افتراضُ العاقل نفسَه في موقع صانع القرار يغيّر صورة تفكيره ولا يدعه يفكّر في فراغ!

حين يفكّر العاقل، في حالة ما، يَصعب عليه التصرّفُ السليم، القريب من الواقع، دون أن يضع نفسَه، من خلال تفكيره، ضمن الحالة التي يفكّر فيها! ويَخصّ هذا، بالطبع، الحالات التي تحتاج إلى تفكير.. أمّا الحالات العادية البسيطة، التي لاتحتاج إلى تفكير، فغالباً مايتعامل المرء معها، ببساطة وتلقائية؛ كمساعدة محتاج، أو التصدّق على فقير، أو إنقاذ غريق، أو المساعدة في إطفاء حريق..أو نحو ذلك!

أمّا مايحتاج إلى تفكير، من النوع العميق، أو الشامل، في التعامل الإيجابي، مع الحالة التي يفكّر بها العاقل..أمّا هذا النوع من التفكير، فقلّما يستطيع المرء، دونه، التعاملَ مع الحالة المعروضة، أو المفروضة عليه، ونحسب بعض النماذج، يوضح هذا الأمر!

افتراضُ النفس، في موقع صانع القرار:

قد يكون القرار معقّداً، سياسياً، أو اجتماعياً، أو اقتصادياً.. وفي هذه الحال، ينبغي، على مَن يتصدّى لدراسته، والتعامل معه، أن يكون قريباً منه، أو ضمن الحالة، بقدر الإمكان، لكي يعرف، كيف يُصنع القرار السليم، المجدي.. وكيف يصنعه صاحبه، المكلف بصناعته؛ لاسيّما إذا كان عدوّاً، ففي هذه الحال، يحب أن يفكّر المرء، بتفكير عدوّه، ليعرف كيف يَصنع قراره، في الظرف الذي هو فيه، وضمن النسق، الذي يَحكم واقعه، محلياً، أو إقليمياً، أو دولياً؛ وذلك كي يتّخذ المرء، الاحتياطات المناسبة، لقرارعدوّه، ويتّقي ما يمكن أن يسبّبه له، أو لشعبه، من ضرر! أمّا الحمقى، الذين يَصعب التكّهنُ، بردود أفعالهم، فأمرُهم يحتاج، إلى خبرة طويلة، ومعرفة عميقة، بمزاج صاحب القرار.. وربّما إلى معرفة المحيطين، بصانع القرارالأحمق، المؤثّرين في مزاجه.. ومعرفة القوى، القريبة والبعيدة، التي يُتوقّع، أن يَحسب صانع القرار الأحمق، ومستشاروه، حسابَها!

وكلّ قرار، يُحسب وَفق آليّاته: سياسياً، أو اجتماعياً، أو اقتصادياً..!

وحين يضع العاقل، نفسَه، موضعَ صاحب القرار، لابدّ من أن يَحسب القوى والمصالح، المختلفة، ويَصنع قراره، المناقضَ لقرار عدوّه، على ضوئها؛ وإلاّ حَكمَ مزاجُه قرارَه، وانطبق عليه قول الشاعر:

وإذا ماخَلا الجبانُ، بأرضٍ=طَلبَ الطعنَ، وحدَهُ، والنِزالا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين