لماذا لا يُسمح لغير المسلمين بدخول مكة والمدينة؟ (9-17)

سؤال:

من الأسئلة الشائعة لدى غير المسلمين عن الإسلام: إذا كان الإسلام دينًا عالميًا، فلماذا لا يُسمح لغير المسلمين بدخول الأراضي المقدسة في مكة والمدينة؟

الجواب:

يتلخّص الجواب عن هذا السؤال وهذا الاعتراض في ثلاثة أمور:

1- "مكة المكرّمة" قلعة الإسلام الحصينة، فيها الكعبة المشرّفة والمسجد الحرام وزمزم، وفيها تقام شعائر الركن الخامس من أركان الإسلام: "الحج"، وهي حرم آمن، تختصّ بتشريعات معيّنة يعرفها المسلمون ويلتزمون بها ما داموا فيها.

و"المدينة المنورة" هي الحرم الثاني، وفيها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وقبره.

والمدينتان عالميتان؛ يقصدهما الملايين من البشر من جميع البلدان وجميع الأجناس واللغات بدوافع دينية تعبّدية مرتبطة كلها بالإسلام؛ لذا فمن الطبيعي أن تكونا خاصّتين بالمسلمين ولا مكان فيهما لغير المسلمين!

2- منع الدخول إلى مكّة المكرّمة ليس تشريعًا وضعيًا صادرًا عن نظام أو حكومة ما، بل هو صادر من رب الأرض والسماء، فهو الذي يملك مكّة وهو الذي يأذن لمن يشاء بدخولها ويمنع من يشاء من دخولها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيم}[التوبة:28]. والمقصود بالنجاسة هنا: النجاسة المعنوية المتمثّلة بالشرك بالله وجحد ألوهيته، وجحد نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، والإعراض عن دينه الخاتم الذي أنزله الله للناس أجمعين.

ومنع الإقامة الدائمة في كلّ من مكّة والمدينة جاء بشرع ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، بقوله: (أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ) متفق عليه: البخاري (3053) ومسلم (20-1637). وقد اتفق العلماء على أنّ مكة والمدينة والحجاز بأسرها داخلة في الحديث.

3- في كل بلد من بلدان العالم: هناك أماكن محدّدة لا يُسمح لكل أحد بالدخول إليها، إلّا مَنْ كان له علاقة بها بعمل أو نوع ارتباط، كالمناطق العسكرية والأمنية على سبيل المثال, وبالمثل، فإنّ مكة والمدينة لا يدخلهما سوى أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله ويدينون بدين الإسلام، ألا وهم المسلمون.

وكما أنه من غير المنطقي أن يشكو أحد المواطنين ويعترض على القيود الموضوعة على دخول منطقة عسكرية ما؛ فكذلك ليس من المناسب أن يعترض غير المسلم على القيود التي تحظر على غير المسلم دخول مكة والمدينة أو الإقامة فيهما!

4- تأشيرة دخول مكة والمدينة: 

عندما يودّ المرء أن يسافر إلى بلد ما فعليه بادئ ذي بدء أن يقدّم طلبًا للحصول على تأشيرة؛ يُسمح له بموجبها الدخول لذلك البلد. ومهما كانت قيود الحصول على التأشيرة شديدة فإنّه لا يعترض عليها احترامًا لقوانين ذلك البلد، بل يسعى بكل ما يملك لتحقيق هذه الشروط لأجل الحصول على هذه التأشيرة.

وبالنسبة لمكّة والمدينة، فإنّ تأشيرة الدخول إليهما هي الدخول في الإسلام، وذلك بالنطق بالشهادتين: بقول: "أشهد ألّا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمدًا رسول الله" والالتزام بهدي الإسلام وتعاليمه.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين