أنساب علماء الإسلام

يتردد هذه الأيام على صفحات الواتس بكثرة، هذا التسجيل المرئي الذي يقرر فيه هذا المذيع بقناة صفا الفضائية، بحماسة وثقة، أن أصحاب المصنفات الحديثية الأشهر، والمعروفة بمصطلح (الكتب الستة) جميعَهم كانوا من أصول عربية، وإنْ كانت إقامتهم في بلاد العجم بمقتضى الفتوحات الإسلامية التي اقتضت خروج كثير من العرب من جزيرتهم ليستوطنوا البلاد المفتوحة في مختلِف جهات الأرض.

وقد وردني هذا التسجيل في ثنايا الأيام القريبة الماضية، من سبع جهات على الأقل، أكثرهم يرسله على أنه معلومة طريفة جديدة، والأقل منهم أرسله مستغربا، يسال عن مدى صحة هذه المعلومات؟؟؟؟

ومن واقع التجربة مع وسائل التواصل فيما تحمله من منشورات علمية أو سياسية أو طبية أو اجتماعية، أصبح من الواجب التعامل مع تلك المنشورات بروح التهمة حتى تثبت البراءة.

ولدى البحث والتتبع تَبَيَّن أن المذيع في هذا التسجيل المصور يتكلم بنَفَس سياسي موجَّه، حمله على تجاهل أو تزوير بعض الحقائق العلمية التاريخية، إشباعا للأهواء السياسية، وقد زاد في التلبيس والتضليل عندما عزى هذا الجزم بعروبة أصحاب الكتب الستة إلى كتاب "عروبة العلماء المنسوبين إلى البلاد الأعجمية في المشرق الإسلامي" لمؤلفه الدكتور الباحث ناجي معروف الأعظمي، رحمه الله.

وعند الرجوع إلى الكتاب الموجود على شبكة المعلومات بصيغة pdf وجدت نفسي أمام معلومات تُحتّم عليّ - للأسف - الحكمَ على المذيع بتعمد الكذب على الكتاب وصاحبه.

وهنا الكتاب

لم يقل صاحب الكتاب إن أصحاب الكتب الستة كلهم كانوا عربا كما افترى عليه المذيع، وإنما أثبت عروبة ثلاثة منهم دون ثلاثة.

وذلك أنه وضع جدولا طويلا استغرق نحوا من سبع عشرة صفحة، بدءا من الصفحة الثامنة من الجزء الأول، جعل عنوانه:

(ثلة من العلماء العرب المنسوبين إلى البلاد الأعجمية في المشرق الإسلامي مرتبين حسب وفَيَاتهم)

وقد غطى هذا الجدول أسماء أربع وثلاثمائة من علماء المسلمين العرب، المنسوبين إلى البلاد الأعجمية في المشرق الإسلامي، على مدى أربعة قرون وربع القرن، بدءا من سنة 38 هـ وفيها ذَكَرَ الصحابي صهيبا الرومي، وقال عنه: عربي من بني النَّمِر بن قاسط من ربيعة.

وانتهاءً بسنة 434 هـ وفيها قال: أبو ذرٍ الهَرَوي. عربي من الأنصار.

وقد سهَّل علينا عنوانُ الجدول، معرفة تصنيف أصحاب الكتب الستة، إن كانوا من العرب أم لا؟ بحسب رأي المؤلف.

وهلمَّ فلأضع بين يدي القارئ تاريخ وفيات أصحاب الكتب الستة لنعرضها على الجدول المذكور.

البخاري: 256 هـ

مسلم: 261 هـ

ابن ماجه: 273 هـ

أبو داود: 275 هـ

الترمذي: 279 هـ

النسائي: 303 هـ

فلما نظرت في وفيات سنة 256 هـ في الجدول المذكور، لم أجد للإمام البخاري المتوفَّى في تلك السنة، ذِكرًا. إذًا فهو ليس من العرب في نظر مؤلف الكتاب.

ولما نظرت في وفيات سنة 261 هـ التي هي سنة وفاة الإمام مسلم، وجدته يقول: الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري عربي من قُشَير.

ولما نظرت في وفيات سنة 273 هـ التي هي سنة وفاة الإمام ابن ماجه، لم أجد له في الجدول ذكرا. إذًا فهو ليس من العرب في نظر مؤلف الكتاب.

ولما نظرت في وفيات سنة 275 هـ التي هي سنة وفاة الإمام أبي داود، وجدته يقول: الإمام أبو داود السجستاني عربي من الأزد.

ولما نظرت في وفيات سنة 279 هـ التي هي سنة وفاة الإمام الترمذي، وجدته يقول: الإمام أبو عيسى الترمذي عربي من سُليم.

ولما نظرت في وفيات سنة 303 هـ التي هي سنة وفاة الإمام النسائي، لم أجد له في الجدول ذكرا. إذا فهو ليس من العرب في نظر مؤلف الكتاب بحسب الجدول المذكور.

ثم وجدت المؤلف الدكتور ناجي معروف، يتحدث عما يتعلق بأصحاب الكتب الستة على وجه الخصوص فيقول في ص 57 من الجزء الأول ما نصه: فلقد أدهشني أن أجد مثلا أن الأئمة الستة الكبار أصحاب الصحاح الستة ينتمون بأسْرهم إلى بلدان أعجمية، حتى ظننت كما ظن غيري أنهم جميعا من الأعاجم، ولكن الذي سرّى عني وخفف من دهشتي أن أجد بينهم ثلاثة من أصول عربية صريحة، وواحدا يُرجح أنه عربي هو الإمام النسائي. اهـ

فماذا تقول أيها القارئ عن هذا المذيع الذي عدّد أصحاب الكتب الستة بأسمائهم، ثم قرر بتبجح أنهم جميعا عرب، ثم أحال المشاهدين إلى كتاب "عروبة العلماء المنسوبين إلى البلاد الأعجمية" الذي كشف زيف دعواه، وفضح افتراءه على الكتاب وصاحبه؟!!

إذًا فذوو الأصول العربية يقينا، من أصحاب الكتب الستة، ثلاثة فحسب، وهم:

الإمام مسلم بن الحجاج القشيري نسبا، النيسابوري بلدا.

والإمام أبو داود، سليمان بن الأشعث، الأزدي نسبا، السجستاني بلدا.

والإمام أبو عيسى، محمد بن عيسى السُّلَمي نسبا، الترمذي بلدا.

أما الإمام البخاري، والإمام ابن ماجه، والإمام النسائي، فليسوا من أصول عربية، بحسب هذا الكتاب الذي أحالنا إليه المذيع المذكور. ولا يضيرهم ذلك بحمد الله شيئا.

وهذا هو المقرر في كتب التراجم وكتب علوم الحديث. وإن كان في شأن الإمام النسائي احتمال مرجوح كما سنرى.

فأما الإمام البخاري فقال الحافظ ابن حجر، أحد أشهر شراح صحيح البخاري، في مقدمة شرحه التي سماها: (هدي الساري) عند ترجمة الإمام البخاري صاحب الصحيح: هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه الجُعْفي ... وبَرْدِزْبَه بالفارسية: الزراع. كذا يقوله أهل بخارَى. وكان بَرْدِزْبَه فارسيا على دين قومه، ثم أسلم ولده المغيرة على يد اليمان الجُعْفي، والي بخارى. فنسب إليه نسبة ولاء، عملا بمذهب من يرى أن من أسلم على يده شخص كان ولاؤه له. وإنما قيل له الجُعْفي لذلك. اهـ

وقال الحافظ الذهبي في ترجمته في سِيَر أعلام النبلاء: أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُغِيْرَةِ بنِ بَرْدِزْبَه، وَقِيْلَ: بَذْدُزْبَه، وَهِيَ لَفْظَةٌ بخَارِيَّةٌ، معنَاهَا الزرَّاعُ. أَسلَمَ المُغِيْرَةُ عَلَى يَدِي اليَمَان الجُعْفِيِّ وَالِي بُخَارَى، وَكَانَ مَجُوْسِيّاً. اهـ

أقول: فلا مجال بعد ذلك للتردد أو التشكيك في أن الإمام البخاري رحمه الله فارسي النسب. وذلك بحمد الله لا يضيره.

فكيف يجزم المذيع بأنه عربي النسب، وينسب ذلك الجزم زورا إلى كتاب الدكتور ناجي معروف؟!

وأما الإمام ابن ماجه، فيقال له القَزويني، نسبة إلى قَزوين، في بلاد أصبهان، وهي اليوم إحدى المحافظات الإيرانية. الرَّبَعي، نسبة إلى قبيلة ربيعة العربية. ولكنها نسبة ولاء لا نسبة ولادة.

فقد جاء في ترجمته في كتاب (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) لابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ) في وفَيات سنة ثلاث وسبعين ومائتين، ما نصه: محمد بن يزيد أبو عبد الله ابن ماجة مولى ربيعة..اهـ

وجاء في ترجمته في كتاب (وفَيات الأعيان) لابن خِلِّكان المتوفى سنة 681 هـ ما نصه: ابن ماجه. أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه الرَّبَعي بالولاء، القزويني الحافظ المشهور، مصنف كتاب السنن في الحديث..اهـ

وجاء في ترجمته في كتاب (سير أعلام النبلاء) للحافظ الذهبي ما نصه: قَالَ القَاضِي أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: كَانَ أَبُوْهُ يَزِيْدُ يُعْرَفُ بِمَاجَهْ، وَوَلاؤُهُ لِرَبْيْعَةَ.

فهذا نص من أئمة علماء التاريخ والتراجم والرجال، بأن ابن ماجه لم يكن عربي النسب كما زعم المذيع في التسجيل موضوع البحث، ونسبَه زورا لكتاب "عروبة العلماء" للدكتور ناجي معروف.

وأما الإمام النسائي، فقد نسبه عامة المترجمين له، الذين وقفت عليهم، إلى مدينة نَسَا، أو نَسَأ. على خلاف بين اللغوين في لفظها، كما نسبوه إلى إقليم خراسان، ولم يُشِر أحد منهم إلى أنه أصله عربي.

ولذلك لم يذكره الدكتور ناجي معروف في الجدول الذي سبق ذكره في كتاب "عروبة العلماء المنسوبين إلى البلاد الأعجمية" وإن كان قد رجح لا حقا أنه عربي كما نقلنا عنه، وترجيحه في نظري مرجوح، لأنه لم يذكر لذلك الترجيح وجها.

قال الحافظ الذهبي في ترجمة النسائي في "سير أعلام النبلاء" النَّسَائِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ عَلِيٍّ الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، نَاقِدُ الحَدِيْثِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ عَلِيِّ بنِ سِنَانَ بنِ بَحْرِ الخُرَاسَانِيُّ، النَّسَائِيُّ، صَاحِبُ (السُّنَنِ). اهـ

وقال ابن خلِّكان في ترجمته في "وفَيات الأعيان": النسائي أبو عبد الرحمن، أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر النسائي، الحافظ؛ كان إمام أهل عصره في الحديث، وله كتاب السنن. اهـ

وقال عنه ابن العماد الحنبلي في كتابه "شذرات الذهب في أخبار من ذهب" في أحداث سنة ثلاث وثلاثمائة: وفيها توفي الإمام، أحد الأعلام، صاحب المصنفات، التي منها «السنن» أبو عبد الرّحمن أحمد بن شعيب بن علي النّسائي، نسبة إلى نسا مدينة بخراسان. اهـ

فهذا ما يتعلق بأصول أنساب أصحاب الكتب الستة.

وأما ما يتعلق بظاهرة تمكن المسلمين غير العرب، من العلوم الإسلامية والعربية، وبراعتهم الباهرة في ذلك، وتفوقهم أحيانا على المسلمين العرب من حيث الكثرة أو من حيث الإتقان، فهذا أمر ملحوظ بوضوح على مدى التاريخ العلمي والاجتماعي لأمة الإسلام، لا يمكن إنكاره.

كما لا يصح توظيفه في الحط من شأن عرق العرب، ولا الإعلاء من شأن غير العرب على حساب العرب، كما هو شأن الشعوبيين الأولين الذين ظهروا في العصر العباسي، يدَّعون فضل العجم على العرب، أو الشعوبيين الجدد الذين يدينون ببغض العرق العربي حمية لأعراقهم التي تمثل أقليات في البلاد الإسلامية العربية.

وأرى أن من الخطأ المنهجي الفاحش أن يرضى المذيع المذكور، أو الضيف الذي كان يحاوره، أو القناة التي يمثلها، أو غيرُهم من الباحثين والإعلاميين والكُتاب المسلمين، بأن يُستجروا إلى ساحة التنافس القومي العرقي المقيت، في تجاذب أسماء أفذاذ علماء الإسلام، لنسبتهم إلى هذا العِرق أو ذاك.

إن أولئك العلماء أنفسهم، لا يعترفون بهذه المعركة من أساسها، ومعاذ الله أن يرضوا لأنفسهم أن يكونوا مادة لهذا التجاذب والتنافس الذي ما أنزل الله به من سلطان.

إن أولئك العلماء الفضلاء الصلحاء، عندما كانوا يُسهرون لياليَهم في قراءة العلم وتدوينه، ويتجشمون عناء الرحلة - على شدتها - بين أقطار الأرض لتوثيقه وتلقيه عن أهله، لم يفعلوا ذلك خدمةً لقومية عربية أو فارسية أو رومية أو إعلاءً لعرق كردي أو تركي أو بربري.

وإنما حملهم على ذلك ما يرجون من القربة والشرف في طلب علم الدين، وخدمة كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، رواية ودراية، وعقيدة وشريعة، وخدمة ما يخدُم علم الدين من علوم الآلة، من نحو وصرف وبلاغة ومعاجم وتراجم وأدب وتاريخ ومنطق...

يجب أن يَحملنا صدقُ انتمائنا وولائنا للإسلام العظيم، على أن نعتبر كل عَلَم من أعلام الإسلام في العِلم أو الجهاد أو السياسة أو الإدارة... إضافة لنا وقوة لديننا على كل حال، أيا كان عرقه أو بلده أو لغته، لأن هذا العَلَم أو ذاك - أوَّلا وقبل كل شيء – هو من رجالات ديننا الإسلامي، هذا الدين الذي هو معقد عزنا، ورأس مال سعادتنا ونجاتنا في الدنيا والآخرة. 

إن قال لنا الشعوبيون الفرس: إن البخاري وسيبويه - مثلا - كانا فارسيين، أو قال لنا الشعوبيون الكرد: إن صلاح الدين الأيوبي - مثلا - كان كرديا.

قلنا لهم: نعم صدقتم، وهم مع ذلك لنا ومنا، لا لكم ولا منكم.

وبهذا نصون أنفسنا وعلماءنا وأعلامنا عن الابتذال في هذه المنافسة القومية الخاطئة، والمعركة الشعوبية الخاسرة.

لكن هذا لا يعني بحالٍ، إهمالَ معرفة أنساب العلماء ومعرفة أقوامهم وبلدانهم وأزمانهم وأخلاقهم وسائر أخبارهم، لأن كل ذلك داخل في التعريف بمن يؤخذ عنه العلم وتشخيصِه، وهذا التعريف المفصل بحمَلة علم الدين هو المعيار الأهم في توثيق العلم، وفي الإقبال على حامل العلم أو الإعراض عنه، وفي قوة روايته والرواية عنه، أو ضعفهما. وذلك على قاعدة: (انظروا عمّن تأخذون دينكم)

ولذلك فقد عدَّ علماء الحديث معرفةَ أنساب المحدثين والعلماء، ومعرفة من كان منهم من العرب أو من مواليهم، ومعرفة ما إذا كان المراد بالولاء ولاءَ العِتق، أم ولاءِ الحلف، أم ولاءَ الإسلام؟ عدُّوا كل ذلك من أنواع علوم الحديث المعتبرة.

قال العلامة أبو عمرو بن الصلاح، المتوفى سنة 643 هـ في سياق تعداد علوم الحديث في كتابه: "معرفة أنواع علوم الحديث" الشهير بـ: "مقدمة ابن الصلاح":

النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي مِنَ الرُّوَاةِ وَالْعُلَمَاءِ. وَأَهَمُّ ذَلِكَ مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي الْمَنْسُوبِينَ إِلَى الْقَبَائِلِ بِوَصْفِ الْإِطْلَاقِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ فِي الْمَنْسُوبِ إِلَى قَبِيلَةٍ - كَمَا إِذَا قِيلَ: " فُلَانٌ الْقُرَشِيُّ " أَنَّهُ مِنْهُمْ صَلِيبَةً، فَإِذًا بَيَانُ مَنْ قِيلَ فِيهِ: " قُرَشِيٌّ " مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ مَوْلًى لَهُمْ، مُهِمٌّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يُقَالُ فِيهِ: "مَوْلَى فُلَانٍ" أَوْ: "لِبَنِي فُلَانٍ" وَالْمُرَادُ بِهِ: مَوْلَى الْعَتَاقَةِ. وَهَذَا هُوَ الْأَغْلَبُ فِي ذَلِكَ.

وَمِنْهُمْ مَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ لَفْظُ "الْمَوْلَى" وَالْمُرَادُ بِهَا: وَلَاءُ الْإِسْلَامِ. وَمِنْهُمْ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ. فَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيُّ مَوْلَاهُمْ، نُسِبَ إِلَى وَلَاءِ الْجُعْفِيِّينَ لِأَنَّ جَدَّهُ - وَأَظُنُّهُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْأَحْنَفُ – أَسْلَمَ، وَكَانَ مَجُوسِيًّا، عَلَى يَدِ الْيَمَانِ بْنِ أَخْنَسَ الْجُعْفِيِّ، جَدِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيِّ الْجُعْفِيِّ أَحَدِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ.... .

إلى أن قال ابن الصلاح: وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ مَوْلًى بِوَلَاءِ الْحِلْفِ وَالْمُوَالَاةِ، كَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْإِمَامِ، وَنَفَرُهُ هُمْ أَصْبَحِيُّونَ حِمْيَرِيُّونَ صَلِيبَةً، وَهُمْ مَوَالٍ لِتَيْمِ قُرَيْشٍ بِالْحِلْفِ...اهـ

أقول: هذا الاستقصاء في معرفة تراجم حمَلة علم الدين، والذي يعتبر عِلما واسعا من علوم الشريعة قائما بذاته، يسمى: "علم الرجال" وقف الباحثين على ظاهرة لافتة، وهي كثرة حمَلة علوم الشريعة والعلوم المساندة لها من غير العرب، كثرةً تفوق كثرتهم في العرب.

وقد رصد هذه الظاهرة رائد علم الاجتماع، العلامة ابن خَلدون المتوفى سنة 808 هـ في مقدمة تاريخه الشهيرة، المعروفة بـ "مقدمة ابن خلدون" والتي فرغْتُ في منتصف شعبان الفائت من هذا العام 1441 هـ من قراءتها قراءة متأنية عبر دروس أسبوعية مع ثلة من الإخوة الفضلاء.

قال ابن خلدون رحمه الله، في أحد فصول الباب السادس، البالغ ستين فصلا، وهو الباب الأخير من أبواب المقدمة، قال: الفصل الثالث والأربعون، في أن حمَلة العلم في الإسلام أكثرهم العجم.

ثم مضى يقول: من الغريب الواقع أن حمَلة العلم في الملة الإسلامية أكثرُهم العجم، وليس في العرب حملة علم، لا في العلوم الشرعية ولا في العلوم العقلية، إلا في القليل النادر. وإن كان منهم العربي في نسبه، فهو أعجمي في لغته ومرباه ومشيخته، مع أن الملة عربية، وصاحب شريعتها عربي. اهـ

وقبل أن تخالطك ريبة في أن ابن خلدون ربما كان ينتمي إلى عرق غير عربي، فقال هذا الكلام بنفَس الشعوبيين البغيض. فاعلم ان ابن خلدون عربي حضرمي، ينتمي إلى الذؤابة من أنساب عرب حضرموت، فهو من ولد الصحابي وائل بن حجر الحضرمي القحطاني، وكان أبوه حجر من ملوك حضرموت.

ولكن ابن خلدون رحمه الله، لم تعكِّر انتماءه وولاءه لدينه وللحق والحقيقة، شوائبُ المشاعر القومية التي نفخ فيها مثقفو النصارى العرب في أواخر عمر الخلافة العثمانية، وأورى نارَها نشاطُ الحركة الطورانية التي ظهرت في ذلك الوقت تدعو إلى القومية التركية.

وقد تأثر بشعار القومية العربية عامةُ الدارسين والمثقفين العرب الذين جاؤوا بعد ذلك، بنِسب متفاوتة.

وقد جعل الدكتور ناجي معروف رحمه الله، محور كتابه المذكور "عروبة العلماء.." نقضَ ما سماه نظرية ابن خلدون في أن حمَلة العلم في الملة الإسلامية أكثرُهم العجم.

وأقول: قد يؤخذ على ابن خلدون مبالغته الملحوظة في تقرير هذا الأمر حين قال: (وليس في العرب حمَلة علم، لا في العلوم الشرعية ولا في العلوم العقلية، إلا في القليل النادر.)

وقد سبقت المبالغة في هذا الأمر فيما نقله، ثم نقَدَه بلطف، ابنُ الصلاح في المقدمة حين قال: وَفِيمَا نَرْوِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: "لَمَّا مَاتَ الْعَبَادِلَةُ صَارَ الْفِقْهُ فِي جَمِيعِ الْبُلْدَانِ إِلَى الْمَوَالِي إِلَّا الْمَدِينَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَصَّهَا بِقُرَشِيٍّ، فَكَانَ فَقِيهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ غَيْرَ مُدَافَعٍ".

ثم قال ابن الصلاح بعد هذا النقل: قُلْتُ: وَفِي هَذَا بَعْضُ الْمَيْلِ، فَقَدْ كَانَ حِينَئِذٍ مِنَ الْعَرَبِ غَيْرَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ فُقَهَاءُ أَئِمَّةٌ مَشَاهِيرُ، مِنْهُمْ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ، وَجَمِيعُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ مِنْهُمُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَرَبٌ إِلَّا سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ

أقول: وجود المبالغة في كلام ابن خلدون، لا ينفي وجود أصل الظاهرة.

لكن يجب أيضا أن نستحضر في تناول كلام ابن خلدون أربعة أمور:

الأمر الأول: أن ابن خلدون قد أشار بوضوح إلى العلماء العرب المنسوبين إلى البلاد الأعجمية، "الذي هو موضوع كتاب الدكتور ناجي معروف" وذلك في قول ابن خلدون: (وإن كان منهم العربي في نسبه، فهو أعجمي في لغته ومرباه ومشيخته)

فهذه العبارة من ابن خلدون غطّت كل ما أراد قوله الدكتور ناجي معروف في كتابه الذي سماه: (عروبة العلماء المنسوبين إلى البلاد الأعجمية في المشرق الإسلامي)

فابن خلدون يُقر بوجود علماء أعاجم في اللغة والنشأة والشيوخ، ولكنهم عرب من حيث النسب. وهذا هو نفسه موضوع كتاب الدكتور ناجي "عروبة العلماء"

الأمر الثاني: أن ابن خلدون لم يطلق نظريته تلك من فراغ، وإنما صاغها من خلال الواقع الذي رصده. فهي أقرب إلى توصيف الأمر منها إلى التنظير له، وانظر إلى تعبيره بكلمة "الواقع" في قوله: (من الغريب "الواقع" أن حمَلة العلم في الملة الإسلامية أكثرُهم العجم)

وفي توصيف ذلك الواقع قال ابن خلدون في ذلك الفصل من مقدمته:

فكان صاحبُ صناعة النحو سيبويه، والفارسيَّ من بعده، والزجّاجَ من بعدهما، وكلهم عجم في أنسابهم. وإنما رُبُّوا في اللسان العربي، فاكتسبوه بالمربى ومخالطة العرب، وصيروه قوانين وفناً لمن بعدهم.

وكذا حملة الحديث الذين حفظوه على أهل الإسلام أكثرهم عجم أو مستعجمون باللغة والمربى لاتساع الفن بالعراق.

وكان علماء أصول الفقه كلهم عجماً كما يُعرف، وكذا حمَلة علم الكلام، وكذا أكثر المفسرين. ولم يقم بحفظ العلم وتدوينه إلا الأعاجم. وظهر مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: " لو تعلق العلم بأكناف السماء، لناله قوم من أهل فارس". اهـ

قلت: أصل هذا الحديث في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَذَهَبَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ فَارِسَ. أَوْ قَالَ: مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ، حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ.

أقول: ولاحِظْ قول ابن خلدون: (وكذا حملة الحديث الذين حفظوه على أهل الإسلام أكثرهم عجم أو "مستعجمون باللغة والمربى لاتساع الفن بالعراق") فهو مرة أخرى يقول ما أراد قوله الدكتور ناجي معروف في كتابه (عروبة العلماء المنسوبين إلى البلاد الأعجمية في المشرق الإسلامي)

فعبارة ابن خلدون مطابقة تماما لمعنى عنوان كتاب الدكتور ناجي، عن وجود علماء في بلاد العجم أصلهم عربي، ولكنهم استعجموا بالعيش في بلاد العجم، حتى ظنهم الناس من العجم نسبا وعرقا..

الأمر الثالث: أن ابن خلدون رحمه الله، قد علل تلك الظاهرة التي رصدها، وبيَّن سببها، ووجَّهها توجيها وجيها من منظور علم الاجتماع الذي يعتبر الشيخ من أساطينه.

وهلمَّ فلنقرأ بتجرد وحياد قوله في تعليل تلك الظاهرة: والسبب في ذلك أن الملة في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة، لمقتضى أحوال السذاجة والبداوة، وإنما أحكام الشريعة التي هي أوامر الله ونواهيه، كان الرجال ينقلونها في صدورهم، وقد عرفوا مأخذها من الكتاب والسنة بما تلقوه من صاحب الشرع وأصحابه، والقوم يومئذ عرب لم يعرفوا أمر التعليم والتأليف والتدوين، ولا دُفعوا إليه، ولا دعتهم إليه الحاجة.

وجرى الأمر على ذلك زمن الصحابة والتابعين، وكانوا يسمُّون المختصين بحمل ذلك ونقله: القراء. أي الذين يقرؤون الكتاب وليسوا أميين، لأن الأمية يومئذ صفة عامة في الصحابة بما كانوا عرباً، فقيل لحملة القرآن يومئذ قراء، إشارة إلى هذا. فهُمْ قراء لكتاب الله والسنة المأثورة عن الله، لأنهم لم يعرفوا الأحكام الشرعية إلا منه. ومن الحديث الذي هو في غالب موارده تفسير له وشرح. قال صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي" فلما بعُد النقل من لدن دولة الرشيد فما بَعْد، احتيج إلى وضع التفاسير القرآنية، وتقييد الحديث مخافة ضياعه، ثم احتيج إلى معرفة الأسانيد وتعديل الناقلين، للتمييز بين الصحيح من الأسانيد وما دونه، ثم كثر استخراج أحكام الوقائع من الكتاب والسنة، وفسد مع ذلك اللسان، فاحتيج إلى وضع القوانين النحوية، وصارت العلوم الشرعية كلها ملكات في الاستنباط والاستخراج والتنظير والقياس، واحتاجت إلى علوم أخرى هي وسائل لها: من معرفة قوانين العربية وقوانينِ ذلك الاستنباط والقياس والذب عن العقائد الإيمانية بالأدلة لكثرة البدع والإلحاد، فصارت هذه العلوم كلها علوماً ذات ملكات محتاجة إلى التعليم، فاندرجت في جملة الصنائع.

وقد كنا قدمنا أن الصنائع من منتحل الحضر، وأن العرب أبعد الناس عنها، فصارت العلوم لذلك حضرية وبعُد العرب عنها وعن سوقها. والحضر لذلك العهد هم العجم، أو من في معناهم من الموالي وأهل الحواضر الذين هم يومئذ تبع للعجم في الحضارة وأحوالها من الصنائع والحِرَف، لأنهم أقوم على ذلك، للحضارة الراسخة فيهم منذ دولة الفرس.

وأما العرب الذين أدركوا هذه الحضارة وسوقها وخرجوا إليها عن البداوة فشغلتهم الرياسة في الدولة العباسية وما دُفعوا إليه من القيام بالملك عن القيام بالعلم والنظر فيه، فإنهم كانوا أهل الدولة وحاميتها وأولي سياستها، مع ما يلحقهم من الأنفة عن انتحال العلم حينئذ بما صار من جملة الصنائع. ... انتهى ما أردنا نقله من كلامه في ذلك.

أقول: وهو تعليل في نظري واقعي وجيه، ولا ينفي أن له استثناءات، ولكن الحكم للأعم الأغلب.

الأمر الرابع: أن ابن خلدون المتوفى في أوائل القرن التاسع (808 هـ) ليس أول من رصد ظاهرة تفوق غير العرب من المسلمين، على المسلمين العرب في العلم والرواية.

فقد تم رصد ذلك والحديثُ عنه منذ القرن الأول، في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، الذي كانت خلافته بين (65 و 86 هـ) وذلك في الحوارية الرائعة التي جرت بينه وبين أحد أشهر أئمة العلم والرواية، وأول من جمع الحديث والأثر، الإمام العربي القرشي محمد بن شهاب الزهري رحمه، الذي يحكي ما دار بينه وبين الخليفة عبد الملك، في قَدْمَةٍ قدِمها عليه في دمشق، فيقول: قَدِمْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ يَا زُهْرِيُّ؟ قُلْتُ: مِنْ مَكَّةَ.

قَالَ: فَمَنْ خَلَّفْتَ بِهَا يَسُودُ أَهْلَهَا؟

قُلْتُ: عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟

قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي.

قَالَ: وَبِمَ سَادَهُمْ؟

قُلْتُ: بِالدِّيَانَةِ وَالرِّوَايَةِ.

قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الدِّيَانَةِ وَالرِّوَايَةِ لَيَنْبَغِي أَنْ يَسُودُوا.

قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْيَمَنِ؟ قُلْتُ: طَاوُوسُ بْنُ كَيْسَانَ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟

قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي.

قَالَ: وَبِمَ سَادَهُمْ؟

قُلْتُ: بِمَا سَادَهُمْ بِهِ عَطَاءٌ. قَالَ: إِنَّهُ لَيَنْبَغِي ذَلِكَ.

قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ مِصْرَ؟ قُلْتُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟

قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي.

قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الشَّامِ؟ قُلْتُ: مَكْحُولٌ.

قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟

قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي، عَبْدٌ نَوْبِيٌّ أَعْتَقَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ.

قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْجَزِيرَةِ؟ (يقصد الجزيرة الفراتية)

قُلْتُ: مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ.

قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟ قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي.

قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ خُرَاسَانَ؟

قُلْتُ: الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟

قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي.

قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ؟ قُلْتُ: الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ. (يقصد: الحسن البصري) قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟

قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي.

قَالَ: وَيْلَكَ! فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْكُوفَةِ؟

قُلْتُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ.

قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟

قُلْتُ: مِنَ الْعَرَبِ.

قَالَ: وَيْلَكَ يَا زُهْرِيُّ! فَرَّجْتَ عَنِّي، وَاللَّهِ لَتَسُودَنَّ الْمُوَالِي عَلَى الْعَرَبِ، حَتَّى يُخْطَبَ لَهَا عَلَى الْمَنَابِرِ وَالْعَرَبُ تَحْتَهَا.

قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا هُوَ أَمْرُ اللَّهِ وَدِينُهُ، مَنْ حَفِظَهُ سَادَ، وَمَنْ ضَيَّعَهُ سَقَطَ.

هذه الحوارية التي انتهت بكلمة الإمام الزهري القوية الصريحة المنصفة، نقلها الإمام أبو عمر الصلاح في مقدمته "معرفة أنواع علوم الحديث"

ونقلها أيضا الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء، في سيرة عطاء بن أبي رباح.

ونقلها الحافظ المِزّي في تهذيب الكمال، في ترجمة عطاء أيضا.

ورواها بسنده إلى الزهري، ابنُ عساكر في تاريخ دمشق.

وقبل هؤلاء جميعا، رواها بسنده إلى الزهري الحاكم أبو عبد الله النيسابوري، المتوفى سنة 405 هـ في كتابه "معرفة علوم الحديث" تحت عنوان قال فيه: ذِكرُ النوع الثالث والأربعين من علوم الحديث، هذا النوع من معرفة هذه العلوم معرفة الموالي وأولاد الموالي من رواة الحديث في الصحابة والتابعين وأتباعهم. اهـ

والسؤال بعد هذا: هل يصح تجاهل كل هذه الحقائق والوقائع، لنتبنى قول ذلك المذيع الخارج تماما عن منطق العلم ومقتضى النقل وواجب الصدق والإنصاف؟

هذا والله أعلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين