بيت بلا سقف

ماذا لو أن رجلا بنى جدران بيته، وقسّم غرفه، ووزّع منافعه، وصنع أبوابه، ومنافذه، ودهن جدرانه، ثم أتى بمهندسي ديكور ليصمموا له فرْشاً وعفْشاً يناسب منزله، وقضى وإياهم شهوراً في مناقشة الشكل والصنف واللون والهيئة المناسبة للمنزل....ماذا لو حصل هذا؟؟؟!!

سيكون كلام الجميع بأن بناء سقف المنزل الآن أنسب بل أطلب بل أوجب، وأن بيتا بلا سقف يعني أنه لا بيت..

قريبا من هذا حدث في تاريخنا الإسلامي القريب والمعاصر.،وحصل منه البوار..لكنه لا يلقى الاستنكار، ولا معالجة تصحّح العثار...

انشغل فقهاؤنا بالتأليف في أحكام العبادات والمعاملات والمناكحات...

ثم أختصروا المؤلفات..ثم شرحوا المؤلفات، ثم كتبوا حواشي عليها، ثم وضعوا ذيولا على الحواشي..

ثم اختصروها مجددا ثم عادوا فشرحوا الاختصار ثم.......فذهبت الأوقات والجهود في فريضة قام بها أوائل وكفونا المؤونة....ولكن:

فقدت المكتبة الإسلامية التصنيف في علوم هي كالسقف للمنزل...بينما انشغل الفقهاء في الكلام عما يشبه الفرش وتركوا الكلام في السقف..

فقدنا مؤلفات في علم السياسة الشرعية تضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم، دون حيف على المحكومين ولا إجحاف بالحاكمين..

فبدأنا الانحدار في عالم السياسة..لأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة..

بل لم نتكلم - إلا ما ندر - حول وجوب السعي لإقامة النظام السياسي الإسلامي الذي يمكن تحت لوائه تنفيذ كل الأحكام التي ملأت كتب الفقه....

فقدنا صياغة عِلْمٍ لم يفتأ القرآن يوقظ العقول له، ويبعث الأفكار نحوه، وهو علم السنن الكونية والتي هي حاكمة ومطردة وثابتة....

علم السنن الكونية تنبه له الغرب..فانخرطوا فيه، فسبحوا بين الكواكب بعد أن سيطروا على الأرض...ونحن لا نستطيع أن نسبح بين دولتين عربيتين مجاورتين، إلا بتأشيرة تحتاج أياما وربما أشهرا..

أيها الباحثون والفقهاء!!!!!

اتركوا تكرار المكرر، وصناعة المصنّع، وأقبلوا على ميادين أبكارا، هي قواعد في صناعة الأمم والدول...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين