هل الأمة بخير؟

جرى حوار مع بعض الأحبة في هذا الموضوع، ومر الأمر سريعا بكلمات، ولكني أكتب الآن بروية، وأكتب ماأعتقده، ولاأود جدالا، ولكنها عقيدة، أدين بها، وأؤمن بها.

هل الأمة بخير؟

يقول المولى سبحانه وتعالى:

{وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}.

جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية تبين أن المراد من قوله تعالى : ( أمة وسطاً ) أي : عدلاً خياراً . وأن المراد من الشهادة على الناس : الشهادة على الأمم يوم القيامة أن رسلهم قد بلغوهم رسالات الله . ولم تخرج كلمات المفسرين عن ذلك المعنى .

سيقول البعض: ولكننا غثاء كغثاء السيل؟

وأين الخيرية؟؟

إننا أمة الدعوة.

أمة القرآن.

أمة المساجد.

أمة القيم والأخلاق.

أمة فيها نور الله ، لايمكن أن تنكسر.

أمة لاتقهر، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: وسألت ربي أن لايسلط عليهم عدوا يستأصلهم من شأفتهم، فأجابنيها.

وقفة، وقاعدة لكل مؤمن، في كل شأن:

في كل قضية من القضايا التي نمر بها أفزع دائما إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبحث عن الجواب، وفزعت في هذه القضية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقف مشابه لأرى الجواب:

في لحظة من أحلك اللحظات، وأشدها، وقد أحاط الأحزاب بالمدينة المنورة من كل جانب، فيقف صلى الله عليه وسلم وكله أمل بالنصر، وثقة بالله ، ويقين لاشك فيه، فيبشر الصحابة بفتح الشام واليمن والعراق. أي بفتح الشمال والجنوب والشرق، امتداد لاحدود له.

بينما يقف أهل النفاق فيقولون: ماوعدنا الله ورسوله إلا غرورا؟؟؟ هذا حالهم إلى اليوم؟؟؟ ماوعدنا الله ورسوله إلا غرورا؟؟ فيقف من يشكك اليوم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

يتكرر الحال ، ويتكرر المقال، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

أمة فيها 4 مليون مسجد، ينادى كل يوم فيها عشرين مليون مرة: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لاإله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله .

يرفع فيها الأذان عالياً: عشرين مليون مرة كل يوم، لاتغيب الشمس في الدنيا ولاتشرق إلا على ذكر الله.

وتحقق وعد الله : ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار.

أمة مازالت تقوم الأسرة فيها على الخير، وتدعو إلى الخير، وتسعى للخير، أمة تقوم على الشرف والعفة والطهارة.

أمة القيم والأخلاق والمبادىء، وهل يوجد مبدأ عادل، أو قيمة عظمى، أو خلق سام في الدنيا ليس من ديننا؟؟؟

نعم ابتعدنا عن التطبيق ولكن سيزول ذلك، وسنعود، هي فترة، وكبوة.

وجعلت لي الأرض مسجدا، وطهورا:

لايغيب عن بالي في لحظة هذا المعنى.

ماأحلى هذه الرؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم للكون، إنه مسجد، ومسجد طاهر. وهكذا أرى الدنيا كلها، وليس الكرة الأرضية.

ماأروع هذه الصورة التي ترى الدنيا كلها بعين الإيمان، لابعين الفسق والفجور، والزيغ والضلال.

وكلما رأينا الأمة والدنيا بهذه الرؤية كلما تحقق لنا مانريد، وظهر للناس مانؤمن به، ولو نظرنا للناس والأمة نظرة الفجور والفسق والفجور لظهر مانعتقده.

الأصل في الدنيا كلها الإيمان، وأهل الإيمان، الأرض لله، الملك ملكه، والأرض أرضه، والخلق خلقه.

أمة القيم والأخلاق والمبادىء، وهل يوجد مبدأ عادل، أو قيمة عظمى، أو خلق سام في الدنيا ، أو قانون عادل ليس من ديننا؟؟؟

بعضهم يستدل بحديث: ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وهو حديث صحيح بشواهده، ولكن تناسى هؤلاء أن هدف الحديث تحذير المسلمين من "حب الدنيا وكراهية الموت"، ويا له من هدف عظيم لو أن المسلمين تنبهوا له، وعملوا بمقتضاه؛ لصاروا سادة الدنيا، وفهموا ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، من أن الإسلام سيعم الدنيا كلها، فقال عليه الصلاة والسلام: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام، وذلًّا يذل الله به الكفر».

ومصداق هذا الحديث من كتاب الله تعالى قوله عز وجل: {يُرِ‌يدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ‌ اللَّـهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّـهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَ‌هُ وَلَوْ كَرِ‌هَ الْكَافِرُ‌ونَ * هُوَ الَّذِي أَرْ‌سَلَ رَ‌سُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَ‌هُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِ‌هَ الْمُشْرِ‌كُونَ}

وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}

لست تكفيريا يقول: إن الأمة غير مسلمة، وهلك الناس، وأن الإسلام لايطبق في الدنيا.

وليس ماأكتبه لحظة عاطفية، ولكنها عقيدة راسخة أدين الله بها أن الأمة على خير مادامت الرسالة فيها (القرآن الكريم)، والرسول (الشريعة).

وليست العبرة بالكثرة: وماأكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين.

وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله .

وليست العبرة بالمال أو السيطرة الاقتصادية، أو الغنى: ولنا أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.

اللهم املأ قلوبنا بحبك وحب رسولك

وارفع راية الدين والحق

واجعلنا هداة مهديين ، ولاتجعلنا ضالين ولا مضلين.

آمين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين