اذكروا الله

الذكر هو أداة قياس علاقة الإنسان بربه .

أو بحسب قول بعض العارفين : (الذِكْر مَنْشور الولاية ، فمن أُعطيَ الذِكْر فقد أُعطي المنشور).

فعلامة الولاية لله .. دوام ذكره .

وعلامة رضى الله عن العبد .. أن يلهمه ذكره .

فلولا ولاية الله لك ما ألهمك ذكره ، ولولا اجتهادك ما منحك ولايته .

فجريان ذكر الله على لسانك ، ووروده على خاطرك ، وحضوره في عملك ، علامة رضا الله عنك.

فالذكر علاقة سامية متبادلة بين العبد وربه : (فاذكروني أذكركم).

اذكروني باللسان والقلب والجنان .

أذكركم بالرضا والطمأنينة والسكينة .

فما أسعدك أيها الذاكر المذكور .

ومن كان متأسياً في الذكر ؛ فلن يجد بشرا منذ بدء الخليقة إلى منتهاها ، أوثق بالله عروة وأزكى علاقة من "محمد" صلى الله عليه وسلم بربه .

كان ذِكرُه صلى الله عليه وسلم مدرسة من مدارس تربية الإنسان في واحة الإيمان .

لم يكن ذكره انزواء في الزوايا والتكايا ، بل علمنا أن الذكر قوة دافعة للعمل يبدأ به المسلم يومه من خروجه من منزله :( بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة الا بالله).

علمنا أن الذكر استعاذة من الجبن والبخل والعجز والكسل ..

علمنا أن الذكر رابطة إنسانية راقية :( اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك .. فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر ).

علمنا أن الذكر تفاعل مع الجمال في الكون (سبحان الله).

وظلت مدرسة الإسلام تُنبِت أزهاراً يانعة من بساتين الذكر.

ومن هذه الأزهار "ابن عطاء الله السكندري" الذي تولى الإجابة بأسلوب عجيب عن سؤال يؤرق الذاكرين حول عدم ملازمة حضور قلب الذاكر مع لسانه :

(لا تترك الذكر لعدم حضور قلبك مع الله فيه ، فغفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره ، وعساه أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة ، ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور ، ومن ذكر مع وجود حضور إلى غيبة عما سوى المذكور ، وما ذلك على الله بعزيز ).

إن الذكر كلمات خفيفة على اللسان ؛ وبرغم خفتها وبساطتها فهي ثقيلة على من أبعده الله عن ساحة رضاه.

فإذا أردت أن تراقب علاقتك بربك فراقب علاقتك بذكره .

فالذكر الله جنة الدنيا .. من دخلها .. ضمن مقعده من جنة الآخرة.

(ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين