مونتکومري وآراؤه التربوية 

 

القيادة والتوجيه الديني

ـ 1 ـ

المشير مونتكومري قائد بريطاني، من أبرز قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) وقد لمع اسمه لأول مرة بعد انتصاره على جيوش المحور في معركة (العلمين) سنة (1942)، فأصبح معروفا في العالم كله.

بدا حياته العسكرية العلمية برتبة ملازم في الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918)، ثم تدرج في الرتب العسكرية، وتولى المناصب القيادية ومناصب الأركان وأصبح معلما في كلية الأركان البريطانية في (كامبرلى) وهو منصب تعليمي تربوي مرموق.

وفي أواخر الحرب العالمية الثانية أصبح قائد مجموعة جيوش مؤلفة من مختلف الأسلحة، كان تعدادها يناهز المليونين من الجنود وضباط الصف والضباط والمراتب الأخرى.

وبعد الحرب العالمية الثانية تسنم منصب رئيس هيئة أركان الحرب في بريطانيا، ثم تسنم منصب نائب الفائد الأعلى للحلف الأطلسي.

وأخيرا أصبح عضوا في مجلس اللوردات البريطاني إذ منح لقب: «لورد العلمين»، فتفرغ لواجبه في هذا المجلس، وعكف على التأليف، وأصبحت هوايته توجيه الشباب ورعايتهم.

وقد أمضى في الخدمة العسكرية نحو خمسين سنة، ربى خلالها ما لا يعد ولا يحصى من العسكريين معلما ومدربا ومثقفا ومحاضرا وقائدا.

وقد سجل في آخر مؤلفاته: «السبيل إلى القيادة عصارة تجاربه في تربية الأطفال وتوجيه الشباب وهو يرعى في الوقت الحاضر جماعة من الشباب، ويجد لذة ومتعة عمليا لمبادئه التربوية.

وسأذكر ما أورده في كتابه هذا عن التربية والتوجيه لعل فيها فائدة للذين لا يرضخون إلا لآراء الغربيين والذين لا تطربهم مغنية الحي، والذين تشفى عيونهم رمال الغرب وتدميها ورود بلدهم، والذين يستسلمون للأجنبي ولا يسالمون العربي أو المسلم: بهرتهم حضارة الغرب لأنهم يجهلون حضارة أمتهم واستحوذ عليهم الاستعمار الفكري البغيض.

إلى هؤلاء أسوق آراء مونتكومري التربوية، تلك الآراء التي لو سمعوها من عربي مسلم لكالوا له التهم جزافا ولرموه بالتخلف والرجعية!!

ترى! ماذا سيقول هؤلاء عن آراء مونتكومري التربوية؟

ـ 2 ـ

عقد مونتكومري في كتابه «السبيل إلى القيادة» بابا كاملا هو الباب الحادي عشر بعنوان: «قيادة الشبيبة استغرق نحو ثلاثين صفحة من كتابه، ولا أرى مسوغا لعرض آرائه التربوية كافة لأنني لا أريد أن أطيل فأثقل على القارئ، ولكنني سأعرض مختصر آرائه لإعطاء فكرة كاملة عنها، وهذا يقتضيني أن

اكثف تلك الآراء بعيدا عن الإيجاز المخل والإطناب الممل.

يذكر مونتكومري أن أولاد أمته لا نقص فيهم من حيث المادة أو النوع ولكن الخطأ في أسلوب تربيتهم مما أدى إلى أن يصبحوا دون المستوى المطلوب، وهذا خطأ المربين لا خطأ الشباب.

ثم قال: «إنني غير راض عن شباب اليوم»(1).

ويمتدح بنات جيله فيقول: «إن البنات لم يكن ليسمح لهن بالخروج من البيت وحدهن والذهاب مع الأولاد إلى المراقص وغيرها»(2)، وبذلك ينتقد مر النقد ما يراه من ترك الأبوين بناتهم يسرحن ويمرحن كما يشأن دون رقيب أو حسيب.

ويقول عن تربية الأطفال وتنشئتهم ليكونوا عناصر مفيدة للمجتمع: إن ولد اليوم وهو رجل المستقبل يجب أن يكون الغرض من تربيته بناء سجيته، ليتسنى له عندما يحين الوقت المناسب أن يؤثر في الآخرين إلى ما فيه الخير. وهناك أمر يجب ألا نخطئ فيه، وهو أن أسس (السجية) يجب أن توضع في البيت، بل إن التربية الأساسية يجب أن تبدأ هناك، فهذه التربية هي التي تؤثر في الولد وتوجهه طيلة حياته، أما على الخير أو إلى الشر. وعلى أسس الخير القويمة التي تبنى في البيت، سيبنى المعلم (سجية) الولد عندما يأتي إلى المدرسة، فلا يستطيع المعلم أو أي شخص آخر أن يفعل شيئا في هذا الصدد. إننا نسمع اليوم الكثير عن: (آثام الأحداث) التي لاشك أن السبب الرئيسي لأغلبها هو إهمال الآباء.

«إن تجربتي الشخصية تحملني على الاعتقاد بأن الأسس لبناء السجية يجب أن تغرس في الولد عندما يصبح في السادسة من عمره، وأهم ما فيها التمييز بين خطأ والصواب والتحلي بالصدق والمروءة»(3) ويرثي مونتكومري الحال البشرية التي أصبحت تلهث وراء (المادة) وتبتعد عن (الروح) فيقول: السنا نعيش جميعا في ضباب من خداع النفس، في عالم تستحوذ عليه (المادية) وتنبذ فيه القيم الروحية؟!

«فلنفكر مثلا في نماذج الإعلانات الكثيرة التي تواجهنا أنى ذهبنا، والتي تؤثر في كثير من الناس فهي توحي إلينا أن حل كل مشكلة يمكن أن يشتري بالمال. إنها تقول مثلا: أتنشد السعادة في بيتك إذن فاشتر هذه المكنسة الكهربائية أو ذلك النوع من طعام الفطور، أو هذا الصابون، أو اشرب تلك الجعة! ولا شك أن الناس جميعا لا ينخدعون بهذه الإعلانات الكثيرة، ولكن الولد المراهق يتعرض للخطر وهو يعيش في هذا الضباب من خداع النفس (ماذا ينفع الإنسان، لو حصل على الدنيا كلها، وأضاع روحه)(4)...»(5).

هكذا يستشهد مونتكومري بآيات من الإنجيل ليتاييد آرائه، فلكم من قادتنا من يستشهد بآيات من الذكر الحكيم؟

ويضيف مونتكومري: «إذا أردنا أن يجتاز العالم بسلام وتعقل حالة الهياج والاضطراب التي تسوده اليوم، فينبغي أن نحيا الحياة الحقة ونقتدي بالمسيح عليه السلام، بدلا من الخبط في دياجير الظلام»(6).

إنه ينصح بالاقتداء بالمسيح، وهذا طبيعي لأنه مسيحي، فكن من رجالنا من ينصح علما وبكل قوة العرب والمسلمين بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

ويقول: «وهكذا نرى مدى الصعوبة التي يجابهها أولاد اليوم، وجسامة (الواجب) الذي يجابهه الآباء والمعلمون في تفسير كل ذلك لهم وتوجيههم نحو الصراط المستقيم. وقد زادت المهمة صعوبة زيادة كبيرة من جراء أحوال الحياة العصرية ـ الحياة التي يواجه فيها الأولاد مغريات ومشاكل أعظم من

تلك التي واجهها أي واحد منا عندما كنا شبابا. فالأشياء المثيرة، وأفلام العصابات والبيوت المخربة بسبب التهاون في الواجبات الزوجية ونشر القضايا الجنسية في بعض الصحف، كل هذه تفرض على الولد المراهق ضغطا شديدا، وليس من السهل أن ننمي (السجية) في ظروف كهذه»(7).

ونحن!! لماذا نستورد أفلام العصابات؟ لماذا نسمح للصحف والمجلات بنشر القضايا الجنسية لماذا نعرض الأفلام الخليعة والتمثيليات الداعرة في الإذاعة المرئية؟ ألأجل أن نخرب بيوتنا بأيدينا؟ ألأجل أن نشيع الفاحشة في أولادنا؟! ألأجل أن تتصاعد نسبة الرسوب في مدارسنا وكلياتنا؟ لماذا؟!

ـ 3 ـ

ويمضي مونتكومري بالحث على تلقين الأطفال التعاليم الدينية فيقول: «لقد سبق أن ذكرت كلمة (الضبط). إن لهذه الكلمة صدى غير مستحب عند فريق من الناس، وربما كان السبب هو لأنها غير مفهومة فهما صحيحا. إن الأساس الحقيقي للضبط هو ضبط النفس، وهو السيطرة على النفس وكبح جماحها، وأن يعيش المرء حياة، منظمة ومقيدة بقيود اختيارية يفرضها على نفسه، وقد نعد هذه القيود بمثابة واجبات ينبغي أن تشعر بضرورة القيام بها.

«إن مفهوم الواجب هذا يؤكد أهمية التعاليم الدينية التي تتعلق بالسيرة الشخصية للإنسان، ويجب أن يوحي بهذه التعاليم إلى كل طفل حالم يبدأ بالذهاب إلى الروضة (يريد روضة الأطفال التي تسبق المدرسة الابتدائية) وينبغي أن يتم ذلك حتما قبل بلوغه السنة السادسة من عمره»(8).

ويتساءل مونتكومري: «فما هو غرضنا»؟ ويجيب: «إن الغرض هو أن نبث في صفوف الشبيبة الاستقامة والشجاعة الأدبية، الحمية، بغية إقامة حصن يتحدى المؤثرات المخربة التي تسعى إلى تحطيم أخلاق أولادنا. وينبغي تربية هؤلاء ليكونوا (نقاطا قوية) في الأمة، تدافع عن الأمانة وسط مغريات تحرض على الخيانة، وتدافع عن العمل الجماعي والإخلاص، وعن الجهد الصادق وشعور الواجب الرفيع، عن كل شيء فيه خير البلاد»(9).

ثم يقول: أين يجب أن يبدأ التعليم؟ في البيت طبعا، فذلك هو المكان الذي يجب أن يبدأ فيه تكوين (السجية). ويجب أن يتعلم الطفل في البيت أمورا معينة تعد خطأ وأخرى تعد صوابا، ويجب أن يتعلم الأمانة والإخلاص والصدق والثبات على ما يعتقده صوابا وحقا ثباتا راسخا برغم ما يواجهه من إغراء وجب أن تبدأ أسس هذه التربية في وقت مبكر وأن ترسخ في ذهن الطفل عندما يبلغ السادسة من عمره، حتى إذا ما بدأ بالذهاب إلى المدرسة لا يكون فريسة لتأثيرات شريرة قد يواجهها»(10).

ثم ينبغي مونتكومري عل العالم تخليه عن «المثل العليا»، ويتوجه إلى قومه البريطانيين برأيه صريحا واضحا: «لكي نخدم بريطانيا ونفخر بأننا بريطانيون ليس من الضروري أن نملك قنابل ذرية بقدر ما تملكه الولايات المتحدة الأمريكية أو علماء بقدر ما تملكه روسيا، فليست البلاد التي تنقصها القنابل الذرية أو القوات الكبرى هي التي يجب أن تدعى (دولة من الدرجة الثانية)، بل ينبغي أن يطلق ذلك على البلاد التي تعوزها المثل العليا، وهذه المثل تبقى وغيرها يفنى». ثم قال: «إن أول ما نحتاج إليه، هو معالجة الجهل المتفشي بيننا عن الحقائق الأولية للدين»(11).

ـ 4 ـ

ووصف مونتكومري آراءه التربوية التي تؤدي إلى إعداد قادة المستقبل ورجال الأمة فقال: «وقد لا تكون آرائي مقبولة على العموم، لكنها بسطة على الأقل، وقد بنيت على (مثل عليا) وحقائق أزلية، لن تتغير مهما كان العصر الذي نعيش فيه»(12).

ثم يكرر ما قاله سابقا بأسلوب جديد، أكثر وضوحا وتفصيلا فيقول: إني من المؤمنين إيمانا راسخا بوجوب توجيه الشباب نحو «العلا» ويجب أن نوضح لهم ما يجب أن يفعلوه لبلوغ ذلك، وأن نبين لهم السبب. إن ذلك لأمر مهم، لأن المستقبل هو للشباب، فهم الذين يجب أن يستلموا المشعل هنا إن مهمتنا أن نوحي إلى الشباب أن يستهدفوا غرضا «أخلاقيا» عاما مبنيا على إيمان واع قوي بالدين. فإذا استطعنا بعدها أن نوحد شبابنا وراء قادة يهتمون بهذا الدين كما يهتم الشيوعيون بعقيدتهم، فما من شيء نخشاه: لا الأعداء ولا المشكلات الاقتصادية، إذ يمكن التغلب عليهما معا. إن أهم ما في التربية ـ وفي الحياة كذلك ـ هو أن يكون لدى الطفل أو الشباب إحساس بالغرض قوي إلى درجة تمكنه من مواجهة الصعاب والتغلب عليها. عن غرضا كهذا لا يمكن أن يبنى إلا على (عقيدة)، ولا يمكن تنمية هذه العقيدة إلا في زمن الصبا لكنه يجب أن تكون هذه (العقيدة) حسنة، فالعقيدة السيئة هي السبب في معظم ما نعانيه اليوم من اضطرابات 13.

ويعتبر مونتكومري تضليل الطفل أو الشاب أخلاقيا من أعظم الجرائم فيقول: «سئلت ذات مرة عن رأيي في أسوأ جريمة يمكن أن يرتكبها أي إنسان؟ فأجبت بدون تردد: تضليل طفل أو شاب أخلاقيا!

«وأضفت إلى ذلك قولي: ما من عقوبة تعد قاسية بحث إنسان كهذا»(13). ومن الواضح أن رأي مكونتكومري هذا سليم إلى أبعد الحدود، لأن الذي يضلل طفلا أو شابا أخلاقيا، سيقضي على مصدر الخير فيه، وسيجعل منه بؤرة للفساد والشر، إذ سيكون عملا من عوامل إشاعة الفساد والشر، يهدم ولا يبني، ويفسد ولا يصلح، ويخرب ولا يعمر.

إن الوالدين اللذين لا يربيان طفلهما تربية سليمة يضللان طفلهما ويحرمانه من ومضات النور والخير.

والمعلم الذي لا يعلم تلميذه تعليما ناجعا، يضلل تلميذه ويفسد طبعه ويوجهه نحو الجهل والضياع.

فمن من أب أو أم ضللا طفلهما عن عمد بإهمالهما تربيته أو عن غير عمد لجهلهما التربية السديدة.

وكم من معلم ضلل تلميذه لكسله أو جهله أو عدم تقديره المسؤولية الملقاة على عاتقه، فأصبح ذلك التلميذ مشردا، أو لصا أو قاتلا أو تافها.

ـ 5 ـ

ويعود مونتكومري إلى تلخيص آرائه التربوية فيقول: ما هي النصيحة التي أقدمها للشباب كيف يستطيعون إحراز مجد الفتوة؟ إنني أقدم إليهم الوصايا الأربع التالية:

أولا: ليكن لديك شيء من رزانة الفكر! ان ذلك لا يعني أن الطفل أو الشباب لا يجب أن يكون سعيدا نبيها، بل بالعكس. ولكن أنبه الناس هو من كان ذا بصيرة، وقلب بسيط، وضمير طاهر ومن يحاول قلبيا وبكل تواضع التمسك الشديد بتعاليم الدين.

«إن الملذات التي لا نهاية لها، والفرص الضائعة والامتيازات التي يساء الاستفادة منها ـ كل هذه الأمور لا تعوض عن ضياع الفضيلة، وفقدان الرجولة وعدم احترام النفس.

ثانيا أوصى بالطاعة، تلك الفضيلة التي يبنى عليها السلطان، وهي تهمي قبول قانون (الواجب) قانونا للحياة. إن الله سبحانه وتعالى يفوض شيئا من سلطته إلى إخوانا البشر منذ السنين الأولى من حياتنا: يفوضه أولا إلى أبوينا، ومن ثم إلى الذين يولون علينا، فاحترام السلطة إذن واجب مقدس كما هو أمر إلهي، وما من عصر انتهكت فيه حرمة هذا الأمر إلا وساد فيه الفساد. إن آمال الأمم تتعلق بإخلاص أبنائها وتواضعهم وفي طاعة شبيبتها واحترامهم لمن هو أكثر منهم سنا.

«ثالثا: أوصى بالجد والمثابرة، فالوقت المتيسر للعمل والدراسة قصير وسن الصبا سرعان ما يمر من غير أن نشعر به إلى دور الشباب فدور الرجولة.

«رابعا: لقد تعلمت في حياتي الخاصة، أن صفات ثلاثة ضرورية للنجاح: العمل الشاق، والاستقامة المطلقة، والشجاعة الأدبية، وهي تعني عدم خوف الإنسان من قول ما يعتقده صوابا والثبات على هذا الاعتقاد(14).

ولا يكتفي مونتكومري بهذا الباب من كتابه للحديث عن: (آرائه التربوية)، بل يعود ثانية في الباب الخامس عشر إلى عرض آرائه في التربية فيقول: «بالإضافة إلى تزويد المدارس بنظام تربوي جيد، وبمعلمين ماهرين، يجب أن يتيسر فيها نظام سليم للتدريس الديني بالتعاون مع رجال الدين»(15).

ثم يقول عن أثر المثال الشخصي الذي هو التطبيق العملي للنظريات التربوية: «والواقع أن التربية الفكرية والخلية التي نزود بها أولادنا، هي ليست بذاتها أهم الأمور، بل المهم هو ما سيفعلونه بهذه التربية، والفائدة التي سيجنونها منها في السنين القادمة. ومن الواجب تخصيص قسم من هذه التربية لغرس الصفات التي هي جزء لا يتجزأ من القيادة الجيدة ويجب أن يقوم بذلك خيرة المعلمين الذين يمكن أن نحصل عليهم، وأن يقوموا به بالمثال الشخصي الحسن الذي يضربونه بأنفسهم لتلاميذهم وطلابهم»(16).

وفي ختام كتابه قال مونتكومري: «عندما أنظر إلى عالمكم اليوم، ينتابني القلق أحيانا على الجيل الجديد، عندهم مغريات لم نحصل عليها أنا وأنت(17). ويبدو أنهم ينضجون مبكرا، ولكن ذلك يجري في عالم غير مأمون، وهم يميلون إلى أن يجعلوا للأمور (المادية) قيمة كبيرة ويهملوا (القيم الروحية) على الشباب أن يتسلح جيدا بالشعور (الروحي) إذا أراد ألا ينحرف أو أراد ألا يجرفه التيار..

«إن (الحرية) الحقيقية، هي أن يكون لديك الخيار في أن تفعل ما (يجب) أن تفعله لا ما (تريد) أن تفعله إن هذه هي الحقيقة بعينها التي تواجه أي ولد، وهي التوفيق بني ما (يريد) أن يفعله وبين ما يوحي إليه ضميره أن يفعله»(18).

تلك هي موجز آراء مونتكومري في (التربية المثالية) أعرضها للذين يتلقون الوحي من الأجنبي، ويؤمنون بما يقوله دون مناقشة.

أما الذين يعرفون ما ورد عن: (التربية المثالية) في تراثنا العربي الإسلامي، العظيم، والذين درسوا هذا التراث بإمعان من منابعه الأصيله، فيعلمون أن آراء مونتكومري تعتبر تافهة عند موازنتها بآراء السلف الصالح من علمائنا الأبرار.

وبكل صراحة وأمانة، أذكر أنني نقلت آراء مونتكومري في التربية مضطرا وبعد تردد طويل ولكن ما حيلتي مع الذين تستهويهم آراء الأجانب ولا تستهويهم آراء الأقارب؟؟!!

على كل، فإن العلم لا وطن له، وباستطاعة من يشاء أن ينقل ما يشاء من علوم الآخرين وآرائهم، على أن تكون تلك الآراء مفيدة وبناءة.

ولكن رأيي الذي أومن به، هو أن العربي المسلم إذا وجد في تراثه ما يتفوق على تراث الأجانب أو يشابهه، فلا ينبغي أن يغمط حق آبائه وإخوته ليستورد من الأبعدين، أو يتباهى بأقوال الأجانب ويتنكر لأقوال قومه وبني عقيدته.

إننا بحاجة إلى علوم الغرب، ولكننا لسنا بحاجة إلى مبادئه.

ومرة أخرى..

لو أبدى عربي مسلم مثل آراء مونتكومري في التربية فماذا يقول عنه أبناء جلدته المحدثون؟!

إن الإسلام أقوم المبادئ التي تبني الرجال والنساء وهو دين الخلق الكريم والفضية والعزة والمجد والسؤدد.

فمتى يعرف قيمة هذا الدين أبناؤه من العرب والمسلمين؟؟ متى؟؟

(1) السبيل إلى القيادة 191، 192.

(2) السبيل إلى لقيادة 193.

(3) السبيل إلى القيادة 194.

(4) آية من آيات الإنجيل... ترى! كم من قادتنا يستشهدون بآيات من الذكر الحكيم؟!

(5) السبيل إلى القيادة 195.

(6) السبيل إلى القيادة 196.

(7) السبيل إلى القيادة 197.

(8) السبيل إلى القيادة 197.

(9) السبيل إلى القيادة 198.

(10) السبيل إلى القيادة 198 – 199.

(11) السبيل إلى القيادة 205.

(12) السبيل إلى القيادة 211.

(14) السبيل إلى القيادة 215.

(15) السبيل إلى القيادة 217.

(16) السبيل إلى القيادة291.

(17) السبيل إلى القيادة 292.

(18) يقصد الناس من جيله.

(19) السبيل إلى القيادة 307 – 308.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

مجلة الوعي الإسلامي، السنة السابعة، جمادی الآخرة 1391 - العدد 78

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين