برّ الوالدين... قواعد وأصول

كثيراً ما أذهب لتعزية صديق في والده أو والدته في دار المتوفى نفسه فأستغرب من رؤية حال البيت !!!

فالدهان قديم جداً والفرش عتيق وقد تجد بعض زجاج النوافذ مكسور وبلاط الأرضيات بحالة سيئة رغم أن البيت قد يكون في أحد أحياء المدينة الراقية

والعائلة غنية ولكن كبر الوالدين بالسن وبُعد الأولاد عنهم وعدم اهتمامهم بهم يفعل بهم العجائب.

قرأت مداخلة رائعة في هذا الموضوع وأنقلها ليقرأها الأبناء والأصدقاء .

ماذا نقدم للوالدين؟

قال الكاتب:

عندما يوسِّع الله عليك ؛ اشتر لوالدتك فرشة حديثة جميلة تريّح جنبها الكريم عليها،

واصلِح لها الحمَّام والمطبخ وحدِّثهما ، وممكن تدهن لها الشقة أيضاً ،

وتعهَّد ملابسها البيتية والخارجية وحذاءها الشريف ، راقب بطانيتها سجادتها، وصلِّح خزانتها و سريرها وجهازها ،

ولو بسط لك ربنا في رزقك أكثر ؛ أجبر خاطرك بخاطرها في شيء من ذهب.

وأتحف والدك الجليل بنظارة جديدة ، وكل فترة اشتري له أشياء يحبها ، وركّز على الأمور التي يحبها أكثر ، والأمور التي قد يخجل من أن يطلبها ، وراقب حتى غياراته وجراباته العزيزة ، وعطره المفضل ، أما دواؤُه فأولى من الماء الذي تشرب.

إياك أن تتصور أنهم شبعوا من الحياة وأكلوا كل شيء، وشربوا كل شيء، وإنك أولى بالحياة منهم.

هم أولى بكل جميل وجديد في الحياة، أصلًا هم الحياة، وإذا أردت أن تتأكد فاسأل الذين فقدوهم.

وإذا خاصمت واحداً من إخوتك صالحه وراضيه من أجل خاطرهم؛ وطمئنهم على محبتكم لبعض وخوفكم على بعض قبل الرحيل.

غسَّلتُ الجمعة الماضية والدَ صديقٍ لي -رحمه الله - ورأيت أبناءه يقبِّلون قدميه ويمسحون بها وجوههم ، فقلت في نفسي: ما أحسن هذا ! لكنْ أحسن منه لو كان في حياة الوالدين.

صدِّقني: والداك أولى من أحببتَ وبررتَ ووصلتَ من العالمين لا تعطهما نُخالة نفسك وقلبك وجهدك ووقتك، بل أنفق عليهما من أنفس مالك.

لم يزل يبكي أحدهم بكاءً مريرًا، يقول لي: خرج أبي من الدنيا ولم يشبع من أكلة كان يحبها جدّاًوماكان يطلبها، وأنا لم أكن بخيلاً عليه أبدا"، لكنني كنت مشغولاً عنه بشؤوني الحياتية.

وحدَّث أحدُهم أنه دخل على أمهِ في ليلةٍ باردةٍ ، فقالت له -وهي نائمةٌ-: الحمد لله أنك أتيت يا بني؛ أنا بردانة من أول نومي وليس لي قوة تعينني على شدِ الغطاء على جسمي؛ فبكى بكاءً شديدًا حينها.

أغلى نصيحة لي ولك "أحسنُ إحسانك إلى والديك حين لا يحسنون"، أعظم إحسان لوالديك في كبرهم تجاوزك عن أخطائهم؛ و كأنها لم تحصل، ودارهم بكل حب واحترام

طابت ليلتكم أيها البررة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين