تقريب الظلال : سورة الجمعة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فهذا تقريب سورة الجمعة من تفسير: (في ظلال القرآن) لسيد قطب.

تعالج سورة الجمعة الموضوع الذي عالجته سورة الصف قبلها؛ ولكن بأسلوب آخر، ومؤثرات جديدة، إنها تقرر في أخلاد الجماعة المسلمة أنها الجماعة المختارة لحمل أمانة العقيدة في الأرض، ومنهج الله في صورته الأخيرة؛ وذلك بعد أن نكل بنو إسرائيل عن حمله، وصاروا يحملون التوراة، كالحمار يحمل أسفارًا، لا يدرك وظيفتَها، ولا يقوم بأمرِها؛ فناط الله حمل المنهج والقيام به في الأرض بالثلة التي كانت حول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة، وبمن يأتي بعدهم ممن أشارت إليهم السورة، وتعالج السورة بعض الحالات التي كانت تقع من بعض الصحابة، من موروثات البيئة والعرف، كالحرص على المال وربحه؛ لأنها من الملهيات عن حمل المنهج والأمانة الكبرى، وتشير إلى انفضاضهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى القافلة، وهو قائم يخطب فيهم، وفي السورة دعوة لليهود إلى تمني الموت بعد أن زعموا أنهم شعب الله المختار، وأن بعثة الرسول لا تكون في غيرهم، كما سيأتي.

تبدأ السورة بتقرير حقيقة تسبيح كل ما في الوجود لله تعالى؛ فتقول: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، ثم تذكر من أسماء الله تعالى ما له علاقة لطيفة بموضوع السورة، التي اسمها الجمعة، فتذكر: ﴿الْمَلِكِ﴾ الذي يملك كل شيء؛ حتى التجارة التي يسارعون إليها، ويتركون نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم قائماً يخطب، وبمناسبة ذكر اللهو، والانصراف عن ذكر الله؛ تذكر السورة اسم الله: ﴿الْقُدُّوسِ﴾ الذي يتوجه إليه كل من في السماوات والأرض بالتقديس والتنزيه، وبمناسبة دعوة اليهود لتمني الموت، وتقرير حقيقة الموت؛ تذكر اسم الله: ﴿الْعَزِيزِ﴾، وتذكر اسمه: ﴿الْحَكِيمِ﴾ بمناسبة اختيار الأميين ليبعث فيهم رسوله، يتلو عليهم آياته، ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وبعد ذلك يبدأ الموضوع الذي تعالجه السورة.

يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الجمعة: 2، 3]، استجاب الله تعالى دعوة نبيِّه إبراهيم عليه السلام؛ فاختار العرب الأميين، الذين لا يقرؤون ولا يكتبون، وبعث منهم النبي، الذي يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلهم الكتاب والحكمة، وذلك بعد أن علم جل جلاله أن يهود قد فرغ عنصرُها من مؤهلات القيادة الجديدة للبشرية، وأنها قد زاغت وضلت، ولم تعد تصلح لحمل أمانة العقيدة في الأرض، ولقد سجل القرآن دعوة إبراهيم وابنه إسماعيل وهما يبنيان البيت فقال: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: 129]، كانت تلك الدعوة محفوظة عند الله من وراء الغيب والقرون لم تضع؛ حتى جاء موعدها المقدور لها في علم الله تعالى، وفق حكمته؛ لتؤدي دورها المرسوم لها في الكون حسب تدبير الله وقدره، وقد تحققت الدعوة بنصها الذي تعيده السورة هنا بألفاظ إبراهيم: ﴿رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ﴾ وذُكِرتْ صفةُ الله تعالى في دعاء إبراهيم إذ قال: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾؛ ذُكرتْ هنا في سورة الجمعة بعد التذكير بفضل الله ومنَّته على الأميين: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، وقد سئل صلى الله عليه وآله وسلم عن نفسه فقال: «دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور، أضاءت له قصور الشام»(1)، وقد اختار الله تعالى تلك الأمة البدوية في شبه الجزيرة الصحراوية لتحمل هذا الدين، بما علم في نفوسها، وفي ظروفها من قابلية للاستصلاح، وذخيرة مرصودة للبذل والعطاء؛ فأرسل فيها الرسول الخاتم، يتلو عليهم آياته، ويعلمهم الكتاب؛ فيصبحون أهل كتاب، ويعلمهم الحكمة؛ فيدركون حقائق الأمور، ويحسنون التقدير، ويزكيهم أي يطهر عقائدهم من الشرك، ويعلمهم التوحيد، ويطهر سلوكهم وعملهم، وحياتهم الزوجية والاجتماعية؛ فترتفع نفوسهم عن رجس الفوضى الأخلاقية إلى نظافة الخلق الإيماني؛ بعد أن كانوا ﴿لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾، ضلالٌ ذكره جعفر بن أبي طالب للنجاشي، أمام عمرو بن العاص لـمَّا بعثته قريش ليكرِّه النجاشي بالمهاجرين المسلمين؛ فقال جعفر رضي الله عنه: "أيها الملك: كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف؛ فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه، من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله، ولا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصيام"، ومع هذا الضلال والجاهلية؛ اختارهم الله تعال لحمل أمانة العقيدة في الأرض، بما علم في نفوسهم من استعداد للخير والصلاح؛ بعد أن فرغت منه نفوس اليهود، التي أفسدها الذل الطويل في مصر؛ فلم تستقم لا في حياة موسى عليه السلام ولا بعده؛ فانتزع الله من أيديهم أمانة القيام على دينه في الأرض إلى يوم القيامة؛ واختار لحمل الأمانة أيضًا آخرين من غير العرب، وآخرين من غير الجيل الذي نزلت فيه الآيات؛ فقال تعالى: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ لأن هذه الأمة موصولة الحلقات، ممتدة في شعاب الأرض، وفي شعاب الزمان، تحمل هذه الأمانة الكبرى، وتقوم على دين الله، القادر على الاختيار، العليم بمواضع الاختيار؛ لأنه: ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، وإن هذا الاختيار من الله تعالى للأميين، ولمن يأتي بعدهم لحمل أمانة العقيدة في الأرض، وليكونوا المركز الذي تتصل فيه السماء بالأرض؛ لفضلٌ لا يعدله فضل ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الجمعة: 4]، فضل عظيم، يربى على كل ما يبذله المؤمن من نفسه، وماله، وحياته، ويربى على متاعب الطريق، وآلام الكفاح، وشدائد الجهاد.

ثم تأتي الآيات لتذكر أن اليهود قد انتهى دورهم في حمل أمانة الله في الأرض؛ إذ لم تعد لهم قلوب حية واعية متجردة تحمل هذه الأمانة في الأرض ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: 5]، لقد حُمِّل بنو إسرائيل التوراة فلم يحملوها؛ لأن حملها يبدأ بالإدراك والفهم، وينتهي بالعمل في عالم الواقع، وسيرة بني إسرائيل كما عرضها القرآن لا تدل على أنهم قدروا الأمانة، ولا أنهم فقهوا حقيقتها، ولا عملوا بها، فكانوا كالحمار، يحمل الكتب الضخام، ليس له منها إلا ثقلها، وهذ صورة رزية بائسة، ولكنها صورة معبرة عن حقيقة صادقة: ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، ومِثلُ اليهود الذين حملوا أمانة العقيدة ثم لم يحملوها؛ كلُّ الذين حملوا أمانة العقيدة من هذه الأمة ثم لم يحملوها؛ لا سيما الذين يقرأون القرآن والكتب، ولا ينهضون بما فيها، أولئك كلهم كالحمار يحمل أسفارًا؛ لأن المسألة ليست كتبًا تحفظ وتدرس؛ إنما مسألة فقه وعمل بما في تلك الكتب.

ولـمَّا زعم اليهود -وما يزالون- أنهم شعب الله المختار، وأنهم غير مطالبين بمراعاة أحكام دينهم مع غيرهم من الأميين؛ تحدَّاهم الله تعالى أن يدعوا على أنفسهم بالموت؛ إن كانوا صادقين فيما زعموه؛ فقال: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الجمعة: 6]، ولكنهم لم يفعلوا؛ لأنهم يعرفون أنهم لم يقدموا بين أيديهم ما يطمئنون إليه، وما يرجون الثواب والقربى عليه، إنما قدموا المعصية، التي تخيفهم من الموت، وما وراءه، والذي لم يقدم الزاد؛ يَجْفُلُ من ارتياد الطريق ﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾، ثم يقرر القرآن حقيقة الموت، وأنه لا مفر منه ولا مهرب، وأن الحساب بعده حتم لا ريب فيه: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجمعة: 8]، وهي لفتة موحية من لفتات القرآن للمخاطبين بهذه الآية ولغيرهم، تقر في النفوس حقيقة ينساها الناس، وهي تلاحقهم أينما كانوا، تقول لهم: إن هذه الحياة إلى انتهاء، وإن البعد فيها عن الله ينتهي بالرجعة إليه.

ثم يجيء المقطع المتعلق بصلاة الجمعة؛ بعد أن انفضَّ أكثر الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو قائم يخطب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)﴾ [الجمعة: 9 - 11]، وقد وردت الأحاديث الكثيرة في فضل هذه الصلاة، والحث عليها، والاستعداد لها بالغسل، والثياب والطيب، فمن ذلك: ما رواه الإمام أحمد عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب أهله إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج يأتي المسجد، فيركع إن بدا له، ولم يؤذ أحدًا، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى»، وتأتي الآية الأولى من هذا المقطع الأخير في السورة؛ فتأمر المسلمين أن يتركوا البيع بمجرد سماع الأذان، وترغبهم في الانخلاع من شؤون المعاش، والدخول في ذكر الله في هذا الوقت فتقول: ﴿خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، ولا بد من فترات ينخلع فيها القلب من شواغل المعاش، ويخلو إلى ربه، ويتجرد لذكره، ويتذوق الطعم الخاص للتجرد، والاتصال بالملأ الأعلى، وبعد ذلك يعود إلى مشاغل العيش مع ذكر الله ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وهذا هو التوازن الذي يتسم به المنهج الإسلامي، التوازن بين مقتضيات الحياة في الأرض، من عمل وكدٍّ، وبين عزلة الروح فترة عن هذا الجو، وانقطاع القلب وتجرده للذكر، وهي ضرورة لحياة القلب، لا يصلح بدونها للاتصال والتلقي، والنهوض بتكاليف الأمانة الكبرى، وكان عراك بن مالك رضي الله عنه إذا صلى الجمعة؛ انصرف فوقف على باب المسجد فقال: "اللهم إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني؛ فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين"، ومثل هذا الإدراك الجاد الصريح هو الذي ارتقى بتلك الجماعة المسلمة؛ حتى بلغت ما بلغت في تاريخ البشرية، مع كل ما كان فيها من جواذب الجاهلية، مما تصوره الآية الأخيرة في السورة ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)﴾، قال جابر رضي الله عنه: «بينا نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ أقبلت عيرٌ تحمل طعامًا، فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا اثنا عشر رجلًا، منهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما؛ فنزلت: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾، وهي حادثة تكشف عن مدى الجهد الذي بُذل في تربية تلك الجماعة الأولى؛ حتى صارت ذلك النموذج الفريد في تاريخ الإسلام، وفي تاريخ البشرية جميعًا، وتلهمنا الصبر على مشقة بناء النفوس، في أي جيل من الأجيال؛ لتكوين الجماعة المسلمة، التي تنهض بحمل أمانة هذه العقيدة، وتحاول تحقيقها في عالم الواقع، كما حققتها الجماعة الأولى؛ لأن النفس البشرية قابلة أن تصعد مراقي العقيدة، والتطهر والتزكي، مع الصبر والفهم، والإدراك والثبات، والمثابرة وعدم النكوص من منتصف الطريق.

(1( رواه أحمد برقم: 17163، شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين