وتلك الطير ﴿ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ﴾ إمساك الطير في الجو كإمساك الدواب على الأرض الطائرة في الفضاء، يد الرحمن تمسك بكل طائر، وبكل جناح، والطائر صافٌ جناحيه، أو قابضهما، وهو معلق في الفضاء؛ ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ سبحانه يرعى كل شيء في كل لحظة، رعاية الخبير البصير.

وبعد أن جال بهم جولة مع الطير السابح الآمن؛ عاد يلمس قلوبهم بلمسة الفزع من الخسف الحاصب فقال: ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ﴾ [الملك: 20] يسألهم في هذه اللمسة عن الذي ينصرهم، ويدفع عنهم بأس الله، من هو؟ ﴿إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ﴾، غرور يهيئ لهم أنهم في أمن، وفي حماية، وفي اطمئنان، وهم يتعرضون لغضب الرحمن، وبأس الرحمن، بلا شفاعة لهم من إيمان، ولا عمل يستنزل رحمة الرحمن، ثم تأتي لمسة أخرى في الرزق الذي يستمتعون به، وينسون مصدره، ولا يخشون ذهابه، ثم يلجُّون في التبجح والإعراض ﴿أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾ [الملك: 21] فمن يرزق البشر إن أمسك الله الماء، أو الهواء، أو أمسك العناصر الأولى التي منها ينشأ وجود الأشياء؟ إن رزق البشر كله معقود بإرادة الله تعالى، وهم فيه عِيالٌ على الله وحده، لا يستطيعون منه إلا ما يتفضل به عليهم سبحانه، ويقبح بهم بعد ذلك أن يتبجحوا، ويصعروا خدهم للرزاق العائل ﴿بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾ وهذا تصوير لحقيقة النفس التي تعرض عن عبادة الله وطاعته، وتنسى أنها من صنعه، وتعيش على فضله، وكانوا مع ذلك يتهمون النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالضلال، ويرون أنهم أهدى سبيلًا، كحال أمثالهم مع الدعاة إلى تعالى في كل زمان؛ فصور الله حالهم في مشهد حي فقال: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الملك: 22] فهم في ضلالهم يمشون في طريقهم يتعثرون على وجوههم، ولا يهتدون إلى خير، بينما السعيد المهتدي إلى الله؛ يمشي في طريق سوي، لا عوج فيه، ولا عثرات، ذلك مثل حياة الإيمان، جماعة تمشي مستقيمة الخطوات لهدف مرسوم، وحياة الكفران جماعة تمشي متعثرة الخطوات بلا هدف.

وعلى ذكر الهدى والضلال؛ يذكرهم الله بما وهبهم لهم من وسائل الهدى، وأدوات الإدراك، ثم لم ينتفعوا بها، ولم يكونوا من الشاكرين ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ﴾ [الملك: 23] الإنسان لم يوجد نفسه، وهذه حقيقة تلحُّ على العقل البشري، لا مفرَّ معها من الاعتراف بالخالق، والقرآن يذكر هذه الحقيقة؛ ليذكر بجانبها ما زود الله به الإنسان من وسائل المعرفة: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ﴾ وما قابل الإنسان به هذه النعمة، نعمة الإنشاء، ونعمة السمع، والأبصار، والأفئدة: ﴿قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ﴾ السمع والأبصار معجزتان كبيرتان، عُرف عنهما بعض خواصهما العجيبة، والأفئدة التي يعبر بها القرآن عن قوة الإدراك والمعرفة، معجزة أعجب وأغرب، لم يُعرف بعدُ عنها إلا القليل، وهي الخاصية التي صار بها الإنسان إنسانًا، واستخلف بها في الأرض، وحمل الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال، وعلى هذه الهبات الضخمة التي أعطيها الإنسان لينهض بتلك الأمانة الكبرى؛ فإنه لم يشكر ﴿قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ﴾ وهو أمر يثير الخجل والحياء، عند التذكير به، والله لم ينشئ البشر، ويمنحهم هذه الخصائص عبثًا وجزافًا لغير قصد؛ إنما هو الابتلاء، ثم الجزاء يوم الجزاء ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الملك: 24] الذرءُ: الإكثارُ والانتشار في الأرض، والحشرُ: الجمعُ بعد النشر والنثر، يريد القرآن أن يتذكر البشر وهم منتشرون في الأرض أن هناك غاية هم صائرون إليها، هي الجمع والحشر، وبعد ذلك يحكي القرآن شكَّ الكافرين في ذلك الحشر، وارتيابهم في موعده فيقول: ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ [الملك: 25] وكما أن هذا السؤال سؤال شاك مستريب؛ فإنه كذلك سؤال مماحك متعنت، إذا معرفة ميقات اليوم لا تقدم ولا تؤخر، فهو يوم جزاء بعد ابتلاء؛ والمهم أنه آتٍ، وأنهم محشورون فيه، مجازون بما عملوا في الدنيا، والمصلحةُ في إخفاء ميقاته عن الخلق، واختصاص ذلك بالله وحده؛ ولذا أرشد الله نبيَّه صلى الله عليه وآله وسلم أن يجيبهم فقال: ﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [الملك: 26] وظيفتي الإنذار، ومهمتي البيان، أما العلم فعند صاحب العلم، الواحد بلا شريك، وبينما هم يسألون في شك، ويُجابون في جزم؛ يخيل السياق القرآني كأن هذا اليوم الذي يسألون عنه قد جاء، والموعد الذي يشكون فيه قد حان ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ [الملك: 27] فقد رأوه قريبًا مواجهًا لهم، حاضرًا أمامهم دون توقع ودون تمهيد؛ فبدا على وجوههم الاستياء، ووجه إليهم التأنيب ﴿وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ هذا هو حاضرًا قريبًا، وهو الذي كنتم تدعون أنه لن يكون!

وأمام مشهد الحشر والجزاء؛ ينبههم الله إلى أن أمنيتهم في هلاك النبي ﷺ ومن معه من المؤمنين؛ لا تعصمهم من عاقبة الكفر؛ فأولى لهم أن يتدبروا أمرهم، قبل هذا الموعد الذي واجههم به كأنه واقع بهم ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ﴾ [الملك: 28] والقرآن لا يقول لهم: فمن يجيركم من عذاب أليم؟ ولا ينص على أنهم كافرون؛ إنما يلوح لهم بالعذاب الذي ينتظر الكافرين ﴿فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ﴾ وهو أسلوب في الدعوة حكيم، يخوفهم من ناحية، ويدع لهم فرصة للتراجع عن موقفهم من ناحية، فلو جابههم بأنهم كافرون، وأنه لا مفر لهم من العذاب الأليم؛ فربما أخذتهم العزة بالإثم أمام الاتهام المباشر والتهديد، ثم ترقَّى إلى تقرير موقف المؤمنين من ربهم، وثقتهم به، وتوكلهم عليه، وأنهم مطمئنون لإيمانهم، واثقون بهداهم، وبأن الكافرين في ضلال مبين ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [الملك: 29]، ولن يهلك الرحمنُ المؤمنين برسوله كما يتمنى الكافرون؛ لأن صلتهم بربهم الإيمان به ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، والتوكل عليه ﴿وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا﴾ وكأنما يقول الله لنبيِّه صلى الله عليه وآله وسلم: لا تخف مما يقوله الكفار، فأنت ومن معك موصولون بي، منتسبون إليّ، ثم يدعو الكافرين بأسلوب التهديد إلى مراجعة موقفهم؛ مخافة أن يكونوا هم الضالين، دون أن يجبههم بأنهم ضالون فعلًا؛ حتى لا تأخذهم العزة بالإثم فيقول: ﴿فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ وهو أسلوب في الدعوة يناسب بعض حالات النفوس.

وفي الختام يلمح لهم بعذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة، وذلك بحرمانهم سببَ الحياة الأول، وهو الماء ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: 30]، والماء الغور: الغائر الذاهب في الأرض لا يقدرون عليه، والمعين: النابع الفائض المتدفق، فكيف لو توجهت إرادة الله إلى حرمانهم مصدر الحياة القريب، والملك بيده، وهو على كل شيء قدير، ثم يدعهم يتدبرون ما يكون لو أذن الله بوقوع هذا المحذور.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين