قولنا في الإرهاب والإرهابيين لا لفقههم لا لفكرهم لا لمشروعهم لا لمنهجهم وأسلوبهم 

· توطئة

يعتبر الغلو في الفكر وفي السلوك الإنساني ظاهرة ملحوظة ومرصودة في صور كثيرة من ميادين النشاط الإنساني؛ العقلي والعاطفي، الديني والمدني. وكثيرا ما ينبثق عن ظاهرة الغلو هذه، أنماط من السلوك الحاد المنحرف ، الذي يخرج بصاحبه عن الجادة ، ويدفعه إلى الانغماس في بؤرة العنف والجريمة ، ويقوده إلى آفاق الضرر والضرار.

· تعريف الإرهاب:

الإرهاب في رؤيتنا " هو استخدام أي وسيلة من وسائل الإكراه المادي أو المعنوي – خارج إطار القانون الشرعي - لكسر إرادة الناس ، و حملهم على ما يكرهون ، وتطويعهم لإرادة الإرهابي ؛ سواء كان متسلطا مستبدا ، أو متربصا فاتكا . "

وهو " نوع من الاستثمار في العنف العدواني لتحقيق المكاسب السياسية على حساب الآخرين " . وأبشع أنواع الإرهاب في الحقيقة والواقع هو ما تمارسه الحكومات، التي يناط بها أصلا تمثيل إرادة الشعوب وتحميها فتتغول عليها ، وتعمل على كسرها. حيث ينطبق قول القائل " حاميها حراميها "

· الإرهاب : ظاهرة بشرية ..

والإرهاب – الفردي والجماعي ظاهرة بشرية منتشرة في كل المجتمعات ، ومن الغلو المرفوض ربطها بدين أو بثقافة أو بعرق . ولقد ظلت ظواهر الغلو، فكرا وممارسة ، مرصودة واقعيا في تاريخ الإنسانية الحضاري والسياسي . ولدى الكثير من أتباع الأديان والمذاهب والأفكار والمناهج . لنؤكد أنه من غير الموضوعي ولا العلمي أن تربط هذه الظاهرة بدين أو قوم أو منهج . وأن نؤكد أيضا أن الإصرار على هذا الربط هو بحد ذاته نوع من أنواع الغلو الممقوت ، والإرهاب المستنكر المرذول .

ومن الحق أن نذكر أنه قد كان لهذه الظاهرة تجسداتها في تاريخ الإسلام الفكري والسياسي . فكان الخوارج ، وكان الشيعة الباطنية من الحشاشين والقرامطة ، الذين دخل اسمهم المعجم العالمي كعنوان للغيلة والجريمة والفتك . والتي تشير إليها كلمة : ASSASSINATION في عدة لغات أوربية منها الإنكليزية والفرنسية .

ومن حق أن نؤكد أيضا أن هذه الظاهرة ظلت في تاريخ الإسلام متنحية منبوذة على المستوى الفقهي والفكري ، فعلى الرغم من الادعاءات الطهورية للمتلبسين بها إلا أنها ظلت مستنكرة على مستوى الفقهاء ، منبوذة على مستوى المجتمعات . كما ظلت محتواة على المستويين العملي والسياسي .. ولقد دفع المسلمون على طريق التصدي لهؤلاء الغلاة والإرهابيين الكثير من الدماء والآلام .

· الموقف

نعلن ابتداء باسم تيار الدعوة الإسلامية الراشدة أننا ضد الغلو عقيدة وفقها ، وضد الإرهاب فكرا ومشروعا ومنهجا وسلوكا .

وأننا ضد الإرهاب على اختلاف الهويات والمناهج والمدارس والرايات، ومهما تكن طبيعة الادعاءات والشعارات.

نحن ضد الغلو والغلاة ، وضد الإرهاب والإرهابيين ؛ بكل هوياتهم وعناوينهم وفصائلهم ، مهما ادعوا وزيفوا ...

وقد كنا ضد الإرهاب في سياقه النظري " التكفيري " منذ كتب مرشدنا الثاني " دعاة لا قضاة " فرفض إصدار الأحكام الجماعية بالنبذ والتكفير ضد الناس. وكنا ضد الإرهاب في سياقاته العملية المتلبسة بأعمال القتل والغيلة والتفجير والتدمير ، باستنكار كل هذه الأعمال المهددة لأمن المجتمعات ، في كل مرة تقع فيها .

و نحن ، في السياق نفسه ، ضد تغول الإرهابيين الممسكين بسوط السلطة باسم الدول ، وفي صور القتلة والإرهابيين من أمثال حافظ وبشار.

نحن ضد الإرهاب ...!! 

فنحن ضد " المقاتلين الأجانب " على أرضنا

ضد المحتلين الروس ، ومرتزقة الفاغنر .

وضد أصحاب الرايات الشيعية التي غزت بلادنا تقتل أطفالنا مطالبة بثأر للحسين، رضي الله عن الحسين ..

وضد أصحاب الأجندات الفئوية المريبة ، الذين استحلوا عصبية لأجنداتهم الدماء والأعراض والأوطان ..

وضد هؤلاء العدميين المنفلتين الذين صُنعوا زورا باسم مجتمعاتنا ، وحسبوا عليها، أو ألصقوا زورا بها ؛ وأهم راياتهم اليوم على الساحة السورية ؛ ما يعرف بتنظيم الدولة ، وما هو بتنظيم ولا بدولة ، ولكنه خلطة عجيبة من عملاء مخابرات ، لكل مخابرات العالم فيهم نصيب ، ومن بعض أهل العرامة والجهل ممن نعرف ويعرفون . و منهم من عرف " بتنظيم القاعدة : الذي كان على الإسلام وأهله ، أخطر وأشأم بما أجلب عليهم من قدار أحمر ثمود.

نحن ضد أي فريق أو فصيل أو عنوان أو منهج يحمل في ثناياه مشروع إكراه الناس عامة والسوريين على غير ما يرتضون ..

نحن ضد كل هؤلاء ، ومع كل خيار شعبي وطني ديمقراطي لجميع السوريين ، لا يقصي ولا يستثني ولا ينبذ .

نحن ضد هؤلاء الإرهابيين ، ننكر عليهم فقههم كما أنكره عليهم من قبل سيدنا ابن عباس : تستحلون دم ابن بنت رسول الله وتسألون عن دم البراغيث .. ؟!!

وننكر عليهم رؤيتهم العدمية الطوباوية ، ومحاولاتهم البائسة لتقزيم المشروع الإسلامي ، وتشويهه ، وتنفير المسلمين عنه بل قطع الطريق عليه ، بالإجلاب والتهويش والمحاصرة في الطريق المقطوع والأفق المسدود.

نرفضهم وننكرهم وننكر عليهم أساليبهم ووسائلهم وفتكهم وجناياتهم وقتلهم الأبرياء ، وترويعهم للآمنين . وإخافتهم للسبيل . وجرأتهم على دماء الناس أجمعين . وما يزال الرجل في سعة من دينه ما لم يلق الله بدم حرام .

· نرفض هؤلاء الإرهابيين الغلاة من أهل الفتك ..

لأنهم أهل فوضى ، وأصحاب حمية جاهلية ، وقد خالطهم الكثير من أهل العرامة ، ومرتكبي الجرائم ، وأصحاب السوابق الجنائية والأخلاقية على مستوى العالم فغلب الولع بالقتل والدم والشر على سوادهم ، والاستخفاف بالحياة الإنسانية ، والكرامة الإنسانية على سلوكهم .

ونرفضهم :

لأنهم لخفتهم ورعونتهم قد سهل على كثير من أجهزة الشر العالمي اختراقهم ، والتلاعب بهم ، وتوظيفهم في مشروعات مريبة ، جعلت منهم ذرائع للشر ، ومطايا للمعتدين ..وأدوات للعدوان ، وكم أدوا من دور مريب على أرض الشام والعراق من ديار المسلمين .

· وإننا بعد كل الذي مر نعود فنقول..

إن ظاهرة الغلو في بعدها الأول هي ميل بشري ، وظاهرة عقلية ونفسية وسلوكية مرضية مرصودة .. ولذا فإننا نتمسك في حربنا على هذه الظاهرة دائما بالعلاج المعرفي والعلاج السلوكي .

وندرك كما يدرك كل العقلاء أن لهذه الأمراض الحادة بيئة حاضنة حقيقية تتمثل في مناخات الاستبداد ، وسياسات الإكراه ، وممارسات العنف السلطوي خارج دائرة القانون . وعلى كل من يريد ان يصادر ظاهرة علمية أو اجتماعية أو سلوكية ، أن يصادر أسبابها الحقيقية لا المدعاة .

ومن ثم نؤكد – وما نؤكده هنا ليس تسويغا – أن مقاومة الظواهر السلبية في الحياة الاجتماعية ، يتطلب تقويما موضوعيا دقيقا ، وتحليلا علميا حقيقيا يساعد الخبراء على الإحاطة بالظاهرة ، ونفي أسبابها المتمثلة في أشكال الإرهاب السلطوي ، الإرهاب الفاعل للجم شرور الإرهاب المنفعل ووضع حد لجرائمه.

إن الغلو لا يحارب بالغلو ، وأن الإرهاب لا يحارب بالإرهاب . فنحن نعلم ، وكل العقلاء يعلمون أن في ثنايا هؤلاء الناس الكثير من المضللين الذين يحتاجون إلى الرعاية والتنوير ، وإعادة التأهيل في عملية متكاملة لمشروع الاستنقاذ و الإنقاذ..

ندين الإرهاب ..

ونستنكر سلوك الإرهابيين ، كما نستنكر الاستثمار في هذه الظاهرة ، والتذرع بجرائم الإرهابيين ، لإيقاع المزيد من الضحايا ، ونشر المزيد من الخوف والكراهية والبغضاء ، بين الناس أجمعين ...

" قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني "

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين