ليلة النصف من شعبان وما ورد فيها من الأحاديث والأخبار 

هذه الليلة من أفضل ليالي السنة، وإحياؤها بالطاعات من صلاة وقراءة للقرآن الكريم، وذكر لله، وغير ذلك من العبادات، فيه استعداد لاستقبال ليالي رمضان المباركة وليلة القدر خاصة، فقد ورد فيها الكثير من الأحاديث الشريفة، التي تحض على إحيائها، ذلك أنّ الله سبحانه وتعالى يتجلى فيها على عباده تجلياً خاصاً يكثر فيه من استجابة الدعاء ومغفرة الذنوب، منها: ما روي عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، (إذا كان ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا من مسترزق فأرزقه، ألا من مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا حتى يطلع الفجر) رواه ابن ماجه في سننه رقم (1388) باب ما جاء في ليلة النصف نت شعبان وورد في كنز العمال رقم 5177 وعزاه إلى البيهقي وفي الترغيب والترهيب 2/199 ، 

وفي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو في البقيع رافعاً رأسه إلى السماء، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟.. فقلت: يا رسول الله؛ ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله تبارك وتعالى يتنزل في ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب) رواه الإمام أحمد في مسنده 6/283 والترمزي في الصوم رقم 739 وابن ماجه رقم 1389 والمنذري في الترغيب والترهيب 2/118 

وعن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله ليطلع إلى خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لعباده إلا اثنين: مشاحن أو قاتل نفس) رواه الإمام أحمد في مسنده، واسناده صحيح 2/176، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/56 والمنذري في الترغيب والترهيب 2/119

وكان سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين يخصون هذه الليلة بمزيد من العبادات والقربات، استعدادا لاستقبال شهر رمضان، فقد روي أنّ بعض التابعين من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم كانوا يعظمونها وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، 

ويروى عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، أنه كتب إلى عامله بالبصرة: (عليك بأربع ليال من السنة، فأن الله يفرغ فيهن الرحمة إفراغاً: أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة الأضحى)(1) ، وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: (بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال: ليلة الجمعة، والعيدين، وأول رجب، والنصف من شعبان، قال: واستحب كلّ ما حكيت في هذه الليالي).

ومن هنا نجد انّ أفضل ما نقوم به في هذه الليلة المباركة 

1. الإقلاع عن الذنوب وإنشاء توبة صادقة 

2. ترك المشاحنات والخصومات ومصالحة كل من كان بيننا وبينه خلاف أو خصومة على أمور دنيوية

3. برّ الوالدين 

4. صلة الأرحام 

5. إحياء هذه الليلة بقراءة القرآن وكثرة الدعاء

6. صيام نهارها مع الأيام البيضاء معه 

أما ما اعتاد عليه الناس في يومنا هذا من الاجتماع في المساجد، وقراءة سورة (يس) عدة مرات، ثم الدعاء بدعاء خاص، يكرره الناس، فلم يرد فيه شيء صحيح، وقد كرهه بعض الأئمة من أهل العلم، يقول الإمام عبد الرحمن بن رجب الحنبلي ( يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء ، ولا يكره أن يصلي الرجل فيها بخاصة نفسه ، وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيهها وهذا هو الأقرب إن شاء الله )

(1) لطائف المعارف ص 263 .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين