هارفارد ما بتعرفش حاجة؟!

تصنع بعض المؤسسات في حياتنا مصداقيتها، من خلال تاريخ طويل من الجدية والعطاء والمحافظة على المنهج، وتضيّع جهات أخرى مصداقيتها، فلا تملك أي ثقل في نفوس الناس، ولا كرامة في الحقيقة.
وخذ الجامعات لذلك مثلاً، وستجد بعضها جادة محترمة، تعطيك الشهادة بقلع الضرس وفقع المرارة، وتجد بعضها جامعات زور.. تافهة.. غشاشة، تبيعك الدكتوراه بخمسين جنيه - وفوقهم بوسة - وتبقى سيادتك دكتور كبييييييير جدًّا، وانت يدوب إعدادية، ولو حلفت لي على البخاري أن حضرتك قد تدكترت فسيظل الشك مسيطرًا علي، وعدم التصديق يحيط بعقلي؛ لأن الروايح النتنة تزكم الأنوف.
وهناك مراحل للجامعة قد تكتسب فيها سمعة عظيمة لأنها خرّجت عظماء، ومراحل نكون فيها الجامعة ذاتها روضة، أو - بالكتير - مدرسة ابتدائية، لأنها تخرج أناسًا مضروبين معطوبين، من برّا هللا هللا، ومن جوه يعلم الله، إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم، وإذا بلوتهم وجدتهم فقاقيع أو طبولاً فارغة.
ومن الجامعات ذات السمعة الحسنة إدنبرة، والسوربون، وأوكسفورد، وييل، وهارفارد وأسماء أخرى لا أذكرها، لكن شيئًا نشرته الراية الأسبوع الفائت صدمني، وجعلني أشك حتى في هذه الجامعات النخبوية المتميزة، وأعتقد أنها صارت مثل الجامعات النصابة إياها، فقد خرجت علينا دراسة من هارفارد تخالف الإعلام الغربي كله، وتناقض الساسة الذين يتحدثون بقرف عن الإسلام، لتقول إن ديننا حلو وزين ولا غبار عليه!
طيب دا كلام؟
هما مفكرين نفسهم إيه؟ يعني لا مستر بلير ولا بوش ولا برلسكوني ولا غيرهم ماليين عيون التيوس دول اللي في هارفارد؟
إيه العقلية الغريبة الغريبة دي؟ وهل من المنطق أن يخالفوا أسيادهم وساستهم وأولياء نعمتهم؟
وكيف يزعم هؤلاء الهارفارديون أن الإسلام أحلى منهج؟ وأنظف أسلوب حياة؟
إيه اللي بوَّظ الجامعات بالشكل دا؟!
الحكاية أن هارفارد أخرجت دراسة زعمت أنها علمية، وختمتها بنصيحة للستات الأمريكيات بالاقتداء بالمسلمات، كحل للقضاء على الانحلال الخلقي والأمراض الجنسية اللي خاربة بيوتهم، وهادّة حيلهم.
ولاحظت الدراسة التي أجريت لمقارنة نسب انتشار الأمراض الجنسية بين المسلمات والأمريكيات، بأن النسبة في العالم الإسلامي تكاد تكون معدومة (نصف في الألف) وأن الإيدز - والأمراض الجنسية الأخرى - ليس إلا مخاوف تعتري الأسرة المسلمة فقط إذا سافر أحد أبنائها للغرب، وكان غير متمسك بدينه، أما داخل المجتمع الإسلامي فالجميع يعيشون باطمئنان تام، واستقرار اجتماعي جيد - مقارنة بالحال هناك - والممارسة الجنسية خارج إطار الزواج ضئيلة.
بل إنه حتى الجاليات المسلمة التي تعيش وفق تعاليم الإسلام هناك، لا تعاني من أية أمراض، كما تتمتع باستقرار يساعدها على التقدم اجتماعيًّا وماديًّا.
وأشارت الدراسة (الهارفاردية المتطرفة) إلى أن احتشام المسلمة من أهم أسباب الاستقرار الاجتماعي، ودعت (جميع الأمريكيات) إلى تقليد المسلمات في السلوك، وفي المحافظة على الوقار والحشمة، كسبيل وحيد (لإنقاذ المجتمع الأمريكي من الانحدار في طريق اللاعودة، والتدهور الأخلاقي، وانتشار الأمراض المستعصية التي أفرزتها العلاقات السائبة).
الجدير بالذكر أن هذه لم تكن أول دراسة تجريها هارفارد لتعترف فيها أن الإسلام جاء بمفاهيم وأسس جديدة لصالح الجنس البشري؛ فقد أعدت كلية الطب بها بحثًا يؤكد أن الجذام لا يصيب المسلم الذي يصلي بانتظام؛ إذ إن الماء الفاتر هو العلاج لهذا الداء؛ ولأن المسلم يتوضأ مرات يوميًّا، فإنه لا يعرف له طريقًا.
وبجوار هارفارد شهد المعهد الوطني لبحوث العناية الصحية في ميريلاند بمثل هذه الشهادة، بعد أن أجرى دراسة خاصة عن الإسلام وشعائره، قالوا فيها إن أداء الشعائر يصنع شخصًا سليمًا نفسيًّا وطبيًّا، متمتعًا بصفاء نفسي رائع!
والمثير في الأمر أن جريدة عقيدتي التي نشرت الخبر، قالت إن بعض علماء الولاية رفضوا هذه الدراسة في البداية، وقاموا بمسح شمل 126 ألفًا من المتدينين المسلمين وغيرهم، على أمل أن تكون النتيجة في غير صالح الإسلام، لكن النتيجة كانت مدهشة لهم، بل أضافت أن المسلم المتدين تزيد مناعته إلى 15 بالمائة عن غيره، وأنه أقل عرضة للإصابة بالأزمات القلبية.
الخلاصة من هذا كله أن المسيوهات بتوع هارفارد صاروا زي الجامعات الإسلامية والشرق أوسطية السَّكّة، وبدؤوا يفقدون مصداقيتهم العلمية، فليس من المنطقي أن يكونوا هم مصيبين والدنيا كلها غلط؟
إن على الأرض السعيدة ستة ملايين فضائية، وستاشر مليون جرنان، وخمسين مليون إذاعة، وتريليون تصريح سياسي تلعن جدود الإسلام، وتهيئ بمكر شيطاني لاستئصاله في هرمجدون بطيئة وهادئة وأكيدة المفعول، لا تصطنع مواجهة العالم الإسلامي كله دفعة واحدة، وإنما تأكله حتة حتة، قطمة بقطمة، بعد أن صار لحمًا على وضم، أو قصعة منتهبَة (بلغة النهاردة: بوفيه مفتوح/ Open Puffet ) اللي عايز يلهط يتفضل، بشرط أن يسب الدين، ويهدم القيم والأخلاق، ويكون ماهرًا في اصطناع سيناريو للاجتياح، ويوظف إمكاناته لتبرير ما يفعل، حتى لو داس أي حاجة كانت تحترمها البشرية، ويكون عنده من الصفاقة ما يجعله يقول للصديق قبل العدو: اللي مش عاجبه يشرب من البحر! مع هذا المد التتري، والاجتياح الجرادي، تطلع علينا هارفارد لتقول إن الإسلام حلو؟
إيه يا هافارد؟ إنت شاربة واللا حاجة؟
انت مش هاتجيبيها البر يا بنت الحلال، فاسكتي وداري على شمعتك، حتى لا يكتشف العالم فجأة أن فيك خلايا نايمة، وخلايا قاعدة، وخلايا ذات علاقة بأوشفيتز والهولوكوست، وتتحولين إلى جامعة متسولة، تعطي الماجستير بتلفزيون ملون، والدكتوراه بسيارة لادا!
يا هارفارد: كل العالم يتحدث الآن عن (التطرف الإسلامي) حتى جرايدنا العربية الوطنية الحرة، فهل تتخيلين أنك قادرة على تغيير هذا الرأي العالمي الأممي المؤسساتي؟!
يا هارفارد: إنما هي سنوات، وسيعلَن بالصوت الحياني أن كل عربي ابن ستين في سبعين، وكل طفل هو مشروع إرهابي، وكل شخص يحمل جينات عربية، أو سحنة شرق أوسطية هو خطر على السلام العالمي، ابتداء بشيخ الأزهر وإمام الحرمين، وانتهاء بربة العفاف نانسي بعجر..
وبكرة يا أمة تصحي!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين